باسم خشان .. سجن نفسه.  زينب الغزي

إرتفعت أصوات الأبواق، وطرزت مواقع التواصل بخبر الحكم على الناشط المدني ” باسم خشان ” بالسجن ست سنوات من قبل محكمة السماوة، و بين مصدق ومكذب للخبر أخذنا نتجاذب أطراف الحديث، حول كيف، ومن، ومالسبب، ومالذي قلب الأحداث ليصبح المشتكي مدان؟.

قررت أن أقطع الشك باليقين وأجعل المسافة بين الكذب والصدق صفر وليس أربعة أصابع، توجهت بهمة الباحث، لكن البحث عن ماذا، عن حقيقة ” باسم خشان ” أم عن حقيقة آخر وجه للفساد، أو عفوا اقصد ” للنزاهة ” .

تراجعت قدماي حتى قبل أن تستلم الإيعاز من خلايا عقلي، وأرتسمت على محياي إبتسامة صغيرة، أحسستها مشابهة لتلك المرسومة على وجه ” خشان ” الآن ، لسبب أننا الاثنان بل وأغلب المواطنين والعقلاء والمفكرين وأصحاب الضمائر، نعرف اللص الذكي الذي يبحث بين ثغور الخراب والفقر والعوز وحتى الموت، ليطبق قانونا لم يعترف به أو يحترمه يوما.

” خشان ” روح سماوية أزهقها بيده كي لايساومه عليه أحد، ثم أطلقها في رحاب السماوة التي يبكيها كلما نظر إلى شوارعها، وهو يراها تضمحل وتندثر أمام حماقة وغباء وأنانية أصحاب السلطة فيها، جعلها تحوم في مستشفيات تستورد الموت والمرض لمواطنيها، ومدارس تقتل أول حروف الكتابة لتضع مكانها، إحباط، ضياع، لاإرادة، معالم سياحية، تشبه حطام المعارك وغرف التعذيب، موارد طبيعية، مياه جوفية صافية، مساحات خضراء، … إلخ .. إلخ .

حينما أوجعه وضع مدينته أطلق العنان لترانيم العشق السماوي التي أشتعلت في صدره منذ مراهقته، فما عاد يهاب الأعراف التي تمنعه عن محبوبته، وما عادت المسافات حاجزا بينه وبينها، وما عاد الخجل الشعور الذي يسيطر عليه عند لقاءه بها، فقد أيقن انه أحق شخص بها.
فلم يخذلها عندما لاذت بجنبه، ولم يكلفها فوق طاقتها حينما أحتاج هو ، ولم يسرق ضحكتها ليرضي مطامع شيطانية ذاتية، ولم يجلس على كرسي دوار ليأمرها كما الجارية تحت قدميه، ولم .. يصدر خيرها لدول المجون والفسق.

لايوجد سماوي لايعرف أو لم يسمع ب ” خشان ” أو لم يأيده بما يفعل، لكن خشيتهم المواجهة مع الظالم و خوفهم على مصالحهم التي أقنعهم أرباب الفساد أنها بيدهم، ومحسوبيات العشائرية التي تطغى حتى على روابط الدين والقانون، جعلهم يقفون موقف المتفرج بإنتظار انتصار ” خشان ” ليعلنوا انهم من مؤيديه، أو حكمه بالسجن وهنا سيبدأون بلومه أو التأسف عليه خفية، وهو أضعف إيمانهم .

” خشان” رفع أكثر من ثلاثمائة قضية فساد ورشوة وهدر بالمال العام، ليتم سجنه بقضيتي إشهار.
إشهار بمن !
بالفاسد والمرتشي و المتهاون وسارق الاحلام، ومحتكر خيرات مدينة كاملة له ولعشيرته، و المتسلط على عقول وخبرات وكفاءات، بسبب منصب أعطي له كي يكون أمينا وراعيا على الحياة و المصالح في هذه المدينة البائسة.