الشعب العراقي تاريخ بين ملحمتين جلجامش-وزيارة الاربعينية- ستار الجيزاني

         جلجامش هي ملحمة سومرية تتحدث هذه الملحمة عن الخلود، وتدخل القوى الخارقة المتمثلة بالالهه، كذلك ملحمة زيارة الأربعين وخلودها الأزلي بعد انتصار الخير على الشر بنظرة التصحيح والخلود لا الانتصار الشكلي. آری أن ملحمة الزيارة الاربعينية تفوق وتسمى بمدلولاتها  وأهدافها الإصلاحية على ملحمة جلجامش لكن تبقى هذه الملحمة تاريخ وحضارة. منذ يوم 20 صفر عام 61 هجري وإلى الآن تطبق الزيارة الاربعينية على أرض الواقع وذلك من خلال المسير مشيا على الأقدام إلى ضريح الإمام الحسين (ع) ، رغم ما مر به الزائرين من اضطهاد، وقتل، وسجن إبان الفترات الماضية من حكم العراق لكن كل هذا لن يثني هذا الشعب أمام كل تلك المخاطر التي كانت موجودة في
 الطريق.
أما بعد التغيير الذي حدث عام 2003 في نظام الحكم وسقوط الطاغية “صدام” ظهرت الملحمة بصورتها الحقيقية، ووصل المشهد إلى مرحلة الذروة التي أبهرت العالم ومازالت.زحف بشري مليوني، ومواكب بالآلاف لتقديم خدمات مجانية على طول الطريق الممتد من “رأس البيشة”في محافظة البصرة جنوباً إلى كربلاء
 المقدسة.
نجد أن التوزيع والتنسيق الذي يضم إعداد هائلة على جوانب عدة منها:الحشد الشعبي، والملايين من الزائرين والخدم، والموظفين العاملين في دوائر الدولة ، لابد من وجود قوى خارقة تنظم هذه الجوانب، فهنا العديد من الأسئلة تطرح منها:كيف ينسق هذا الشعب كل هذه الأعمال الضخمة؟ ما هي القدرات التي يمتلكها؟  لا شك أن هناك تدخل وتوفيق الهي، ومد بطاقة لا تنضب تشد من عزم الزائرين والحشد والخدم على طول الطريق مصدرها وهج الثورة الحسينية.
لو ادخلت الزيارة الاربعينية في موسوعة “جينيس” للأرقام القياسية لحصولها على عدة أرقام قياسية منها:أطول مسيرة سلمية في العالم، أطول سفرة طعام في العالم، وأكبر تجمع ديني في العالم وغيرها من الأرقام القياسية، في عام 2014 إقيمت في الطريق الرابط بين محافظتي النجف وكربلاء صلاة جماعة للزوار المتجهين إلى كربلاء لإحياء مراسيم زيارة الاربعينية، وبتوجيه من المرجع الديني السيد علي الحسيني السيستاني، أكبر صلاة جماعة في العالم، حيث امتدت لنحو 30كم بمشاركة ملايين المصلين.
تعدد الفئات العمرية المشاركة، ومختلف شرائح الشعب العراقي من” السنة، والشيعة، والتركمان، وأكراد، ومسيحيين، وايزديين” وأعلن عن تضامنهم، وتعاطفهم، وتوحيد صفوفهم ضد أعداء الأمة، معتبرين بمثلهم الأعلى الإمام الحسين (ع) وثورته الإصلاحية الخالدة في التاريخ الإنساني، والإسلامي،أعطى لهذه الزيارة وهجاً أكبر من خلاله وصلت رسالة التعايش السلمي، وفكر الإسلام المحمدي الأصيل.
 حيث تعتبر ثورة ناعمة رسالتها التضحية من أجل العقيدة .
وهذه الملحمة مظهر للطاقات الإيمانية لعموم الأمة، باعتبار أن مشاركيها جاءوا من شتى أنحاء الأرض، دفاعاً عن الإسلام المحمدي وتجسيد حالة تعبوية مواجة، وأيضاً تحرير الشعب من قيود الأفكار العنصرية، وتمثل تحدياً شعبياً سلمياً للغة”القتل”و”الرعب”و”التطرف المذهبي”و”الابجديات التكفيرية” وهي في الواقع ثورة عقائدية وأخلاقية ناعمة.
هذه الملحمة تبقى مستمرة ومتجددة من خلال التطبيق العملي لها من قبل الأمة الإسلامية والشعب العراقي بالخصوص ، كما قال طرف الخير”السيدة زينب”(ع) إلى طرف الشر”يزيد” “كد كيدك،واسع سعيك فوالله لن تمحو ذكرنا. ..” .ً