حكومة الاقليم بين التحدي و الضرورة- عبدالله جعفر كوفلي /ماجستير قانون دولي

kuvileabdelah@yahoo.co.uk

14/11/2017

حكومة اقليم كوردستان العراق التي انبثقت بعد اول انتخابات تشريعية في   19/5/ 1992 بعد الانتفاضة الجماهيرية و الهجرة المليونية و احداث كثيرة لا نرغب الخوض فيها .

هذه الحكومة التي شهدت الكثير من المنعطفات و تجاوزت المراحل الصعبة بعد سحب العراق لاداراتها و فرض الحصار الاقتصادي و مواجهة العمليات الارهابية و التهديدات الاقليمية المتكررة ناهيك عن الاقتتال الداخلي السيئ الصيت .

واجهت الحكومة مرحلة صعبة منذ عام 2014 بعد قطع الموازنة و الرواتب من قبل الحكومة الاتحادية دفعتها الى اقرار سياسة التقشف و قطع الرواتب بنسب مختلفة اثرت بشكل سلبي على الوضع المعيشي للمواطنين و لكن عقودها النفطية مع الشركات العالمية خففت من ثقل كاهلها .

قرار القيادة السياسية بإجراء استفتاء شعبي في 25/9/2017 لتقرير مصيره اثار حفيظة الدول الاقليمية و المجتمع الدولي برمته اضافة الى الاصوات الداخلية المناهضة لاجراءها و ما ان تم اعلان نتائجها و بدأت عجلتهم بالتحرك نحو المزيد من عزلة الاقليم و الضغوط السياسية و الاقتصادية و العسكرية .

دخلت حكومة الاقليم مرحلة صعبة بعد احداث 16/10/2017 و دخول القوات العراقية و الحشد الشعبي الى مدينة كركوك و سيطرتها على عدداً من الابار النفطية و فقدانها مساحات واسعة من الاراضي في المناطق الكوردستانية خارج الاقليم , هذه الاحداث دفع بالبرلمان الكوردستاني الى تأجيل الانتخابات و تمديد عمره لثمانية اشهر و توزيع صلاحيات رئيس الاقليم الى رئيس الوزراء و رئيس البرلمان و مجلس القضاء الاعلى بعد رفض السيد (مسعود البارزاني) تمديد فترة رئاسته , كل هذا وسط انقسام داخلي متشرذم و دعوات متتالية بضرورة تشكيل حكومة انقاذ وطنية او انتقالية لحين اجراء الانتخابات من قبل حركة التغيير و الجماعة الاسلامية و جهات اخرى .

اذن الحكومة التي يرأسها السيد ( نيجيرفان البارزاني ) على الرغم من توسيع صلاحياته ، امام جملة من التحديات و الصعوبات التي تحتاج الى المراجعة و إعادة النظر من اجل قطع المسافة بأسرع وقت و تحقيق المنجزات و الوصول بسفينة الاقليم الى بر الامان و منها  :

