ترسيم خارطة كردستان:  الإقليم وتقرير المصير والقومية- إعداد وترجمة: محمد توفيق علي

 

 

عَرض كتاب بالعنوان المذكور أعلاه من تأليف الأكاديمية زينب كايا، وهي زميلة أٌقدم في قسم الدراسات الإنمائية في كلية الدراسات الشرقية والأفريقية ” SOAS”، و باحثة زميلة في مركز الشرق الأوسط ومركز المرأة والسلام والأمن، كلية  الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة لندن، ومحاضرة ومشرفة في البرنامج الدولي، جامعة كامبريدج. تركز أبحاثها على الكرد وسياسات الهوية في الشرق الأوسط من منظور العلاقات الدولية، والمحركات الجنسانية للصراع في العراق. يقع الكتاب في 228 صفحة من القطع الكبير بغلاف مقوى ويتضمن  7 خرائط ، من اصدار دار نشر جامعة كامبريدج بتاريخ حزيران/يونيه العام 2020  وحسب الترقيم الدولي للكتب 9781108474696  وبسعر خمسة وسبعين باوند استرليني. أدناه ترجمتي لإعلان الناشر على موقعه على شبكة الانترنت:

منذ أوائل القرن العشرين، تحدّى الكرد حدود الدول التي يسكنونها وهوياتها القومية. ولا يتجلى ذلك في أي مجال أكثر من مجال ترويجهم لـ “خريطة كردستان الكبرى”، وهي المثل الأعلى لوطن كردي موحد في منطقة معقدة عرقياً وجغرافياً. وهذه الصورة القوية راسخة في وعي الشعب الكردي، سواء داخل المنطقة أو، وربما بشكل أقوى، في الشتات. وفي سياق معالجة غياب البحوث والتحليلات الدقيقة للسياسة الكردية من منظور دولي، تركز زينب كايا على تقرير المصير والهوية الإقليمية والمعايير الدولية للإشارة إلى كيفية بناء خيالات الأوطان هذه اجتماعياً وسياسياً وتاريخياً (مثل أراضي الدول التي يسكنها الكرد)، بدلاً من تصورهم لكونهم طبيعيين أو معمرين أو جوهريين. إن اعتماد نهج غير سياسي لمفاهيم الدولة القومية والإقليمية، ترسيم خارطة كردستان هو دراسة منهجية للعمليات الدولية التي مكنت مجموعة واسعة من الجهات الفاعلة من تخيل وخلق صورة ترسيم الخرائط عن كردستان الكبرى المستخدمة اليوم. انه يحكي قصة خريطة كردستان، وكيف أن بنائها التاريخي يُنير الشعور الكردي بالأراضي والهوية والوطن. واتباع نهج غير سياسي لمفاهيم الدولة القومية والإقليمية لإجراء دراسة منهجية ومتواصلة تاريخياً للسياسة الكردية وتفاعل الكرد مع المجتمع الدولي. وله أهمية للمهتمين في تجدد التركيز الإعلامي على الكرد، بالإضافة إلى علماء وطلاب العلاقات الدولية والقومية ودراسات الشرق الأوسط . ومن ملاحظات القراء: 1. الأكاديمية كاترينا ديلاكورا، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة لندن. تدعونا هذه الدراسة الممتازة إلى إعادة النظر في تاريخ القومية الكردية من خلال الخرائط وترسيم الخرائط. وبتتبع دَور ترسيم الخرائط كجانب من جوانب علاقات ما بين السلطات، والأراضي كجزء من البناء الحديث لأمة ما، يقدم هذا الكتاب الرائد رؤى جديدة في فهمنا لـ “الكرد” والقومية على نطاق أوسع”. 2 . الأكاديمية دايان اي كينغ،  من جامعة كنتاكي الأمريكية: “مساهمة هامة في دراسات العلاقات بين البنى والتطلعات القومية ، والأراضي والسيادة، والهوية الجماعية في الأراضي الإمبريالية ودول عصر ما بعد الاستعمار. دراسة هامة لترسيم الخرائط  عن “كردستان”، فإنها تلتقط حيث (الراحلة) ماريا أوشي (2004) توقفت.’  3. الأكاديمي ديفيد رومانو، استاذية توماس ج. سترونغ  في دراسات سياسة الشرق الأوسط، في جامعة ولاية ميسوري الأمريكية: “زينب كايا” تقدم للقراء فحصاً نقدياً لبناء وتخيل كردستان من خلال صياغاتها الخرائطية، إلى جانب بعض الآثار السياسية والثقافية والاجتماعية لهذا البناء. يمثل هذا العمل الجيد الأوساط الأكاديمية في أفضل حالاتها، حيث يتجنب الجدل الحزبي وبدلاً من ذلك يعيد النظر بشكل منهجي في الكثير مما نأخذه أمراً مفروغاً منه في هذه القضية”. ولمزيد من المعلومات بالإنجليزية والصور راجع الرابط المدون أدناه.   

