الاستراتيجية الخاطئة للكورد تٌبعدهم دوما عن التحرير كلما أقتربوا ..أين الخلل الكوردي و أين الدهاء التركي ؟  هشام عقراوي

ليس غريبا أن يبقى الكورد بدون دولة قومية  الى الان و ما نحن عليه هي نتيجة واضحة للتخطيط الخاطئ و عدم دراسة الكورد لأوضاعهم و جغرافيتهم و موقعهم الى الان و سيرهم وراء المخططات الاستعمارية على الرغم من أدعائهم بأنهم يعادونها و يريدون تشكيل دولة قومية أو حقوق متساوية مع باقي القوميات في الدول التي يتقاسمون كوردستان.

حتى قبل تقسيم كوردستان بين تركيا و ايران و العراق و سوريا لم يكن الكورد موحدين كي نقول تم تقسيمهم و لم تكن لدى الكورد دولة مستقلة أو أمارة موحدة و كانت هناك أمارات كوردية متصارعة فيما بينها و متحالفة كل منهم على أنفراد مع احدى القوى الكبيرة في المنطقة و أقربهم كانت الدولة الصفوية و العثمانية.

لم يكن الكورد وحدهم في ظروف صعبة قبل الحرب العالمية الاولى بل أن الكثير من الشعوب الاخرى  و منها العربية كانت في ظروف مشابه بعض الشئ للظرف الكوردي و لكن أغلبية تلك الاقوام سرعان ما تداركت الامر و أستطاعوا النفاذ من خلال السياسيات العالمية و الاقليمية و تشكيل دولهم القومية. و لكن الكورد فشلوا في ذلك حتى بعد الحرب العالمية الثانية و ليس فقط الاولى و كذلك في عصر البروسترويكا أي تسعينات القرن الماضي التي أنهارت فيه الدولة الغير قومية و تم تشكيل عشرات الدول القومية في الاتحاد السوفيتي السابق و غيرها من المناطق كيوغسلافيا و جيكوسلوفاكيا.

فشل الكورد في تشكيل دولتهم القومية الموحدة أو حتى دولهم القومية على الطريقة العربية و التركية حيث العديد من الدول العربية و التركية، له علاقة مباشرة بأخطائهم الاستراتيجية في تحليل الوضع العالمي و الاقليمي و ظروف كوردستان بشكل خاص.

فعلى الرغم من وجود ثوابت يعترف بها الغالبية العضمى من الكورد و لكن لا يتم العمل بها على أرض الواقع بل على العكس يمارس الكورد سياسة تجعلهم يخسرون الحروب و السياسة  دوما. و من هذه الثوابت:

الثابت الاول: الكل يعلم أن تركيا و أيران و سوريا و العراق على الرغم من أختلافاتهم فأنهم موحدون ضد الكورد و ضد تشكيل أي كيان كوردي مستقل في أي مكان كان.

الثابت الثاني: الكل يعلم أن تركيا هي العائق الاول في طريق حصول الكورد على حقوقهم و أن تركيا منعت ليس فقط صدام حسين بل حتى العراق و سوريا الان من حصول الكورد على حتى حقوقهم الثقافية.

و الثابت الثالث:  الكل يعلم أن تركيا تحتل أكبر جزء من كوردستان و أن أكثر من نصف الكورد هم في شمال كوردستان.

و الثابت الرابع: الكل يعلم أن لا صديق للكورد سوى الكورد أنفسهم و على الرغم من ذلك نرى الكورد يتحالفون مع محتليهم و لكنهم لا يتحالفون مع الكورد أنفسم و يفضلون التركي الحاكم على الكوردي.

و مع هذه الثوابت نرى الكورد في العراق و سوريا و أيران يتناسون هذه الحقيقة و يحاولون تشكيل كيانات  ( ميته) في جنوب و أو غرب أو شرق كوردستان. و في كل مرة يقتربون فيها من النجاح نرى تركيا و العراق و أيران و سوريا يتوحدون و يفشلون محاولات تلك الاجزاء.

فما عدا ثورة القاضي محمد و الملامصطفى البارزاني اللتان افشلتا من قبل أيران و ألعراق دون الحاجة الى التعاون التركي و السوري، فأن بقية الثورات تم أفشالها بالتعاون مع تركيا و لو كانت ثورة البارزاني و القاضي محمد قد أقتربت من النجاح لكانت تركيا عندها ستتدخل.

