الخارطة الجديدة لتوزيع القوى في سوريا…

مع احتدام الصراع الأخير مع داعش في دير الزور، تواصل قوات الجيش النظام وقوات سوريا الديمقراطية تقدمها لتقلص مناطق سيطرة التنظيم وتحوله من مسيطر كبير إلى مدافع عن آخر البلدات الخاضعة له.

وبحسب تقرير نشره المرصد السوري لحقوق الإنسان، الأحد، فإن تسارع العمليات العسكرية أحدث تغييرات على الساحة العسكرية ضمن الأراضي السورية، لتفرض التغييرات المتلاحقة على خارطة النفوذ العسكري لقوى الصراع داخل سوريا، قوات النظام المدعمة بالقوات الروسية والمسلحين الموالين لها من جنسيات سورية وعراقية ولبنانية وإيرانية وأفغانية، وتنظيم داعش من جنسيات سورية وغير سورية، وقوات سوريا الديمقراطية المدعمة بالتحالف الدولي، والفصائل المقاتلة والإسلامية وهيئة تحرير الشام، والفصائل المدعومة تركيا والعاملة في عملية “درع الفرات”، والفصائل المدعومة أميركياً، وجيش خالد بن الوليد المبايع لتنظيم داعش، ليخسر طرف ويتقدم طرف، ويراوح طرف آخر مكانه كل وفق مدى وضع جبهات التماس مع خصومه.

وبحسب تقرير المرصد، فإن العمليات العسكرية المتواصلة انحسرت شيئاً فشيئاً، وباتت محافظة دير الزور ساحة الصراع الأكبر في الفترة الأخيرة، نتيجة التهاوي المستمر والانهيار المتتالي ضمن صفوف داعش، في مواجهة قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جنسيات سورية وغير سورية والمدعومة روسياً، أو مواجهة قوات سوريا الديمقراطية المدعمة بالتحالف الدولي، وليتحوَّل التنظيم الذي كان يسيطر في منتصف العام 2015 على أكثر من نصف مساحة سوريا بنسبة تتجاوز 50%، إلى تنظيم مسيطر على مساحة 10447 كلم مربع بنسبة 5.67% من مساحة الأراضي السورية.

وأضاف التقرير، أن التنظيم بات يحكم سيطرته على مدينة واحدة هي البوكمال وعلى بلدات وقرى ممتدة في ريفي دير الزور والحسكة وعلى عدة قرى وبادية في ريف حمص الشرقي، وسط هجمات عنيفة ومستمرة لإنهاء تواجده داخل الأاراضي السورية من قبل القوى المضادة له، في حين تبقى للتنظيم أقل من 1% من المناطق المأهولة داخل الأراضي السورية، إذ يسيطر التنظيم، على المساحة الممتدة من البوكمال إلى شرق الميادين والتي تضم “السيال، الرمادي، الجلاء، الصالحية، الدوير، الكشمة، صبيخان، دبلان، غريبة، العشارة والقورية، على الضفاف الغربية لنهر الفرات، كما تسيطر على قرى وبلدات الكسار، الشحيل، الحوايج، ذيبان، الطيانة، شنان، درنج، الكرامة، الجرذي، أبو حردوب، أبو حمام، الكشكية، غرانيج، البحرة، هجين، أبو حسن، الشعفة، السوسة، المراشدة والشكلة بالضفاف الشرقية لنهر الفرات، إضافة لآبار وحقول نفطية متناثرة في والمتمثلة بحقل الورد النفطي وآبار ببادية البوكمال ومحطة الكشمة”.

من جهتها تمكنت قوات سوريا الديمقراطية، اليوم الأحد، من تحقيق تقدم هام والسيطرة بشكل كامل، على ناحية البصيرة التي تعد واحدة من المناطق المهمة التي كانت لا تزال تحت سيطرة داعش، ليخسر التنظيم بها المزيد من المناطق المتبقية له في الريف الشرقي لدير الزور.
أما قوات النظام التي كانت تسيطر في أواخر العام 2015، على نحو 22% فقط من مساحة سوريا الكاملة والتي تبلغ 185180 كيلومتر مربع، تحولت وفقا للتقرير، إلى “القوة ذات النفوذ الأكبر والمسيطرة على أكبر مساحة في سوريا، حيث يفرض سيطرته على مساحة نحو 53.7 % من مساحة الجغرافية السورية، بمساحة أكثر من 99362 ألف كلم مربع، ويتواجد النظام في مراكز محافظات دمشق وحلب حمص وحماة واللاذقية وطرطوس والسويداء ودرعا والحسكة ودير الزور والقنيطرة، وتسيطر قوات النظام على محافظتي طرطوس والسويداء بشكل كامل، وبشكل شبه كامل على محافظة اللاذقية، وأجزاء كبيرة من محافظات دمشق وريف دمشق وحلب وحماة وحمص، وأجزاء من محافظتي درعا والقنيطرة، فيما ينعدم وجود قوات النظام في محافظة إدلب إلا بتواجد المسلحين الموالين لها في بلدتي الفوعة وكفريا، ويقتصر وجوده في الحسكة على عدة مواقع داخل مدينتي الحسكة والقامشلي ومحيط الأخيرة، بينما يتواجد في أجزاء واسعة من ريفي الرقة الجنوبي والغربي والجنوبي الغربي والجنوبي الشرقي، إضافة لسيطرته على مدينة دير الزور وكامل الضفاف الغربية لنهر الفرات الممتدة من حدود دير الزور مع الرقة وحتى شرق الميادين مع ضفاف النهر الشرقية المقابلة لمدينة دير الزور ومطارها.

