نمو بذرة الفساد في الادارة الفيدرالية في روژئاڤا: – سيف دين عرفات

 

بدون أدنى شك لولا التحاق الآلاف من بنات وأبناء روژئاڤا بحزب العمال الكوردستاني منذ اكثر من ثلاثة عقود وحتى الآن ولولا مساعدة قنديل لما تشكّلت كل هذه المجاميع المسلحة من القوى الكوردية والمتكونة بشكل اساسي من المكون الكوردي والعربي بالاضافة الى المكونات الأخرى كالكلدو-آثورسريان مثلا، ولولا وجود دعوات أخوة الامم والشعوب أو بما تسمى الامة الديموقراطية لما انضمت المكونات الاخرى الى تلك المجاميع المسلحة التي باتت رقما صعبا على المستوى المحلي والدولي تدافع عن روژئاڤا وشمال سوريا وتسعى جاهدا الى استتباب الامن وبدية تشكيل الدولة والسلطة هناك.

وتقول الانباء الواردة من المنطقة بأن الادارة الفيدرالية هناك الآن بصدد تشكيل حرس حدود بمساعدة حلفائهم الامريكان قوامه مائة ألف عنصر يدافعون عن حدود الادارة الفيدرالية المتشكلة هناك وسط عدم اعتراف اية دولة بالادارة الفيدرالية هناك التي باتت أمرا واقعا منذ عدة سنين.

ما قامت به الادارة الفيدرالية والذاتية سابقا منذ أقل من خمسة سنين كثير جدا والامر معروف من تأسيس المجاميع المسلحة الى الكومونات والبلديات ومجلس الشعب وتأسيس المدارس والجامعات بمختلف اللغات والشي الأهم هو اختيار الخط الثالث وعدم السماح للقوى الظلامية بدخول المنطقة وهذا ما أدى الى المحافظة على البنية التحتية هناك وبقاء المؤسسات كما في السابق بل وتطويرها وتشكيل مؤسسات أخرى كثيرة تناسب فكر ورؤية وتطلعات مكونات المنطقة.

من يعمل كثيرا سيخطأ أيضا وأية تجربة جديدة سوف لن تكون سهلة وستظهر فيها بالتأكيد الفساد وغيرها من التجاوزات والاخطاء الصغيرة والكبيرة، علما بأن الفساد موجود وسيبقى الى الابد في كل دول العالم، ومن خلال متابعتي للأحداث في روژئاڤا أستطيع القول بأن بذرة الفساد الآن قد وُضعت في تربة روژئاڤا وعلى المسؤولين هناك أن لا يسمحوا بنمو تلك البذرة وعليهم أن يقطعوا عنها الشمس والهواء والماء والتربة الصالحة والا فان تلك البذرة ستنمو سريعا وستخلق في روژئاڤا عوامل انهيار السلطة هناك.

مَن يحب روژئاڤا ويحب الإحتفاظ على مكتسباتها ويكون حريصا على أهداف الشهداء عليه أن لا يتردد في النقد البناء والإشارة الى الفساد الذي يبدو بأنه سيستشري ان لم يتم القضاء عليه في المهد واليوم قبل الغد وقبل أن يصبح الغد متأخرا، مكافحة الفساد والرشوة والمحسوبيات هو واجب انساني قبل ان يكون واجب قومي ووطني، يا محبي روژئاڤا لا تترددوا في النقد البناء قبل ان تستفحل الأمور، ومَن لا يفهم معنى النقد البناء الذي يهدف الى الحفاظ على المكتسبات وتطويرها فهو يساهم في نمو بذرة الفساد الذي سيكون خطرا على الجميع.

وأقول للأخوات والأخوة في روژئاڤا أو الإدارة الفيدرالية لا تأجلوا موضوع الفساد والرشوة والمحسوبيات بحجة الحرب ضد القوى الظلامية وغيرها من الحجج ، واستعبروا من التاريخ ، واعلموا جيدا حتى وان انتصرتم في كل الحروب وأقمتم كوردستان في روژئاڤا فان لم يتم محاربة وتدارك الفساد في المهد فالنهاية ستكون وخيمة وهي الإنهيار وسقوط كل ما تم بناؤه بفضل الشهداء وأنصارهم وصحابتهم وتابعيهم ، لن أطيل وكلنا يتذكر التاريخ الحاضر فقبل حوالي ثلاثة عقود انهارت أكبر امبراطورية في التاريخ وهي الإتحاد السوڤييتي وكان العامل الرئيسي لذلك السقوط والإنهيار هو الفساد وكان الفساد هو العامل الرئيسي لانهيار معظم الامبراطوريات في التاريخ القديم والحديث، وأقول للنزيهين العاملين في صفوف الإدارة الفيدرالية لا تتركوا الساحة لهؤلاء الفاسدين لتقعدوا في بيوتكم بحجة الفساد المستشري ، فترك الساحة لهم يعني زيادة حدة الفساد وترك الفاسدين على هواهم للقيام بما يحلو لهم.

عندما ندقق في القطاعات التعليمية والخدمية ومؤسسات الادارة الذاتية سنرى بوضوح استغلال أصحاب النفوس الضعيفة هذه المؤسسات في خدمتهم الخاصة وهناك الكثير من عوائل الشهداء متورطين في ذلك وبعضهم يقبعون الآن في السجن بسبب الاستفادة من ذلك الفساد.

