كتاب الحب في المجموعة الشعرية ( انتِ تشبهينني تماماً ) للشاعر سعد جاسم  – جمعة عبدالله

الشاعر غني عن التعريف, فهو طاقة أبداعية متعددة المواهب والقدرات الابداعية  المتنوعة . في ( الادب والمسرح ) , وينشغل في توظيف ابداعه الشعري , في التجدد والابتكار في تجربته الشعرية الطويلة , في ابداع متميز في اسلوبيته . وهذه المجموعة الشعرية , ضمن انجازاته الابداعية في الشعر , بتقنيات راقية في الاداء الفني والتعبيري . وفتح جناحيه ليحلق في اشراقات الحب والعشق . بكل احساس وشعور وجداني  , ليفرغها بهذا الفيضان العذب  في اطياف الحب , اشراقاته وافاقه المفتوحة والمتعددة في تجلياته  , من الاشباع الغريزي والشعوري المتدفق ليسكب ابجدية الحب بهذه الرؤى الشعرية   , ليعطي اهمية للحب  في الدلالات التعبيرية  البليغة . ليعطي للحب الوجه المضيء الناصع والمشرق , في الهام عاشق محلق في الفضاءات البعيدة  لابجدية الحب , التي  تترنم في تراتيلها مع تدفق خفقات القلب المنسرحة في تيار الحب والعشق  , في الالهام والاشتهاء والرغبة والقدسية في التوحد  , في الصوفية العشقية المنيرة في اشراقاتها الجامحة , للحب الصافي والنقي , فهو يجنح بالحب بكل افاقه ومجالاته ويغوص بها  , بما فيها اللذة الفرودية , لكنه , لكنه ينظر الى الحب بطقوس تصل الى القدسية والعبادة والتوحد , اي ان الحب تحركه اشراقات روحية وغرائز ووجدانية مضيئة , تسمو بالحب بالسمو العالي  , ولا تنزل به ان يكون شهوة شبقية وغريزة باللذة الاشتهاء  فقط ,  اي انه في الحب يتوسم الروح ,  قبل ارتشاف  مفاتن الجسد الانثوي  ,  يغوص في النقاوة الروحية , التي تعطي للحب وزن وقيمة للحياة والواقع , كأنه الملاذ الذي يكسر العزلة الروحية , ويفتت هموم الغربة والمنافي  . هذه الاشراقات المضيئة حملتها قصائد مجموعته الشعرية , في دلالاتها  بليغة في الايحاء والمغزى . لنفتح كتاب الحب ونتصفح اطيافه ,  من ابجدية العشق الرومانسية  :
1 – الحب بديل لخسارات الواقع الجاثم  : اطياف الحب تضيء اشراقات الروح , وتضمد جراحها , بعطر القرنفل , لتخفق له جوانح القلب والوجدان , ولكي تلجئ اليه اكثر واكثر , كملاذ آمن , ليعوضه عن خسارات الزمن الرديء . زمن المنافي والحروب
أبدأ معك وفيكِ نص الصباح
وأغانيه وقبلاته وقر نفله
فتشرق شمس قلبي
وأحبكِ اكثر فأكثر
وانسى ما خسرته ُ
في المنافي والحروب    / من قصيدة ( صباح النيسيان )
2 – الحب الايروسي : في مرآة اللذة الفرويدية , التي يحلم بها في شوق واشتياق , ان يكون في حضرة هالة  المحبوبة , ليرتشف من  ثمارها اللذيذة , في الاحضان الملتهبة , التي ترتعش وترتجف له  جوانح الوجدان , امام  هالة مفاتن المعبودة , في قوام جسدها  , لتبدأ طقوس الحب , ولكن هي  مجرد حلم عذب وشفاف يقدح في الذهن
جسدكِ .. ؟
مجرد الحلم بأحتضانكِ
يجعلني ارتجف
من اللذة
 في مرآيا الطقوس    / من قصيدة ( اللذة في المرآيا )
3 – قدسية الحب : الذي ينساب في اعماق الذات , بانواره المضيئة في جوانح القلب , في معبد الاشتهاء , التي تسخن في رضابها في الروح , ليسافر معها الى معبد الصلاة لينهمر المطر الحب  القدسي . مطر الحياة بأشراقاتها  , التي تجعل الرؤية في هالة الابتهال الرباني , في طقوسه القدسية , حتى تختلط عنده الرؤية بالدموع . هل هي دموع الله ؟ أم دموع العاشقة , التي افتقدت حبيبها في متاهات بلاد  الضياع ؟
المطر يتساقط بضراوة
أهذه دموع الله ؟
أم دموع العاشقة
افتقدت حبيبها
 في متاهات البلاد ؟    / من قصيدة ( متاهة بلاد )
4 – حب سومري : العاشق يتحمل عبء معاناة الحياة الوخيمة   , في قلب مدمن بالعشق , لكن معاناة وقسوة الواقع , تجعله  يخرج عن  طوره ويتمرد على الواقع  المشحون بالشجون والاشجان  والاحزان والخراب . . حتى انه في هيجانه لهذه الحالات المأزومة , يتصور نفسه كالطفل والمجنون اوالحكيم .  او العاشق الذي يحمل صخرة الواقع على ظهره , ويتوجع لمرارة الوطن القاسية , الوطن المصلوب والمهضوم والمباح والمكسور , لتدمل جراحه قيحاً , على بلاد الامهات . الارامل . بلاد الذكريات التي تخنق  الوجدان , بلاد الخسارات , هكذا وصل اليه بلاد سومر من المعاناة ,  معاناة تتشضى بالجراح ,  في بلاد سومر الجليلة . بلاد أمنا الحنونة , بلاد المستحيلة  .
