مدى امكانية هزيمة تركيا في عفرين-  بيار روباري

 

الجميع يطرح هذا التساؤل، هل يوجد امكانية من هيمة تركيا في عفرين؟ وأول هؤلاء الناس الكرد أنفسهم. والبعض يطرح السؤال بشكل معاكس، أي هل سيستطيع الكرد الصمود أمام القوات التركية الغازية والى متى؟ وبإعتقادي النتيجة واحدة في النهاية.

كل ما يسعى اليه الكرد، هو صد العدوان التركي السافر وكسره، وثانيآ إفهام القادة الأتراك، بأن عفرين وسواها من الأراضي الخاضعة لسيطرتهم، ليست لقمة صائغة، وبالتالي من الأفضل لهم وقف عدوانهم في الحال.

والأن لنعود ثانية، الى صلب الموضوع الذي نحن بصدده، ألا وهو مدى امكانية هزيمة تركيا في عفرين، أو بكلام أخر إفشالها في تحقيق أهدافها، من هذا العدوان البربري، الذي يستهدف البشر والحجر والشجر.

نظريآ وبمقياس ميزان القوى، يصعب هزيمة تركيا، عسكريآ من قبل وحدات الحماية الشعبية الكردية. لكن السؤال، هل القصة مرتبطة فقط بعدد الدبابات، والصواريخ، والمدافع، والطيران التي يمتلكها تركيا؟ أعتقد الكثير من التجارب القريبة والبعيدة تقول العكس. أي أن امتلاك القوة العسكرية الهائلة، لا تمنح صاحبها سك النجاح المضمون في المعركة. إنظرو معي الى تجربة الأمريكان في كل من أفغنستان والعراق، وتجربة إسرائيل مع حزب في جنوب لبنان، وتجربتها مع حماس في قطاع غزة. معنى القول، إن القوة لوحدها لا تحقق النجاح. لا بد من وجود إرادة قوية لدى المقاتلين في جبهات القتال.

صحيح أن الدولة التركية، تملك امكانيات عسكرية وإقتصادية كبيرة للغاية، ولها شبكة علاقات ومصالح إقتصادية، وسياسية وأمنية كبيرة، مع كافة دول العالم، وفوق ذلك عضوة في حلف الناتو.

لكن الجميع يعلم بأن الجيش التركي يعاني من الكثير من المشاكل والمتاعب، بسبب

تطهير الجيش والقوات الأمنية، من كبار القادة والمسؤولين، وتم استبدلهم بآخرين يفتقدون للخبرة والمعرفة، على يد جماعة اردوغان، لمجرد الشك في ولائهم للحكم الإخواني الذي يقوده الحاكم باسم الله السلطان اردوغان.

وكان نتيجة ذلك، أن واحد من كل أربعة طيارين أتراك، من ذوي الخبرة في الطيران والقتال، يقبع اليوم في السجن. وهناك العشرات من الطائرات الحربية اليوم، تقبع في المطارات، بسبب النقص في الطيارين المدربين.

والإشكال الأخر، الذي يعاني منه الجيش التركي حاليآ، هو غياب الثقة بينه وبين قيادته السياسية، وفي مقدمتهم اردوغان، بعد محاولة الإنقلاب الفاشل، الذي قاده مجموعة من الضباط وصف الضباط عام 2016 عليه.

ونقطة الضعف الإخرى، التي يعاني منها الجانب التركي، هو هشاشة القوات المتحالفة معها، وجميعها جماعات مرتزقة، ولا تعنيهم معركة عفرين الكثير، وقد جربتهم تركيا من قبل في عدة معارك وخسرت الرهان.

ولو أخذنا معركة تركيا ضد حزب العمال الكردستاني التي مر عليها الأن أكثر من أربعين عامآ نموجآ، لتوصلنا إلى نتيجة مفادها، أن تركيا ستعود أدراجها وحاملة معها خيبتها الكبيرة. لأن جيشها العرمرم هذا، فشل في القضاء على حزب (ب ك ك) بقيادة اوجلان، خلال 40 عامآ. فكيف له أن ينتصر في عفرين وهي مقاطعة تقع خارج حدود تركيا. وأبناء المنطقة يحاربون في أرضهم، ويدافعون عن بيوتهم، وأهلهم وعرضهم. يضاف إلى ذلك، أن القوات الكردية تملك خبرة قتالية جيدة، إكتسبتها من حربها مع الجماعات الإرهابية المتطرفة، كجبهة النصرة، وتنظيم داعش، ولواء التوحيد، وجند الشام.

برأي الجنرلات الأتراك، خدعوا اردوغان عندما أقنعوه، بأن عملية عفرين ستستغرق فترة قصيرة، ولن تدوم أكثر من إسبوع، والسبب الثاني، الذي ورط اردوغان في هذا الحرب المجنونة، هو غروره وجنون العظمة الذي يسكنه. وهدفه من هذه الحرب القذرة هو شد عصب الشعب التركي، قبل الإنتخابات الرئاسية القادمة. لأن حلمه أن يصبح رئيس تركيا، بصلحيات مطلقة كأي دكتاتور في العالم.

ختامآ، ليس أمام الكرد سوى الدفاع عن أنفسهم ومنطقتهم بنفس طويل، ومن الضروري التفاف الشعب الكردي في منطقة عفرين حول المقاتلين البواسل، الذين يبدون مقاومة بطولية قل نظيرها. وعلى بقية الكرد، وخاصة في منطقة الجزيرة، وشمال كردستان تقديم يد العون لأهلهم في عفرين الصامدة. ويجب فتح عدة جبهات إخرى، وأعني بذلك فتح جبهة منبج، جرابلس، وإطلاق يد المقاتلين الكرد في عموم تركيا، وضرب عصب الإقتصاد التركي والقواعد العسكرية والأمنية في كل مكان، بهدف تخفيف الضغط عن عفرين، وإجبار الأتراك على وقف عدوانهم الإجرامي على عفرين.

والأمر الأخر الذي يجب القيام به، حملة سياسية ودبلوماسية وجماهيرية وإعلامية، ترتفع إلى مستوى تضحيات المقاتلات والمقاتلين الأبطال، بهدف ايصال الصوت الكردي للرأي العام الغربي، وتشكيل رأي عام ضاغط على حكوماتها، بهدف دفعها للتدخل، لوقف العدوان التركي عن عفرين مدينة السلام.

 

30 – 01 – 2018