ذلك كان التأريخ القديم و الكثيرون من الكورد يعترفون بالفشل الذي حصل و لكنهم لم يتعلموا درسا واحد من تلك التجارب.

فالى الان هناك من يعتقد أن أردوغان و تركيا قد يكون صديقا للكورد في جنوب كوردستان ( اقليم كوردستان) و غربي كوردستان ( كوردستان سوريا) و نرى الاحزاب تتصارع في الحصول على رضى أردوغان، و نسوا أنه لولا تحالف اردوغان مع العراق و أيران لما فشل أستفتاء أقليم كوردستان و لكانت هناك دولة جنوب كوردستان الان.  هذا في جنوب كوردستان. أما في غربي كوردستان فالكل يرى أن أردوغان و تركيا الكمالية الاتاتوركية هي التي تقف ضد حتى الادارة الذاتية فيها و لا نقول الدولة الكوردية و لكن مع هذا هناك من يقول بأن أردوغان و تركيا هما ضد حزب العمال الكوردستاني و ضد قوات حماية الشعب و ليسا ضد الكورد و يتناسون أن تركيا غدرت بأكبر حليف لها و الذي كان البارزاني عندما رفع شعار الدولة و الاستفتاء و سنرى بمجرد عودة البارزاني الى أحضان الدولة العراقية فأن أردوغان سيضعة على نفس المائدة.

مربط الفرس هو أن تركيا هي العدوة الاولى لحصول الكورد على حقوقهم و دولتهم و كلما أنهارت دولة من الدول التي تتقاسم كوردستان فأن تركيا هي التي تساعدها في أفشال نجاح الكورد الحصول على حقوقهم و تجربة الاستفتاء في أقليم كوردستان و التجربة الحالية في غربي كوردستان دليل كاف على صحة هذا الشئ.

و هنا نصل الى نتيجة و نقولها بكل وضوح: أنه من المستحيل أن يحصل الكورد في العراق و سوريا و أيران على حقوقهم قبل أن يحصل الكورد في شمال كوردستان ( تركيا) على حقوقهم الكاملة.  لذا فانه مضيعة للوقت و للطاقات و للدم الكوردي محاولة تأسيس كيانات كوردية في العراق و سوريا و أيران قبل تركيا.  و الكورد يرتكبون خطأ كبيرا في جعل ثورة شمال كوردستان ضحية لحركات الكورد في باقي أجزاء كوردستان و على الكورد تكريس كل طاقاتهم و قوتهم من أجل تحرير شمال كوردستان أولا و ليس العكس.

تركيا و أيران و سوريا و العراق يدركون جيدا أن تشكيل دولة كوردية في العراق أو سوريا أو ايران هو شئ مستحيل و بسياساتهم الذكية يلهون الشعب الكوردي بثورات و حركات في تلك الاجزاء و من الجهة الاخرى يحاولون أفهام الكورد بأن نجاح الثورة الكوردية في تركيا هو ضرب من الخيال و شئ مستحيل. أي أنهم يعطون الكورد الامل في النجاح في العراق و سوريا و أيران فقط و الحقيقة هي أن النجاح الحقيقي و المثمر سيأتي من شمال كوردستان فقط و فقط من شمال كوردسان.  بهذه السياسة الذكية للدول المحتلة لكوردستان نرى أن الكورد يركزون على العراق وسوريا و أيران و يهملون تركيا حتى صار البعض في جنوب كوردستان يقولون ( ماذا يفعل حزب العمال الكوردستاني في قنديل) فاليرجع الى تركيا لانه حزب تركي و لا علاقة له بأقليم كوردستان.

بهذه العقلية المريضة و المشلوله خسر الكورد و يخسرون كل مرة. و لهذا نراهم يرتفعون  و يرتفعون و يقعون على الارض بحركة بسيطة من تركيا أو تحالف خبيث بين الدول الاربعة التي تحتل كوردستان.

يجب على الكورد تغيير سياساتهم رأسا على عقب، ففي الوقت الذي نرى شمال كوردستان و شرقي كوردستان هادئان نسبيا عليهم جعل شمال كوردستان مركزا للثورة و الاجزاء الاخرى تقوم بدعمها.