وحسبما أعلم يوجد في جسم الادارة الذاتية موظفين وعمال ينحدرون من الاحزاب والقوى السياسية المعارضة أو المعادية لحكم روژئاڤا وهذا شيء جيد ولكن السيء هو أن بعض المسؤولين وظفوا أهاليهم ولنقل عشيرتهم في في بعض الاماكن التي لا تناسب كفاءاتهم وهذا هو الفساد بعينه عندما لا يتم وضع الشخص المناسب في المكان المناسب ولا تستغرب عندما ترى بأن هناك مهندسا أصبح قاضيا وأن شخصا غير كفؤ أصبح مديرا لمدرسة وهكذا دواليك.

ان تطرقت الى أمثلة للفساد فهي كثيرة وتقع مثلا في مجال الممتلكات كالأراضي الزراعية والعقارات وغيرها مثلا هناك بنايات يسكن اصحابها خارج روژئاڤا وتسعى الادارة جاهدا بطرق الترغيب كشرائها من دون رغبة مالكيها في الشراء أو الترهيب للاستيلاء عليها، كما هو الرغبة في الاستيلاء على الاراضي الزراعية بدون اللجوء الى المحاكم علما بأنه يتم حماية أراضي عرب الغمر الذين جلبهم البعث وهذه مفارقة لا تناسب أهداف السلطة الحاكمة هناك.

الامر الجيد وحسب ما أعتقده لا يوجد فساد في الهرم وهناك بعض الكوادر والذين لهم أخطاؤهم ولكنهم نزيهين وحتى أن بعضا منهم لا يستخدمون النقود ولا يعرفون صورة الدولار واليورو والعملة السورية، وأنا أطلب من هؤلء المسؤولين أن يكونوا في لجان مكافحة الفساد ومراقبة المشاريع التي تتعلق بالبنية التحتية كالطرق مثلا بالاعتماد على مهندسين محايدين ونزيهين وعليهم مكافحة الفساد والمحسوبيات والواسطات في مؤسسات الادارة الذاتية، والنظر الى شكاوى المواطنين وهموهم علما بأن شبكات التواصل الاجتماعي تكون احيانا محقة وتسلط الضوء على بذرة الفساد في روژئاڤا.

أحد أوجه الفساد هولجوء بعض التجار وبعلم من الادارة الى الاحتكار للتحكم والتلاعب بأسعار المواد وهذا يدل بشكل واضح بأن بعض الموظفين يتلقون رشاوى ويغضون الطرف عن هؤلاء التجار الفاسدين، وهكذا أيضا فيما يتعلق الامر بالجهاز الامني والقانوني فعندما يُغض الطرف عن الممارسات الخاطئة لا يساورني الشك بأن سبب ذلك هو المحسوبية والرشاوى والواسطات التي تؤدي الى التحكم والسيطرة على كل شاردة وواردة وكل صغيرة وكبيرة.

سؤالي الواضح الى الادارة الذاتية لماذا يتم زج بعض السياسيين في السجون من دون سند قانوني ولماذا يتم الافراج عنهم بعد مدة من دون أن يُعتذر منهم وبدون أن يُعوضوا عن فترة سجنهم أن كانوا أبرياء؟ ولماذا يتواجد هناك الكثير من الاشخاص يستحقون السجن والمحاسبة وهم يدعسون على القوانين في وضح النهار من دون محاسبة أليس ذلك بسبب المحسوبيات والانتماء الى مؤسسة عوائل الشهداء مثلا أو أن عمه أو خاله أو أخوه وزير أو مسؤول كبير، بدون وجود لجان مختصة ونزيهة يتم بموجبها المحاسبة ويوضع الشخص المناسب في المكان المناسب سيتم هكذا الدعس على القانون وسيستشري الفساد وسيؤدي ذلك الى الفوضى والتذمر وعدم استتباب الامن في ربوع روژئاڤا والخاسر الاول والاخير سيكون الشعب المسكين الذي لا حول ولا قوة له.

يجب ملاحقة الفاسدين أينما كانوا في السلطة سواء أكانوا في الهرم أو القاعدة سواء أكانوا من الهيئة العليا أوالسفلى سواء أكانوا مربين او اعلاميين او عسكريين أو أو أو … . والا فأن بذرة الفساد ستنمو ولا يمكن الوقوف بعدها في وجه الفساد الا بتضحيات كبرى قد لا يملك الشعب هذه الامكانيات ولا يكون مستعدا لتقديم تلك التضحيات.

وأقول للنخب السياسية والثقافية ان غض الطرف عن الفساد وعدم التحدث عنه بحجج واهية وحجة محاربة الارهاب وغيرها هو نوع من الفساد أيضا ومساهمة لنمو بذرة الفساد وما الدعوات الى الصبر بسبب خطورة ملفات الفساد وتأجيلها فيما بعد سوى ذر الرماد في العيون للاستفادة من ذلك الفساد بطرق ووسائل قذرة لا تتناسب مع التضحيات التي قدمها شهدائنا في روژئاڤا.

كلمة أخيرة لا بد منها أرجو من قنديل ومن سلطة الادارة الذاتية التعاون الجاد فيما بينهما ولكن على شرط أن تكون ارادة السلطة في روژئاڤا حرة في اصدار قراراتها وحتى الآن لا أفهم فعلا آلية صدور القرارات في روژئاڤا وأتمنى أن يكون ذلك واضحا في المستقبل ما عدا الاسرار العسكرية الهامة، بكلمة أخرى لا أتمنى من قنديل أن يكون هو الحاكم الفعلي في روژئاڤا ولا ضير من التضامن السري والعلني داخل مؤسسات الادارة الفدرالية للسعي الى فصل السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية.

كل عام وأنتم جميعا بألف خير.

سيف دين عرفات – ألمانيا في 29 / 12 / 2017 م.