في حين أن قوات سوريا الديمقراطية التي تشكل وحدات حماية الشعب الكردي عمادها، حافظت على نفسها في المركز الثاني من ترتيب نفوذ القوى في سوريا من حيث سيطرتها على مساحات جغرافية، وباتت تفرض سيطرتها على أكثر من 49651 ألف كلم مربع من مساحة الأراضي السورية بنسبة نحو 26.8% بعد أن تمكنت مؤخراً من تحقيق تقدم كبير، حيث رصد المرصد السوري لحقوق الإنسان تمكن الوحدات الكردية ومن بعدها قوات سوريا الديمقراطية التي تشكل الوحدات نواتها الرئيسية، رصد تقدمها الواسع، بعد الدعم المكثف من قبل التحالف الدولي بطائراته ومستشاريه، بالإضافة إلى التعزيزات العسكرية التي وصلت إلى قوات سوريا الديمقراطية بشكل متلاحق وبأعداد كبيرة والتي توزعت على مناطق سيطرتها الممتدة من الحدود السورية – التركية، إلى ريف منبج الغربي مروراً بالرقة وأجزاء واسعة من أرياف دير الزور الشمالية الغربية والشمالية والشرقية، إضافة لسيطرتها على أحياء في مدينة حلب وعلى منطقة عفرين وقرى ممتدة من دير جمال إلى منطقة الشعالة بريف حلب الشمالي الشرقي.

وبقيت الفصائل المقاتلة والإسلامية وهيئة تحرير الشام والحزب الإسلامي التركستاني وفصائل تضم مقاتلين “جهاديين”، التي كانت تسيطر على مساحات كبيرة من الأراضي السورية، محافظة على نفسها في المرتبة الثالثة من القوى ذات النفوذ، وبلغت نسبة سيطرة الفصائل من الأراضي السورية 13.7% من نسبة السيطرة على أراضي سورية، بمساحة جغرافية وصلت إلى أكثر من 25470 من مساحة سوريا، ومن ضمن المجموع العام لنسبة ومساحة سيطرة الفصائل، فإن فصائل عملية “درع الفرات” والقوات التركية تسيطر بريف حلب الشمالي الشرقي، على مساحة أكثر من 2250 كيلومتر مربع بنسبة 1.2%، فيما تسيطر الفصائل المدعومة أميركياً وغربياً في البادية السورية من خط معبر التنف – خربة الشحمي وصولاً إلى شمال خبرة الزقف والتي يتواجد فيها معسكر لهذه الفصائل، على مساحة نحو 3550 كيلومتر مربع بنسبة 1.91% من الجغرافية السورية، كما أن الفصائل مع تراجع تنظيم داعش باتت القوة ذات النفوذ الثالث في سوريا بعد قوات النظام وقوات سوريا الديمقراطية.

فيما يسيطر جيش خالد بن الوليد المبايع لتنظيم داعش على مساحة نحو 250 كيلومتر مربع بنسبة بلغت 0.13% من مساحة الأرض السورية، وتتواجد في حوض اليرموك بريف درعا الغربي المحاذي للجولان السوري .

وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان، رصد منذ النصف الثاني من العام 2016 وحتى اليوم الـ 12 من تشرين الثاني من العام الجاري 2017، تبدلاً كبيراً من حيث توسع قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جنسيات سورية وغير سورية وبدعم من روسيا وإيران، إضافة لتوسع قوات سوريا الديمقراطية في سيطرتهما، ودخول القوات التركية إلى الأراضي السورية واشتراكها مع الفصائل المدعومة منها بعملية عسكرية، سدت فيها آخر المنافذ المتبقية لداعش مع العالم الخارجي، إضافة للتراجع الكبير للتنظيم وتهاويه في مناطق كثيرة، كما تمكنت قوات النظام السوري في كثير من المناطق من استعادة السيطرة على مناطق بعد حصارها والاتفاق مع القائمين على مدن وبلدات هذه المناطق على “تسوية أوضاع أو تهجير”.

NRT