لنرى كيف تعمل تركيا و أيران و كيف يتناغمان سياسيا و عسكريا من أجل البقاء:

طوال السنوات المئة الماضية كانت تركيا تتعايش على الخلافات الامريكية السوفيية و كانت أيران و تركيا على الرغم من أختلافاتهم المذهبية يتعاونان مع أمريكا في حلف الناتو.  تغيير أيران الى دولة أسلامية شيعية لم تنجم عنه أية خلافات تذكر مع تركيا على الرغم من أستلام أردوغان الاسلامي السني للسلطة في تركيا لأن الدولتين كانتا تدركان أن سقوط ايران أو تركيا يعني تشكيل الدولة الكوردية.

الان على الرغم من العداء الفضيع بين أمريكا و أيران الاسلامية فأن أردوغان العضو في الناتو يقوم بحماية أيران من السقوط و يتحالف مع أيران حول سوريا و الدولتان متحالفتان ضد الكورد في العراق و سوريا أيضا.

و هذا يعني أنه لا يهم من يحكم تركيا و لا أيران و لا العراق و سوريا و لا يهم نظام الحكم فهؤلاء متفقون على معادات الكورد و حماية بعضهم البعض بينما الكورد مختلفون دوما فيما بينهم و هناك بينهم من يعقد الامال على أن يقوم اردوغان بتأسيس دولة كوردية لهم أو أن أردوغان هو عدو لحزب العمال و ليس للكورد و الحقيقة هي أن أردوغان عدو لحزب العمال لانه كوردستاني و ليس لانه حزبا للعمال.

3 Comments on “ الاستراتيجية الخاطئة للكورد تٌبعدهم دوما عن التحرير كلما أقتربوا ..أين الخلل الكوردي و أين الدهاء التركي ؟  هشام عقراوي”

  1. تحليل موضوعي دقيق استاذ هشام
    نعم الدولة تبدا من توركيا
    النواة هناك ثم تمتد وتنتشر الى الأجزاء الأخرى
    الزحم يجب أن تركز على رأس الأفعى تركيا
    أحسنت
    ولكن اعرض على القادة القصيري النظر الأميين فهل يعيرون اهمية لما جاء فيه
    اخي الكورد تحت رحمة الأمييّن انهم ليسوا بحاجة الى سوى رجل كاريزمي عالم مثقف خبير بالقضايا السياسية والادارة والإقتصاد–
    تحياتي لكم واحترامي وتقديري

  2. امسية سعيدة الأخ والإستاذ هشام،

    الحقيقة أن العضوية اللعينة لتركيا في الناتو هي التي تجعل منها الأكثر خطرا واعاقة للتحرر القومي الكوردي الكياني في المنطقة، للأسف الشديد.
    حيث كما نعلم، اضافة لوجوب دراسة الكورد بشكل صحيح والتكاتف والتضحية، يصعب جدا الوصول الى المبتغى دون المساعدة من الغرب أو روسيا، والغرب حتى الآن لا يضغط كافيا على تركيا بسبب تلك العضوية البشعة، وهذا ما يعسر جدا وصول كورد أي جزء لكيان معين.

    في هذا السياق يمكن القول، بأن التركيز على الكفاح الشمالي هو الأهم، لكن بنفس الوقت على الكورد في أي جزء ان يعملو ايضاً على استثمار الظروف المناسبة القادمة لأي جزء كوردستاني.

  3. ١: لقد ذكرت في إحدى مقالاتي لا أذكر متى ، متحدياً إستقلال جنوب كوردستان قبل إستقلال شمالها ، وها أنت أتيت لبيت القصيد ولسببان ، الاول أن شمال كوردستان هو المنطقة الوحيدة المحاطة بالكورد من جميع جهاته ، والسبب الثاني جغرافية كوردستان نفسها ، وفي قناعتي هذا ما سيحدث إن عاجلاً أم أجلا بعد طلاق الغرب لتركيا بالثلاث ؟

    ٢: أما أسباب الانتكاسات المتكررة فأسبابها كثيرة وقد ذكرت منها ، ولكن أخطرها إستمرار حكم الشعب بالعقلية العشائرية التي تتناقض تماماً مع مفهوم الدولة الحديثة ، والانكى تسخير موارد تلك الدولة و الشعب لخدمة تلك العشيرة ؟

    ٣: وأخيراً …؟
    الدولة التي يقدس شعبها الطغاة ويحمي الفاسدين لا مكان لها من الاعراب ولو بعد حين ، سلام ؟

Comments are closed.