وأنا معني
بقلبكِ العذب …. الطفل
المجنون .. الحكيم .. العاشق
المشاكس … المقهور
والمهضوم على البلاد
البلاد – الامهات
البلاد – الارامل
البلاد – الخسارات
البلاد – الذكريات
البلاد – القاتلة – القتيلة
البلاد – أمنا الجليلة
البلاد – المستحيلة    / من قصيدة ( تجليات السومري وانثاه النافرة )
5 – الحب ملاذ ومأوى : الانجراف في تيار الحب باشتياق وشوق , من اجل قطف  تفاحة الاشتهاء , التي ترتعش لها جوانح الروح , وتجعلها تغوص الى اعماق , بالاشتهاء  بقطف ثمارها  اللذيذة وعسلها الشهي  , لتكون رغبة  الاشتياق  والملاذ  , ليطفئ نيرانه الملتهبة , ليقيم عليها كالوطن الحنون
” اللذة ….. انتِ “
سأشم وردتكِ الساطعة
واقضم تفاحتك الشهية
وارتشف عسلكِ الاشقر
وعميقاً … عميقاً
اوغل في نهركِ الساخن
ثم أقيم فيك كوطن حنون
اللذة ….. أنتِ   / من قصيدة ( نصوص الحب والخلاص )
6 – التوحد الروحي في الحب : حين تنغمر روحه في نهر روح المعشوقة , لتتجلى في روح واحدة بالتوحد الروحي . تجعل فواحة الحب تزهر بالرياحين والحنين والشوق , ليرى روحه تتقمص بروح المعبودة , في ابتهالات الحب في ترانيمها الصافية في خفقاتها . كأن الحب هبة من رب العالمين , والمعشوقة خلقها الله  ليمنحها للعاشق كهبة من بركاته , ليتجلى النور في الحب بهالة الاشراق الجميل الساطع  , لينغمر في فردوس العشق كروح واحدة متوحدة , في التشابه والانسجام التام  , كأن الله خلق روح واحدة تجمع العاشق بالمعشوق في تكامل روحي .
إلا مع الله
الذي اصطفاكِ لي
فغمرني بكل هذا الشغف
وهذه المسيرة الساطعة
التي هي انتِ
أنت التي تشبهينها
في ضحكتها وفي قامتها أيضاً
ولكنكِ ……
 لاتشبهين إلا روحك البرية
 التي تجلى الله
وخلقها من اجلي
 كما لو أنه يقول لي
– خذ يا أنتَ
خذ هبتي هذهِ
لتكون قصيدتك
وانثاك الفردوسية
التي هي في رؤيتي ورؤياي
لا تشبه إلا نفسها
وتشبهكَ انتَ ايضاً   / من قصيدة ( أنتِ تشبهينني تماماً )
7 – للحب وطن أخر : حين تسد نوافذ الوطن الام , ويتحول الوطن  الى سوط معاناة واضطهاد وقسوة , في انكار ابويته الى ابناءه الاوفياء . ليصبح الوطن الملعون بالعذاب والاحزان والرعب  , فما على العاشق إلا ان يبحث عن وطن اخر بديل , وطن العشق والمعشوقة , فهي وطن الملاذ . الوطن الحامي
لان وطني
مرعب ومتلبس
وقاسٍ حتى في حبه
 في أبوته
أخترتك ِ انتِ
كي تكوني
وطناً لي    / من قصيدة ( وطن اخر )
8 – الحب للام : هذه الروح الطاهرة في نقاوتها , التي خلقها الله من عطر الرياحين والزعفران والحنين . هذه الام في قدسيتها و في رائحة الطيبة والمسك , انها روح من نور . قلب من شهد وحنان قروي , بندى الحنين . هذه الام ينبوع الذي ينضح بالنور والحب . الام التي تذوب روحها في فلذة اكبادها . تذوب في الانين المؤلم ,  حين تصهل صهول الحروب والموت وغياب الاحبة . انها روح الله تمشي على الارض . انها آله الحب والحنين وحارسة فردوسه بالنقاء الروحي
كلما أتذكرك ِ
أشم رائحة الدمع
ومن أصابعكِ المضيئة
أشم رائحة الحنين  والزعفران
لدمعكِ…..
رائحة الضيم
وله رائحة السواقي
ولانفاسكِ …….
رائحة النعناع   / من قصيدة ( رائحتكِ حنين وزعفران . الى روح أمي )
جمعة عبدالله