مكافحة الفساد في العراق.. مسؤولية السلطات الثلاث!- الحقوقي علي فضل الله

باحث أمني وسياسي

يبدو إن ساعة الصفر، للسيد العبادي قد إقتربت، لإطلاق عنان معركة مكافحة الفساد، هذه المعركة قد تفوق بصعوبتها، الحرب العسكرية على داعش، خصوصا” وإن داعش بنظر المختصين، كان نتيجة لأفة الفساد الحكومي المالي والإداري، الذي ضرب جميع مفاصل الحكومة العراقية، وكل الدلائل والبراهين، وحتى تقارير المنظمات الأممية والدولية، تبين إن حجم الفساد الحكومي في العراق، وصل لنسب مرعبة، وإن إستمراره يهدد إستقرار بل وجود العملية السياسية، فهذه منظمة الشفافية الدولية، وضمن تقاريرها الدورية، أوضحت بأن العراق، يقع في المراتب العليا من الفساد، ومؤشرات تلك المنظمة، لها علاقة وثيقة وطردية، بمستويات النمو، سواء على المجال الإقتصادي، وحتى نمو العملية السياسية الديمقراطية.

هنالك أسئلة كثيرة تطرح وإستفهامات تثار، بإتجاه ألية مكافحة الفساد الحكومي، منها.. هل من رؤية إستراتيجية لهذه الحرب الخطرة؟ نعم! فإن السيد العبادي، وضع رؤية واقعية وحقيقية، تتناسب ومستوى التحدي في هذه المشكلة المعقدة المركبة، بيان ذلك حين أستعان، بفريق دولي متخصص، بمعالجة مواضيع الفساد المالي والإداري، أستمر عمل ذلك الفريق قرابة العامين، أعد دراسة مستفيضة، حددت مكامن الفساد وشخوصه، وحركة وأنتقال الأموال داخل وخارج القطر، وحتى طرق وأساليب غسيل الأموال، لتتحول معركة الفساد، وفق تلك الرؤية العلمية والمهنية، من مرحلة الشك والإفتراض، إلى مرحلة الأدلة المادية، التي قد تكون كافية كدليل إدانة، إلى حد كبير، عندما تقدم أمام السلطة القضائية.

وهنا يثار التسائل الأخر والمهم، هل ستخوض حكومة العبادي، أي السلطة التنفيذية، تلك الحرب بمفردها؟ هنا نعود للدستور العراقي، حين أكد سياسة الفصل بين السلطات الثلاث، وهنا تتعقد أدوات مكافحة الفساد! فصلاحية الحكومة التنفيذية وفق لدستور، لا تتجاوز مستوى كشف ملفات الفساد والمفسدين، وإن كانت من أصعب المهمات ، ثم عرضها على الجهة المختصة، وهي السلطة القضائية، والتي بدورها تحدد التكييف القانوني، الذي يتناسب وحجم الجرائم التي أرتكبت، بحق الدولة العراقية، وللدقة بحق الشعب، وهل القضية تقوم بهاتين السلطتين، أي بمعزل عن البرلمان العراقي؟ قطعا” لا! فالبرلمان وبحسب وظيفته الدستورية، له دورين هما الرقابة والتشريع، وهنا يبرزدور البرلمان، في تدعيم دور حكومة العبادي، في تأكيد ملفات الفساد التي بحوزة حكومة العبادي، ودعم عملية مكافحة الفساد، ببعض التشريعات، التي تقوم هذه المبادرة الكبيرة.

 وعندما نتكلم عن دور للسلطة التشريعية، يبرز لنا دور المكونات السياسية، والتي تعتبر الجهة الرابعة، في تلك المعادلة، وهي صاحبة الموقف المهم، كون البرلمان يضم عدة مكونات سياسية، فمرة ننظر للبرلمان سلطة حكومية، وأخرى نسيج سياسي للأحزاب والتيارات السياسية، وفعالية البرلمان للمرحلة القادمة، تعتمد على مدى جدية الأحزاب، بإيمانها بمكافحة الفساد وإقتلاع جذوره، وإن كنا نعتقد إن المفصلية الحزبية، ستكون عقدة الطريق في محاربة الفساد، وعلى السيد العبادي عند شروعه بحرب الفساد، لا بد أن يكون قد هيأ الأرضية، كخلية عمليات مشتركة بين السلطات الثلاث، من أجل الدقة والسرعة، في تنفيذ أستراتيجية مكافحة الفساد.

وكما كان لنا حشدا” في حرب داعش، فهنا لا بد حشد الجهود وعلى كافة المستويات والأصعدة، من أجل إنجاح مطلب الشعب والمرجعية، بإجتثاث الفساد والمفسدين، من جسد الدولة العراقية، وإيقاف نزيف هدر المال العام، والسيطرة على الإثراء الفاحش، للكثير من وحوش السياسة، وفرض لغة القانون على الجميع، نعم! حرب ضروس سوف تهز عروش مزيفة، وتهدم سلطان كثير من الذين( جاعوا ثم شبعوا)، كما إن من المؤمل، ونتيجة إنفتاح العراق، على المحيط العربي والإقليمي والدولي، أن يلقى العراق الدعم الدولي، في هذا التحدي الكبير، كون المطاردة ستكون ليست محصورة بالعراق، بل لكل الذين إستغلوا ضعف الحكومات السابقة، ونهبوا خيرات البلاد وفروا للخارج، إذن لا بد من إستثمار الظرف، قبل الحكومة العراقية، وتصحيح مسار العملية السياسية، وذلك ثأرا” لكل الدماء التي سالت، من أجل أن يبقى العراق وأهله.