  1. دعوة لإلغاء نتائج الاستفتاء الشعبي و عدم الاكتفاء بتجميدها من قبل الحكومة الاتحادية كشرط لبدء الحوار و  الجلوس على المستديرة ، و هي دون شك خطوة تباركها كل من  ايران و تركيا و  ربما امريكا و  بريطانيا ، و ذلك بسبب رفض طلبهم تأجيلها او إلغاءها وسط نداءات دولية و اطراف متعددة بضرورة بدء الحوار و انه السبيل الوحيد لمعالجة القضايا العالقة بين بغداد و اربيل .
  2. الضغوط الداخلية الرسمية و غير الرسمية من الاحزاب و المواطنين بضرورة دفع الرواتب و وضع حد لمعاناة الموظف من عدم دفع راتبه الشهري بشكله التام بل و جعل من ذلك شرطاً للقبول بالعودة الى البرلمان و الحكومة و في مقابل ذلك اقر مجلس وزراء العراق خفض الميزانية من 17% الى 12.67% و هذا لايسهل عمل الحكومة بل يدخلها في موقف صعب .
  3. بناء وحدة وطنية يجتمع تحت مظلتها كل الاطراف و التوجهات السياسية و القومية كضرورة استراتيجية ملحة في وقت يشهد الاقليم تباعداً واضحاً بين الكتل السياسية كانت للاحداث الاخيرة دوراً فاعلاً فيها و برنامج الحكومة بزيارة كل الاطراف تصب في هذا المجال في وقت تصرّ بعض الاطراف و ترتبط عودتها الى البرلمان و الحكومة تحقيق اهداف في حكم المعجزات ، و إلا انها غير مستعدة للاستجابة لطلب الحكومة ،  في وقت تشترط الحكومة الاتحادية لبدء الحوار ان يكون الوفد الكوردستاني ممثلاً عن جميع مكونات الشعب و ضرورة تغيير الوجوه السابقة .
  4. العزلة الدولية : مما لا شك فيه ان اجراء الاستفتاء و نتائجها اثرت بشكل سلبي على علاقات حكومة الاقليم الدبلوماسية مع المجتمع الدولي و هي تمر في مرحلة العزلة مع الانفراج التدريجي , في وقت الاقليم بحاجة كبيرة اكثر من أي وقت مضى الى الدعم الدولي .

هذه التحديات و غيرها تقف حائلاً امام الحكومة في تنفيذ برامجها خلال الفترة القادمة وأن الضرورة تفرض نفسها البحث عن معالجتها بشكل يرضي الجميع  .

السؤال الذي يفرض نفسه هل ان الحكومة قادرة على تجاوز صعوبات المرحلة ، كالسائق الذي يرغب في الوصول الى مكان معين و بزمن معين بسيارة قديمة فيها الكثير من العطب في ماكنتها و عجلاتها ، وهل أنه سيتراجع عن الوصول الى هدفه ويستسلم  ، أم سيضطر الى تصليح سيارته أو تبديلها بأخرى  ؟ إذن هل يحتاج رئيس الحكومة تغيير آلياته و ادوات عمله و تخطيطه و حتى وزراءه . ليكون بمستوى الطموح و مواجهة القادم بكل صعوباته و ازماته و طلباته  .. و عليه فأن الحكومة التي لا تخطط للمستقبل سيكون جزءاً من خطط الاخرين و برامجهم و هذا هو سر الخلاف بين الدول المتقدمة و غير المتقدمة و يجب ان يكون هذه الخطط شاملة و تقعد الحكومة العزم على تطبيقها .

لذلك نقترح سياسة عامة لحكومة الاقليم في المرحلة القادمة مبنية على اعادة الثقة بين المواطن و الحكومة و شاملة لجميع جوانب الحياة (الامنية و الاقتصادية و السياسية و العسكرية و الثقافية … الخ) ، يستفاد من خبرة الاكاديميين والمختصيين في مجال إدارة الازمات بأسرع وقت لأن مرور الزمن ليس في صالحها …

One Comment on “حكومة الاقليم بين التحدي و الضرورة- عبدالله جعفر كوفلي /ماجستير قانون دولي”

  1. الحكومة والبرلمان في كردستان مشلولتان وهناك مكتبان سياسيان هما اللذان يتحكمان في تسيير الامور كما ليس هناك جيش نظامي مستقل عن ذينك المكتبين وعليه فان اية محاولة لتحسين الوضع العام في كردستان او اجراء الاصلاحات أمر غير محتمل ان لم يكن مستحيلا. ووفقا لما تطرقت اليه، رأينا كيف اننا خسرنا نصف مساحة كردستان في نصف يوم او بعض يوم! هل هناك مهزلة سياسية وعسكرية أكبر مما حصل وما قد يحصل في المستقبل؟!

Comments are closed.