 

عَرض المؤرخ  ديفيد ماكدوول على موقع كلية الاقتصاد على شبكة الانترنت، 25 أغسطس 2020:

درس ديفيد ماكدويل التاريخ الإسلامي تحت إمر البرت حوراني للحصول على شهادته الجامعية الأولى وكتب أطروحته للدراسات العليا حول ثورة الدروز في سوريا في الأعوام 1925-1927. وهو من الاختصاصيين، بعد أن عمل في المجلس الثقافي البريطاني والمنظمات التابعة للأمم المتحدة، قبل أن يصبح كاتباً متفرغاً، يكتب عن بريطانيا وفلسطين ولبنان والكرد. وهو مؤلف كتاب “التاريخ الحديث للكرد” الذي صدر لأول مرة في العام 1996، وهو حالياً في طبعته الرابعة.

في هذه الرواية الادراكية عن المصاعب الكردية للحصول على اعتراف رسمي على الساحة الدولية، تلجأ زينب كايا حتماً إلى الوسائل التي تم بها ترسيم خريطة كردستان، كما هو واضح في عنوانها. وبذلك، ذكرتني بمحاضرة في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة لندن قبل نحو 15 عاماً تقريبا، ألقاها الفيلسوف برونو لاتور، الذي أشار فيها إلى فئتين عريضتين من الحقائق، سماها “سلسة”، على سبيل المثال الماء هو H²O، وتلك التي كانت ” خشنة”، أي تلك التي هي معقدة، تسمح للتفسير والتأويل . الخرائط، بامتياز، تجعل الحقائق ” الخشنة ” سلسة عمداً، مما يعرض التعقيد ببساطة مبدعة، ويغفل الحقائق التي لا تتناسب مع جدول أعمال رسام الخرائط. وينطبق هذا على الخرائط الحديثة، مثل مسح   الخرائط العسكرية البريطانية، كما ينطبق على الخرائط الإسلامية المبكرة (بالنسبة لنا). كل هذا يتوقف على ما أنت ترغب القارئ أن يفهم منها. كان رسامو الخرائط المسلمون الأوائل يرغبون أن يعرف قراؤهم بشكل رئيسي عن المدن والمناطق النائية، وليس عن “أراضي الوقاحة “،الجبال والصحاري – حسب عبارة كارلتون كون المشهودة. عندما حصلت كردستان على ذكر رسمي موجز في الفترة السلجوقية، كانت جزءاً من الجبال المزعجة.

وفي القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، ازداد الاهتمام في المناطق غير المرسومة على الخرائط ، ولا سيما بين الأوروبيين المقدامين. العديد من هؤلاء لم يكن لهم جدول أعمال يتجاوز اكتساب المعرفة، ولكن حتما أنها كانت حصان طروادة للاختراق الإمبراطوري. وفيما يتعلق بإقليم كردستان، كانت بريطانيا وروسيا هما الإمبراطوريتان الخارجيتان اللتان كان لهما الاهتمام  الأكبر، ولكنهما كانا مهتمين بشكل رئيسي بأنهما منافسان يرغبان في حرمان الآخر من الفرص. ومع ذلك، ساعدت المنافسة التي تمت على تسييس الهويات المحلية – الكردية والأرمنية والآشورية – التي كانت كامنة إلى حد كبير في الناحية السياسية داخل أحضان الإمبراطورية العثمانية. شاركت روسيا وبريطانيا في ترسيم الحدود العثمانية – القاجارية (الايرانية)، وهي مناورات استغرقت من العام 1847 لغاية العام 1914، وأزعجت القبائل الكردية لأنه حيث قاطعت الحدود الجديدة طرقها في العابرة، اضطرت إلى التفكير في الهوية: القبيلة والدولة والدين. وكما هو متوقع، أصبح الجميع مهتمين بشكل كبير بالخرائط.

