هكذا استولى المسؤولون الفاسدون على الاراضي الزراعية في السليمانية وبطريقه ذكية جدا.. تابعوا التقرير

شرق مدينة السليمانية، حيث المراكز التجارية والشقق الشاهقة، تفسح المجال لمخلفات الأسمنت ومستودعات المخازن.

ويحيط محمد عثمان، الأعشاب المتصدعة التي تغذيها مياه الصرف الصحي الآسنة القريبة من تلك المراكز التجارية العالية، فضلاً عن وساخة الطرق السريعة وحفرة الحصى الكبيرة واكوام القمامة الشبيهة بالحضيرة.

قبل 50 عاماً، يقول عثمان انه استزرع اكثر من 10 مرات في هذه الارض، من الارز والبطيخ والطماطم والخيار. يؤكد عثمان ان الكثير من الاراضي الزراعية صادرها المسؤولون المحليون لتمهيد الطريق امام المصانع بالوقوف على أسس تلك الاراضي الزراعية دون تعويض يُذكر. وما تبقى من ارضٍ، لا تصلح لانتاج علف للحيوانات.

عثمان يقول “انا الان مشغول، فقد استأجرت ثلاث اراضي ودفعت مبلغ 5 ملايين دينار، ولم اجنِ من ارباح سوى مليون دينار”.

قصة عثمان، هي شائعة في كردستان العراق، حيث يواجه المزارعون مجموعة مشاكل، من الجفاف وامدادات المياه الملوثة، الى التوسع الحضري الذي لا يرحم وتدفق الواردات الرخيصة. وكان اقليم كردستان الذي يتمتع بمناخ معتدل وتربة خصبة، يعرف بإسم سلة الخبز العراقي.

وفي عام 1980، قدمت المنطقة حوالي نصف القمح في البلاد، وكذلك الشعير ومجموعة من الخضروات. اليوم سوق الجملة للخضروات الرئيسي في اربيل، معبأة بشاحنات قادمة من تركيا وايران والصين، ويقول المزارعون انهم يفضلون الطماطم العراقية.

وأصبح تراجع القطاع الزراعي، نقطة ضعف رئيسية بالنسبة للمنطقة من حوالي 6 ملايين شخص، حيث أن القادة الاكراد يرسمون طريقاً من الاستقلال الذاتي إثر الاستفتاء الكردي.

وفي استفتاء 25 ايلول، اختار الاكراد بنسبة 90 في المائة الانفصال عن العراق، واثار التصويت المدان دولياً، حفيظة بغداد لتضطر الى تحريك قواتها الامنية صوب المناطق المتنازع عليها واهمها كركوك لاستعادتها من سيطرة الاكراد التي كانت بحوزتهم منذ عام 2014.

واستقال مسعود بارزاني، رئيس اقليم كردستان منذ تسنمه منصب رئاسة الاقليم في عام 2005، وعقب هذا الخراب، لاتزال التوترات بين الجانبين آخذة بالارتفاع.

ويعدّ الأمن الغذائي، مسألة بالغة الأهمية في منطقة تعتمد بشكل مباشر على انتاج اللحوم ومنتجات الالبان. وتم استيراد حوالي ثلثي البصل والطماطم اكثر من ثلث البطاطس في عام 2015، وفقاً لوزارة الزراعة والموارد المائية في اقليم كردستان.

وتأتي كميات كبيرة من الفواكه، مثل البرتقال والموز والتفاح من الخارج. وتعتبر تركيا وايران، موردتان رئيسيتان، وكلاهما يعارضان انفصال كردستان لانهما تخشيان من نهوض الواقع الزراعي الكردي.

وبعد استفتاء ايلول، حذر الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الاكراد العراقيين من المضي بالاستفتاء وإلا “لن يتمكنوا من العثور على الغذاء، في حال اغلقت انقرة حدودها بوجه الاقليم”. وبالنظر الى واقع الاقليم الغذائي، مايزال مكتفياً بالمحاصيل الغذائية مثل القمح والشعير.

وبالاضافة الى الواردات يجب على المزارعين الاكراد العراقيين مواجهة الجفاف الناجمة عن تغيير المناخ وارتفاع نسبة الملوحة في التربة بسبب اساليب قديمة متبعة بالري التي عفا عنها الزمن.

ووجدت دراسة نُشرت هذا العام من قبل جامعة لوند السويدية، أن الاراضي الزراعية اصبحت اقل خصوبة بشكل واضح في محافظة دهوك. وتقول لينا إلوند التي شاركت في إعداد التقرير إن “هناك مشكلة ليست في كردستان، وانما بالشرق الاوسط ككل”.

حين بدأ الغزو الامريكي على العراق عام 2003، كان لدى الاكراد فرصة لتوجيه حصتهم في الموازنة الاتحادية لاعادة بناء الاقتصاد الذي مزقه الزمن لاكثر من عقد بسبب العقوبات الدولية والحصار الدولي، فضلاً عن السياسيين الاكراد المتنفذين في كردستان الذين استخدموا الاموال لتوسيع شبكاتهم المحسوبية التابعة لهم، متجاوزين بذلك الوظائف الحكومية.

وأدت طفرات البناء في اقليم كردستان، الى ابتلاع فدان تلو آخر من الاراضي الصالحة للزراعة. وتابعت دراسة جامعة لوند، أن حوالي ربع الاراضي الزراعية التي كانت تستخدم لزراعة الحبوب، تحولت الى استخدامات اخرى.

ويتعين على المزارعين الذين يتشبثون بسبل معيشتهم بمواجهة الفيضانات من الواردات التي تدعمها الحكومات المجاورة منذ انتهاء الحصار في عام 2003.

وقد أدى طفرة البناء الناتجة إلى ابتلاع فدان بعد فدان من الأراضي الصالحة للزراعة حول مدن المنطقة.

المصدر: بلومبيرغ

ترجمة: وان نيوز