لتركيا همان في سوريا – بيار روباري

 

مهما تحدث الأتراك يمينآ وشمالآ، وأذرفوا دموع التماسيح، وأبدوا حرصهم المزيف على مصالح السوريين، لكن الحقيقة تبقى واحدة، وهي أن الأتراك لهما همان فقط في سوريا. الهم الأول والأساسي، منع الكرد من الحصول على أية حقوق قومية وسياسية، على شاكلة كرد جنوب كردستان (العراق). والهم الثاني، هو الحصول على موقع قدم في سوريا المستقبل.

الأتراك أكثر ما يخيفهم في الوضع السوري، هو أن يتحول إقليم غرب كردستان، مع الوقت إلى كيان رسمي، ويتم الإعتراف به سوريآ وعالميآ. فالبنسبة لتركيا وجود مثل

هذا الكيان يشكل تهديدآ للأمن القومي التركي كما يدعون، ويطلقون عليه تسمية “الحزام الإرهابي”. وتطالب تركيا دول التحالف الدولي بمحاربة الكرد (ب ي د)، بدلآ من تقديم الدعم العسكري لهم. لأن في نظرها، هؤلاء مجرد مجموعة من الإرهابيين، ومرتبطين بحزب العمال الكردستاني، الذي تصنفه تركيا تنظيمآ إرهابيآ.

ولتحقيق هذا الهدف، قدمت تركيا تنازلات كبيرة ومهمة لصالح النظام الأسد وحليفه الروسي بمدينة حلب، أي وقف الدعم عن الإرهابيين، وتسليم المدينة بشكل كامل مقابل السماح لها بالدخول لمدينة جرابلس والباب. ومقابل وقف العمليات العسكرية في الشمال السوري، سمح لها بدخول مدينة ادلب أخيرآ. ومع كل ذلك لم تنجح تركيا، في القضاء على المشروع الكردي، في إقامة كيان فدرالي، رغم كل التهديدات التي أطلقتها وتطلقها يوميآ ضد الكرد.

لن تتجرأ تركيا الدخول للمناطق الكردية وإحتلالها عسكريآ، إن لم يأذن لها بذلك أمريكا وروسيا. وجميع الدلائل تشير بأن امريكا ليست في وارد السماح لتركيا اردوغان أو لغيرها بالدخول لتلك المناطق، التي يسيطر عليها الكرد شرقي نهر الفرات. أما المناطق الواقعة غربي النهر، فهي المناطق تقع ضمن مناطق النفوذ الروسي، والروس موقفهم ليس واضحآ تمامآ في هذه الشأن، ويتماشى موقفها مع رغبات النظام السوري، الذي لا يريد أن يكون للكرد كلمة، ومكان على الخارطة السورية، وكل ما يريده هو إستخدام الكرد كورقة ضغط ضد تركيا.

رغم التفاهمات الروسيةـ التركية حول تقاسم النفوذ في سورية، إلا المشهد يوشي بشيئ أخر، لأن تركيا تهربت من تنفيذ تعهداتها في شوتسي، ولم تحارب جبهة النصرة في ادلب، مما دفع الروس السماح لقوات النظام السوري، بالتقدم نحو ادلب وإحتلال العديد من المناطق المهمة في ريفها. هذا قد يؤدي إلى تغيير ملامح مشهد خريطة النفوذ في النهائية. ثانيآ، الروس لم يخفوا رغبتهم في دعوة ممثلي الادارة الذاتية الكردية، إلى مؤتمر سوتشي، خلافاً للوعود التي قدمتها لتركيا، وحلفائها في المعارضة المشاركة في مفاوضات سوتشي.

 

إن حدث ذلك ودعت روسيا (ي ب ك)، سيكون له تبعاته على التفاهم الروسي- التركي في محافظة ادلب، ولا أستبعد في هذه الحالة، أن ينهار هذا التفاهم، وخاصة بعد إمتناع تركيا القيام بما كان يجب القيام بها، أي محاربة المجموعات الإرهابية، وعلى رأسها جبهة النصرة الإرهابية- فرع القاعدة بسوريا، التي رعتها ومولتها لسنوات طويلة، مما دعى إلى تدخل قوات النظام السوري، للقيام بتلك المهمة بنفسها، وإستردت مناطق عدة من تلك التنظيمات. هذا ما دفع بالجانب التركي الى استدعاء سفيري روسيا وإيران، للإحتجاج على ذلك، لخوفها من إنهيار تلك التنظيمات تمامآ، وسيطرة النظام على كامل المحافظة، وهذا يعني وجوب مغادرة القوات التركية محافظة ادلب والعودة الى تركيا، وهذا ما لا تريده أنقرة نهائيآ.

 

وتعويل تركيا على إنهاء الدعم الأميركي للقوات الكردية، هي الإخرى باءت بالفشل، وبدليل تدفق الأسلحة بشكل منظم لقوات (قسد)، وثانيآ، إعلان المسؤولين الأميركيين صراحة على بقاء تحالفهم مع تلك القوات، وارسال الدبلوماسيين الى المناطق الكردية لمساعدتهم على إعادة البناء، وحماية تلك المناطق، وأكدوا بأن القوات الأمريكية باقية في سوريا لمدة طويلة من الزمن.

 

والهم الثاني، الذي يشغل بال تركيا هو شكل النظام القادم وحصتها في الكعكة السورية.

وفي هذه النقطة أيضآ ستفشل، ولن يحكم الإخوان المسلمين وحلفائهم الدواعش، وجبهة النصرة سوريا مستقبلآ. وكل الوقائع السياسية والعسكرية تؤشر على ذلك بوضوح. لقد إنحصر نفوذ الجماعات الإرهابية التابعة لأنقرة وقطر، وبقيا النظام والكرد هما القوتان الوحيدتان على الأرض عمليآ.

وبالتالي لم يتبقى أمام الأتراك إلا سبيلين للسير فيه وأحلاهما مر:

السبيل الأول: قلب الطاولة على النظام السوري والروس، من خلال الإنفتاح على الكرد في سوريا، و تحويل القضية الكردية، إلى مصدر قوة لها، وحرمان الأطراف الإخرى من استخدام الكرد كورقة ضغط ضدها، وهذا غير قابل للحدوث، قبل أن تنفتح تركيا على كردها، وزعيمهم عبدالله اوجلان.

السبيل الثاني: القيام بغزو عسكري لمنطقة عفرين وإحتلالها، من دون الموافقة الروسية والأمريكية، وهذا سيخلق لها مشاكل كثيرة مع الدولتين، هذا عدا عن دخولها في معركة  شرسة مع الكرد، الذين سيقاومون بضراوة وحتى الرمق الأخير، ولن يستسلموا بأي حال للأتراك.

الأيام والأسابيع القليلة القادمة، برأي كفيلة بالإجابة على كل تلك التسؤلات وغيرها، وغدآ لناظره قريب.

 

11 – 01 – 2018

One Comment on “لتركيا همان في سوريا – بيار روباري”

  1. ليس لتركيا أي هم ، هي قلقة عن فشل بشار في القضاء على الكورد ، أوربما التسامح معهم في منح بعض الإمتيازات ، فهم يمنعون ذلك بطرد بشار وعندما يفشل الجميع في ردع الأكراد سيتدخل أردوكان فوراً ، في جميع الإحتمالات لن تكون للكورد مكاسب أكثر من إتفاقية الجزائر 1976 أبداً ، كان الكورد يعلمون ذلك يوم رفضوا التعاون مع الشيعة في العراق وحملوا السلاح في وجه بشار في سوريا

Comments are closed.