ومع ذلك، جاءت الأزمة الحقيقية بعد العام 1918، مع زوال الإمبراطورية العثمانية. وبحلول ذلك الوقت كانت الفكرة القومية التركية والعربية متماسكة، بدعم من مثقفين نشطين في مختلف المدن وفي القوات المسلحة. كان الشعور القومي الكردي لا يزال محصوراً إلى حد كبير في حفنة من الأعيان، لا سيما في (مدينة) اسطنبول، منقسمين بين أولئك الذين يؤيدون الاستقلال العرقي وأولئك الذين يرغبون في الاعتراف الثقافي في إطار عثماني. في (مدينة) فرساي، كان كردي غير ممثل لأي جهة غير لنفسه، عرض خريطة، “سلسة” لدرجة أن حدودها اقترحت دون خجل الوصول إلى البحر الأبيض المتوسط. وفي الوقت نفسه، لم يهتم الكرد ولا الأرمن الناجين في الحديث بالإسهاب عن الواقع الحقيقي في شرق الأناضول حيث تداخلت مطالباتهما المتنافسة بشكل لا ينفصم.

ولو كان الكرد قادرين على تشكيل إجماع وطني، لكان من الممكن إنشاء كيان معترف به دولياً. أكد  (الرئيس الأمريكي) وودرو ويلسون في الفقرة الثانية عشرة من تصريحه على حق تقرير المصير لمختلف الشعوب العثمانية ، الأمر الذي تمتع بالموافقة الدولية مجاملة، ولكن ويا للأسف، ليس فعليا. وبمجرد انسحاب أميركا من الشؤون الدولية، لم يكن لدى بريطانيا أو فرنسا أي نية في إخضاع مصالحهما الاستراتيجية لمصالح شعوب المنطقة، (روسيا البلشفية سبق وأن سحبت مطاليب قيصرية). (من المسلم به أن الحلم بأي حدود تحترم الطوائف الدينية أو العرقية كان من شأنه أن ينتج مشاكلها المستعصية). كانت بريطانيا تريد كياناً كردياً في شمال بلاد ما بين النهرين ليس من أجل الكرد، بل من أجل حاجز لصد الترك. وبمجرد أن ثبت أن هذا غير ممكن، فقد عززت بريطانيا مشروعها في العراق، الذي كان من المنطقي أن يكون دمج جنوب كردستان له معنى استراتيجيًا ـ حيث كان الدفاع عن سلاسل الجبال أسهل من الدفاع عبر السهل – من الناحية الديموغرافية ــ لأن الدمية  (الملك) فيصل كانت بحاجة إلى المزيد من السنة لتقليل الأغلبية الشيعية في العراق ــ وثالثاً، لأن تقرير المصير الكردي من شأنه أن يثير غضب تركيا. وفي مثل هذه الظروف، لم يتم البت في تقرير المصير. ولم تكن لدى تركيا رغبة حتى في الاعتراف بوجود كردها. بعد ثورة العام 1925، لم تهتم فرنسا بالتنازل عن الحكم الذاتي لكرد سوريا أيضاً. (إذا نظر المرء إلى الأقليات التي نجحت بينما الكرد فشل، نلاحظ : حصل (المسيحيون) الموارنة على لبنان الكبير، الذي نحتوه من سوريا، والذي كانوا فيه (في البداية) من نوع الديك؛ واليهود الأوروبيين الذين تموّل عالياً انتزعوا فلسطين (منحوتة أيضاً من سوريا) من شعبها. ولكن في كلتا الحالتين، لم تكن هذه الإمكانية ممكنة إلا كجزء من المصالح المتصورة لفرنسا وبريطانيا على التوالي. (الفرصة التالية حدثت في التسوية بعد الحرب العالمية الثانية. فقد أكد ميثاق (حلف)الأطلسي لعام 1941 على تقرير المصير كقاعدة جديدة للنظام العالمي. في تأسيس الأمم المتحدة في (آذار)مارس العام 1945، قدمت (جمعية) خويبون قضيتها، مصحوبة بخريطة كردستان، مقترحاً إقليماً يمتد غرباً إلى البحر الأبيض المتوسط وجنوب شرقاً ليشمل ميناء بوشهر الإيراني. ومع ذلك، وبغض النظر عن هذه الأوهام، سرعان ما علمت أن الأمم المتحدة فهمت تقرير المصير كمبدأ فعال لإنهاء الاستعمار، وليس لإعادة التفكير في الشرق الأوسط فيما بعد الحرب العالمية الأولى. (ربما شعر الكرد بـ “استعمار تركيا والعراق وسوريا” على التوالي، لكن الأمم المتحدة كانت أصمّ صماء لمناشداتهم). وعلاوة على ذلك، وكما تستمر حدود الشرق الأوسط في تمثيل الإمبريالية الأنغلو-فرنسية، فإن حدود الدول الأفريقية الجديدة تؤكد على تلك الاستعمارية، ألا وهي الخطوط التعسفية التي رسمها أولئك الذين تدافعوا عن أفريقيا في القرن التاسع عشر.

