بالعقل السليم نُكافح الانحراف الفِكري- لؤي الموسوي 

من نِعم الله على الإنسان هي نِعمة العقل الذي وهبه الله الى بني آدم وفضله به على سائر المخلوقات الأُخرى، وهنا لابد من الإشارة إلى الفرق بين المُخ والعقل، المُخ؛ جزء بدني يوجد في بدن الكائنات الحية، الإنسان، الحيوان، الحشرات، بينما العقل اختص به بنو آدم “الإنسان” وكرمه الله به ليميزه عن سائر الخلائِق الأُخرى.
   التفكير السليم نتاج نابع عن العقل الذي يستند إلى العِلم والمعرفة، فالامم التي تكون تحركاتها عن عقل ودراية تامة بمجريات الامور مصحوبة بالحِنكة فبالتالي ستكون النتائج إيجابية ستدر على اهلها بالمنفعة ولهذا تجدها أُمم ذات حضور في شتى الميادين على تنوعها؛ اقتصادياً، علميا،ً اجتماعياً تعليمياً سياسياً.
بينما في حال إنعدام التفكير العلمي الصحيح لدى الشعوب هو السبب الرئيسي للتخلف عبر التاريخ، بل سبب للبشرية الكثير من المآسي و النزاعات و الموت والدمار والشقاء، ربما على نحو يفوق ما نتصور، فاخطاء التفكير سبب رئيس في التعصُب والتزمت والانغلاق مصحوباً بسوء الظن أيضا الذي يقود للكراهية والحروب بين البشر ، وهو سبب رئيس في إنتشار الخرافة والجهل وتنامي في ظهور التطرف الذي يؤدي للمرض الفكري وقلة الإنتاج وسوء الإدارة والتخلف الاجتماعي والاقتصادي.
إن للتفكير الصحيح منهجاً يمكن تعلمه وتعليمه، وإن تدريسه في المدارس والجامعات والدورات التدريبية ضرورة ملحة في وقتنا الحالي بسبب ظهور حالة التطرف المذهبي والعرقي الذي طغى على المشهد، كما أن الجانب الأهم في أي دراسة أو محاضرة أو كتاب أو مقالة هو ما قد يُعلمنا إياه من أساليب التفكير السليم، لان ثورة المعلومات وانفجارها وطوفانها وفيضانها، لا يجدي كثيراً بدون تفكير علمي صحيح قائم على أُسس صحية رصينة، فالتفكير الصحيح يبقى الأهم دائماً، لأنه هو من يخلق من هذه المعلومات معرفة مفيدة، بينما قد يحوّل التفكير المغلوط المعلومات الكثيرة إلى وبالٍ وسوء مآل.
أما الإبداع والتقدم العلمي والاختراع، والتقدم في الأفكار والدراسات الإنسانية، إنما قامت جميعاً على أساس من التفكير العلمي الصحيح.
   الفِكر لا يُقارع إلا بالفِكر، فالامور المادية ممكن للانسان تقبلها ببساطة، مثال لتقريب المعنى رجل يسكن البادية يتقبل الامر عندما تقول له ترجل عن ظهر جوادك واستقل سيارة بدلاً عن جوادك لتنقل، بينما الجانب المعنوي “الفِكر” عندما تقول له اترك هذه الفِكرة المعينة المتوارثة يرفض تركها، ولهذا الاسلام وباقي الشرائع السابقة والمصلحون عبر التأريخ واجهوا رفض في بداية دعواهم الحقة لكن بالاصرار والمثابرة والعزيمة حققوا اهدافهم النبيلة في هداية البشرية .
من هذا المنطلق لابد من تكثييف الجهود في نشر الوعي والفِكر السليم بين الاوساط في المجتمع الواحد من اجل محاربة التطرف بكل انواعه الذي غزا العالم بِأسره عن طريق لغة الحوار الهادئ بنشر ثقافة تقبل الأخر ضمن أُسس صحية رصينة، مستمدة من تعاليم السماء السمحاء والقيم الانسانية النبيلة.