طوفان الطلاق يجتاح المجتمع العراقي- امجد العسكري

ان الحياة العائلية هي شطر صغير من الحياة الاجتماعية، بل هي أساس المجتمعات الكبرى وجذورها، وهي بحاجة الى المحبة والعواطف اكثر من اي شيء اخر، ان مختلف فصول حياة الانسان تبدأ من محيط المنزل وتنتهي اليه، يعتبر محيط المنزل عش السعادة والراحة والدعة فيما اذا دارت حياتهم حول محور العلاقية القلبية والاعتماد المتبادل والطمأنينة المتقابلة، وظلَّل الخلاص على كل سلوكهم ومعاشرتهم، وكلما كانت الاواصر الروحية والاخلاقية بين اعضاء الاسرة اقوى كانت السعادة اكثر بنفس النسبة في ذلك المحيط، اذ الانسان بحاجة ماسة في الساحة الصاخبة للحياة الى فراغ البال وراحة الفكر والخيال.

كان لمحيط الاسرة في العراق، قبل الانفتاح الغير مطمأن على العالم الغربي، حيث كانوا يعيشون مراحل الحياة البَسيطة، صفاؤه ولطفه الخالص، كان الرجال يزاولون الاعمال خارج الدار لتأمين المعاش، والنساء يفضلن أدارة البيت, وتربية اودلاهن على كل شيء اخر، ولم يكن نشاطهن يتجازو محيط الاسرة.

ان نمو الظروف المعيشة الصعبة في المجتمع العراقي، الزم الحاجة لزيادة الايدي العامل للاسرة الواحدة، فكان من ثماره الاولى ان تجذب الرجل والمرأة الى مراكز الصناعة والتجارة وإدارة سائر المؤسسات العامة والحكومية، وقلب الاوضاع المعيشية المدنية، واوجب فعالية ونشاط اكثر للعيش الافضل ولتجميل ظواهر الحياة، ونتيجة لهذا التطور والتفرقة التي حدثت بين اعضاء الاسرة وهنت العلاقة الزوجية، وقللت المحبة والعواطف والعشائرية والرحمية بصورة كبيرة، واورث للمرأة شكاً وتردداً في ارتباطها بمحيط الاسرة وعلاقتها بأولادها، فالنساء اللواتي كن الى ذلك الحين ينَّورن قلوبهن بتربيتهن لأولادهن فقدن تلك العلاقة واصبح توقع ذلك منهن في غير محله ومن غير المعمول.
شكلت نسبة حالات الطلاق التي أعلنتها مؤخرا السلطة القضائية العراقية، صدمة كبيرة في الأوساط الاجتماعية والقانونية على حد سواء، وفيما عزاها البعض للظروف الأمنية والاقتصادية التي يعانيها البلد بعد الغزو الأمريكي عام 2003، فقد أرجعها آخرون للزواج المبكر، إحصائيات صدرت أخيرا تشير الى ان العراق وخلال عام 2017 الماضي فقط؛ سجل احد عشر الف وخمسة مائة حالة طلاق، مقابل عشرة الاف حالة زواج في العام ذاته، ولو تأملنا اكثر لوجدنا نسبة عشرون بالمائة من حالات الطلاق هي بطلب من الزوجة، لذا نحن نقف امام خطر عظيم يخيم على التكتل الاسري، داخل المجتمع الذي هو اسلامي بنسبة كبيرة، في حين ان نسبة الطلاق بتزايد مستمر.

ان ارتفاع ارقام الطلاق خطر لا يمكن التغاضي عنه، ومع شيوع الفساد والحضارة الجديدة سترتفع ارقام الطلاق اكثر، وسيتلاشى نظام كثير من الاسر تحت سياط مختلف الشهوات المحطمة، اللهم إلا ان يرجع المجتمع الى السنن الاسلامية الثابتة مرة اخرى.