علي فهد ياسين  – وزارة الداخلية .. فضيحة وتحية ..!!

من جملة التشكيلات الادارية الجديدة في زمن الديمقراطية في العراق، استحداث مكاتب (المفتش العام) في الوزارات العراقية، لضبط الأداء الوظيفي ومراقبة هدر المال العام، كونهما  عمودا الفساد المعيق لتنفيذ برامج اعادة بناء المؤسسات الحكومية التي دمرتها حروب الدكتاتورية منذ عقود .

هذا التشكيل الوظيفي في الجهاز الاداري العراقي لم يؤدي وظيفته النوعية كما ينبغي، بسبب خضوع نشاطه للمحاصصة الطائفية، ولم يسجل اي مكتب مفتش عام (تقاطعاً ) ضد قرارات وزير من حزبه أو كتلته، على الرغم من توفر دلالات ومستمسكات ووثائق قانونية لهذه المكاتب في أكثر من قضية فساد مالي واداري، في أكثر من وزارة طوال الاعوام الماضية .

الجديد في انشطة مكاتب المفتش العام في الوزارات العراقية يحسب لمكتب المفتش العام لوزارة الداخلية، لأنه فاضح ومخيف في احصاءاته الكبيرة لجهة الاهمال مراكز الشرطة، التي تمثل بوابات التواصل مع المواطنين، فقد كشف مكتب المفتش العام لوزارة الداخلية  أمس واليوم ( 5 و6 تشرين ثاني الجاري )، أن مفرزته التفتيشية التابعة لمديرية تفتيش بغداد/ الرصافة رصدت وجود أكثر من 6800 دعوى في مركزي شرطة (السعدون والعلوية) غير منجزة منذ أعوام ..!.

نترك لدائرة المفتش العام في وزارة الداخلية مسؤولية الافصاح عن العدد الحقيقي للدعاوى غير المنجزة في باقي مراكز الشرطة في بغداد والمحافظات، وهو بالتأكيد سيتجاوز مئات الآلاف، لنطالبها لاحقاً باعدادها واجراءات الوزارة والمحاكم لحسمها ومحاسبة المقصرين فيها، وفق بيانات تفصيلية معلنة عبر وسائل الاعلام، ليكون نشاط مفارزها حقيقياً ومثمراً ضد الفساد والفاسدين .

الفارق كبير بين جناحي وزارة الداخلية العراقية في هذا الزمن الصعب، الأول الذي يستحق الأحترام، هو تشكيلات الوزارة التي تساهم في الحرب ضد الأرهاب منذ سقوط النظام الدكتاتوري البائد، والتي تخوض الآن معركة تحرير الأرض العراقية من فلول داعش، والثاني هو (تشكيلات) الفساد المعشعشة في دوائر الوزارة ومراكز الشرطة في عموم العراق .

معلوم أن الذي ينشط في كشف الفساد، يجب أن يواصل مهمته في تقديم الفاسدين الى القضاء، ليقدم للشعب وثائق الحكم عليهم دليلاً على مهنيته ووطنيته وتفانيه في خدمة شعبه، ومن دون ذلك يفقد نشاطه الوظيفي والاعلامي معناه، وينتظم مع الفاسدين في برامجهم المسمومة لتخدير الشعب وتظليله .

على ذلك ينتظر العراقيون انجازهذا الملف النوعي الكبير والخطير،ليبادروا الى تحية وزير الداخلية العراقي السيد ( قاسم الاعرجي )، وتحية المفتش العام للوزارة وفرق التفتيش الناشطة الآن في كشف ملفات الفساد في مراكز الشرطة ودوائر الوزارة، حين تثمرأنشطتهم خيراً في تقديم (طواقم الفساد) الى المحاكم العراقية لينالوا جزائهم، لكن أي تلاعب أو تزوير في ملفات الفساد المضبوطة من قبلهم لاستثناء (بعض) الفاسدين من العقاب، وفقاً للمحاصصة الطائفية والحزبية، وتحميل آخرين وزر فسادهم، سيعيد مياه الفساد الى مجاريها، ويضعهم في موقع المذنبين أمام الشعب العراقي .