الحِكمة مكافحة الفساد- سلام محمد العامري

قال امير البلغاء علي عليه السلام:” خَالِطُوا النَّاسَ مُخَالَطَةً إِنْ مِتُّمْ مَعَهَا بَكَوْا عَلَيْكُمْ، وَإِنْ عِشْتُمْ حَنُّوا إِلَيْكُمْ”.
المخالطة توصف بأنها ممازجة بين الأشياء, ولابُدَ ممن يتصدى للقيادة, أن يخالط من يقودهم مخالطة حقيقية, مستمعاً لمطالبهم مُحقِقاً لمطالبهم المشروعة, منتزعاً من قلبه الأنانية, كي يحظى بمحبة من يختاره قائداً.
تكتنف عملية الدعاية الانتخابية عند كل دورة؛ سلبياتٌ أدت للفساد, الذي كانت من نتائجه, إحباط همة المواطنين, وعزوفهم عن المشاركة بالانتخابات, حيث سادت المصالح الفردية أو الحزبية, ممارسات أعضاء النواب ومجالس المحافظات, فبدلاً من مخالطة المواطنين, بعيداً عن الانتماء الوطني, أصبح الانتماء الحزبي هو السائد, في الدوائر.
من أهم أعمال الفساد إفساد العقول, وهذا ما عمل عليه رواد المفسدين, مستغلين إعلاميون شباب, باعوا أقلامهم لعوزهم المادي, أو لبحثهم عن الشهرة الدنيوية, ليصبحوا أداة لإفساد عقول, من يجهل خبايا الساسة, فيزينون كل مُشوه ونَكِرة, ويطعنوا بمن تتحلى به النزاهة والكفاءة, تاركين كل القيم الوطنية, وقسم الإعلام المهني الشريف خلف ظهورهم.
قال أرسطو: “شر الناس هو ذلك الذي بفسوقه, يضر نفسه والناس”, والذي يهمنا هنا الضرر بالناس, كونه يؤدي لتحطيم جيل, إن لم نَقُل مجتمعاً برمته, ليتأصل الفساد في النفوس, من خلال كلمة توهين, تجعل من الفاسدين عمالقة لا يمكن صدهم, للترويج على أن الفساد, لا يمكن القضاء عليه.
بعد أكثر من عقد منذ سقوط الطاغية؛ عانى المواطن فيها ما عانى, وصل الفسادُ لذروته, وفشلٌ ذريع بكل مفاصل الدولة, ولا سبيل للنهوض سوى, محاربته من قبل شبابٍ واعٍ, من خلال حكمةِ التمكين, لتكبح جماح التوهين, التي عمل عليها الفاسدون.
الدورة الانتخابية القادمة, تُمثل مفترق الطريق, فإما إيمانٌ يُنقِذ الأمة العراقية, وإما رُكودٌ في ظلمات الجهل, ذلك ما يحدده المواطن في أيار 2018.
قال الشاعر والصحفي المصري, عباس محمود العقاد:” الأمة التي تجهر بالحق, وتجترئ على الباطل, تَمتنع فيها أسباب الفساد”.