وقد أدرك الكرد أنه مهما كانت حقوق الأقليات والحقوق الفردية التي أكدتها الأمم المتحدة في وقت لاحق، فإنها تظل بلا معنى فعلياً دون دعم خارجي مقنع. ولكن إذا كان هناك شيء واحد تتفق عليه الدول الإقليمية، فهو حرمان الكرد من دولة خاصة بهم. لقد حققت كردستان العراق وحدها اعترافاً دولياً، عندما استغل قادتها المصالح الأمريكية ببراعة لتحقيق حكم ذاتي لم ترحب به الولايات المتحدة نفسها. لقد كان حظًا رائعًا. انني أشك في أنه سيتم تكراره.

وعلى أية حال، كان الكرد دائماً منقسمين بشدة حول ما يريدون. إن الانقسام الأعمق اليوم، كما تصفه (زينب) كايا بشكل جيد، هو الذي بين كردستان العراق بالحكومة التقليدية القائمة على الأقارب، والتي لا تزال تتجادل حول الحدود، وبين حزب العمال الكردستاني التابع لأوجلان والأشقاء الإقليميين، الذين تنكروا الاعتراف بالدول والحدود، بما في ذلك الدولة الكردية، لصالح الديمقراطية المحلية. وسيستمر ترسيم خرائط كردستان لجعل التعقيد يبدو بسيطاً، للتعليم والاقناع  بالطريقة التي كانت تفعلها دائماً، وسيستمر تأكيد المبادئ الدولية ولكن القليل منها ينوي أن يتحقق. هذه هي طريقة ادارة العالم. ولكننا مدينون لزينب كايا لإظهارها ببراعة كيف لعبت هذه الحقائق القاسية في حالة الكرد.

https://blogs.lse.ac.uk/mec/2020/08/25/book-review-mapping-kurdistan-by-zeynep-kaya/

 

2 Comments on “ترسيم خارطة كردستان:  الإقليم وتقرير المصير والقومية- إعداد وترجمة: محمد توفيق علي”

  1. من اسباب عدم استقلال الكرد وفقا لرؤيتي وخاصة في عدم حصولهم على الشروط الكاملة لفدرالية إقليم كوردستان في العراق واسترجاع الأراضي المستقطعة من كوردستان العراق تعود الى ما يلي:
    ١.العقلية العشائرية والعائلية تحكمت و تتحكمان بالثورة الكردية , واخفاقهم في تطوير كردستان للإعتماد على مواردها الذاتية بالرغم من تسلطهما على كوردستان منذ عام ١٩٩١.
    ٢.عدم وجدود معهد او مركز كردي استراتيجي لوضع استراتيجة لتحرير كوردستان كما فعلوا اليهود وانما القرارات اخذت من قبل رئيس عشيرة او عائلة وآخرها توقيت الاستفتاء في وقت لم يكن لصالح الشعب الكردي في كوردستان العراق.
    ٣. ان زيارة الرئيس الوزراء مصطفى الكاظمي الى كردستان في العاشر من هذا الشهر وتجمع أهالي المحافظات الكردستانية حول الرئيس الوزراء وتقديم شكاويهم ومطاليبهم اليه تمثل الدلالة التي لا تقبل الشك على فشل الحكومة ورئاسة الإقليم والأحزاب المتسلطة على السلطة في كردستان، أنها فضيحة كبيرة للقيادات العشائرية التي تطالب باستقلال كردستان وهم يعيشون في أبراج عالية لا رابط لهم مع الواقع والمعاناة الشعب الكردستاني ولم يوفروا احتياجات الشعب الكردستاني الأساسية الضرورية دون اعتمادهم على صدقات ومكارم من حكومة بغداد
    ٤. حقد وانتقام الاستعمار الإنكليزي والفرنسي ضد الكورد بسبب انتصار القائد المسلم الكردي صلاح الدين الأيوبي على الاوربين وتحرير قدس.
    اذا لم نتحرر من العائلات والعشائر الحاكمة لن يرى الشعب الكردي الحرية المنشودة والحق الأممي لدولة لشعب يتجاوز ٤٠ مليون نسمة بدون وجود على الخارطة السياسية ولا مقعد كمراقب في الأمم المتحدة اسوة بشعب فلسطين المحتل من قبل اسرائيل.

Comments are closed.