ابعدوا الحشد عن صراعاتكم الانتخابية.- غزوان البلداوي

كثيراً من العراقيين يتمنى ان يبعد الحشد الشعبي عن الانتخابات, ليكون بعيداً عن الصراعات الانتخابية, وان لا يزجوه في تلك الدوامة الظالمة، لأن لا يكون عرضةً للتقسيط والتنافس الانتخابي، ليضحي مادةً دسمة لأبطال الكيبورد, في مواقع السوشيال ميديا، حتى لا تطاله يد السياسيين الفاسدين اللذين يتاجرون بكل شيء يصادفهم، ويبحثون عن اَي شيء يطهرهم من رجسهم وفسادهم الذي اصبح كالثياب التي يرتدونها ويتزينون بها، ليبقى زهوهم وانتصاراتهم تشع في الأفق العراقي من جنوبه الى شماله، وان يحفظ مكانة الفتوى وقدسيتها, وان لا يشوهوها في ذلك الصراع المجرد من الأخلاق الحميدة والقيم الرفيعة و للمبادئ النبيلة.

فلقد تأسست تلك القوة العقائدية، بفضل فتوى المرجعية الدينية، المتمثّلة بسماحة السيد السيستاني حفظه الله، من أجل التصدي للإرهاب الأعمى الذي اجتاح البلاد، عندما أصبح العراق قاب قوسين أو أدنى من الضياع، ليشكل الغيارى من أبناء الشعب العراقي سرايا وفصائل وكتائب للوقوف بوجه داعش والحيلولة دون تمدده، ليسطروا بعدها اروع ملاحم التضحية والفداء من اجل عزة وتراب هذا الوطن.

كان هناك عدد من قادته المتميزين، الذين افترشوا الرمال, والتحفوا السماء, وسهروا الليالي, من اجل الدفاع عن بلادهم التي اغتصبها داعش، ولإنقاذ أبناء المناطق الغربية الذين أصبحوا اسرى بيد تلك الزمرة الباغية على الإسلام، فحققوا الانتصارات تلو الانتصارات، إبتداءً من تكريت ثم الى الأنبار وصولاً الى أم الربعين، التي كانت نقطة نهاية الإرهاب والعنوان الرئيسي للانتصارات.

هذا الامر يعرفه الجميع ومطلعاً على حيثياته، فلا نريد ان نزج أولئك الأبطال والقادة المُضحين، في خضم صراع الانتخابات النيابية، ونرجو من قادة الحشد الشعبي ان يجعلوا تلك المؤسسة بعيدة عن تلك الصراعات، فلقد حققوا في تلك المعارك مالم يحققوه وهم أعضاء في مجلس النواب، ولَم يجنوه عندما كانوا تنفيذيين حكوميين.

فمثلاً الحاج (هادي العامري)، الذي لُقِبَ بشيخ المجاهدين، لم يحقق تحت قبة البرلمان ما حققه في الميدان، ولم ينجح في وزارة النقل كما نجح في صناعة الكثير من الانتصارات، فلقد اخفق الرجل في ادارته لوزارة النقل، ولَم يسجل فيها ذلك التغيير الملحوظ الذي سجله في سوح الوغى.

اما (ابو مهدي المهندس) فهو رجل له تاريخ مشرف في معارضة النظام السابق، كما سجل في الوقت الحالي جملة من الانتصارات في مواجهة الارهاب، فوهجه في ساحات الجهاد اكثر من قاعة البرلمان، فليترك الصراعات الانتخابية القادمة ولا يلطخ اسمه وتاريخه مع الفاسدين الموجودين في البرلمان والحكومة وان يحفظ هيبة الحشد الشعبي.

لا يختلف الامر  عن من سبقه، فعندما نذكر النائب البرلماني والوزير السابق (حسن الساري)، ماذا حقق في التشريع وما الذي نجح فيه عندما شغل منصب (وزيراً الدولة) ، فلقد دخل الوزارة وخرج منها ولم نسمع به حتى، ماذا قدم, ما هي المشاريع التي حققها على ارض الواقع، لمجرد انها وزارات فاسدة، استنزفت المال العراقي وارجعت مستوى الخدمات الى ما دون الصفر، فلقد فشل في التشريع والتنفيذ ولعله نجح في قتال الارهاب وحجم قوته عندما ارجأ اليه ( عمار الحكيم) قيادة (سرايا الجهاد)، والتي كانت تابعة للأخير، ليصبح هو القائد العسكري لها، ليترك بعدها الحكيم ويلتحق بـ (المجلس الاعلى)، فنقول له ابقى على ما انت عليه اليوم فهو افضل بكثير مما انت عليه في السابقة.

 فإننا نطلب منهم ان يبقوا محافظين على ما هم عليه اليوم، وان لا يفرطوا في الحشد الشعبي, ولا يزجوه في حرب تسقيطية ظالمة لا تستثني الشريف من الفاسد، وان يبقى الحشد هو القوى العقائدية التي يراهن عليها الكثير، ويبذلوا كل جهودهم من اجل تحقيق كل احتياجاتهم، وتعويضهم عن ما قدموه للوطن من تضحيات جسام، وان لا يتركوا عوائل الشهداء يتصارعون مع الفاسدين لنيل حقوقهم المسلوبة، وان ينصفوا الجرحى والمعاقين من ابناء ذلك الحشد، افضل بكثير من الانتخابات وصراعاتها الظالمة، فلربما فشلوا في مكان ونجحوا في غيره.