عجيب امر هؤلاء الذين يحكمون العراق و ان كانوا موالين لهذا و ذاك و غير مستقلين بانفسهم و ليسوا احرارا كما هو المطلوب ان يكون الحاكم حرا مستقلا مؤمنا ببلده، عجيب امر من لا يعمل بجد و بطريقة صحيحة و لا يريد ان يعمل الاخر و ان كان لخير البلد، و الان يريدون ان يحلّوا المشاكل بين ليلة و ضحاها و كأن المشكلة و القضايا من ولادة اليوم و البارحة. غريب امرهم هؤلاء لم يتبنوا امر دولة قوية مستقلة باسس صحيحة سواء لاسباب موضوعية او ذاتية و يريدون ان يعيشوا امنين تحت نير المتدخلين المصلحيين و متطلباتهم، الاغرب في امر هؤلاء انهم لا يعلمون اين يكمن الحل و يدعون انهم يحلون ماهو المترسخ و المتفشي و المستشري من الفساد و ما يسير عليه الامر بيد المافيات و له ابعد و تاريخ و اسباب عميقة. و العجيب في امرهم اكثر هو عدم طرح ارائهم بصراحة للحلول الجذرية و لا توجد لديهم حتى الحلول الترقيعية التي لا تصل من مسيرتها الى نصف النهر في جانب ضفتهم و الناس يريد منهم العبور الىالضفة الاخرى و الوصول الى بر الامان.
من يرى العراق و يتبع الامور و يقيّم الموجود يتيقن بانه لا وجود لدولة حققية في العراق منذ تاسيسه، و اليوم اصبح على حال دون ادنى صفات الدولة، بدلائل متعددة و منها عدم وجود قوة عسكرية موحدة بل لكل حزب قوته و ميليشياته و هناك قوى تابعة لهذا الطرف الخارجي و ذاك، و ليس هناك اقتصاد حرّ و لا نظام موحد و يسير بنظام معين بل خاضع لامور خاصة، و ليس هناك وحدة وطنية بل هناك فروقات شاسعة عرقيا و دينيا و مذهبيا، فهذه هي الحال، و يريدون ان يبقى هكذا لمصحالهم الضيقة البعيدة عن المصالح العليا التي يجب ان يتمتع بها اي بلد و شعب موحد، و الادهى في الامر و منذ عقود و لا يدعون ان يتكلم اي احد بصراحة ليقول ماهو الحقيقة و يصرخ بعظمة لسانه و يقول يا ايها الناس ان العراق و مذ1 تاسيسه لم يكن بنيانا رصينا و لم ينبثق كدولة حرة بارادة شعوبه و انما اسسه الاستعمار من اجل ما خضع و جرى له طوال تاريخه و تضرر بالذي وقع لمصلحة مؤسسيه فقط.
و عندما تتكلم بكل صراحة و نستشهد بما قاله بعض القادة المخلصين المحنطين في لحظة صراحة و عقلية في التعامل معه و منهم الملك فيصل و كذلك نوري السعيد بانه ليس هناك شعب موحد بل تجمعات اجتماعية، فعندما ترد هذا فانهم يتهمونك بمتعصب عرقي. و عندما تقول الحق و تطرح ماهو الصحيح و الحل الجذري للقضايا الشائكة و ماهو المتعقد و اصبح عقبة لبناء دولة حقيقية صحيحة قلبا و قالبا و يمكن ان تتعظم كلما طال الوقت، فيقولون انك قومي شوفيني و لست يساريا انسانيا كما تدعي.
يجب ان يتصارح العراقيين بكل امور تخصهم بصراحة تامة دون التعلق بشعارات و مباديء ورقية فقط مر عليها الزمن و لم تعد صالحة شكليا كما كانت ابان العصور القومية و اليسارية الصورية التي طغت على العراق و كانت غير المبنية على الارضية الرصينة. نعم يجب ان يكون للمثقف الدور الحاسم و الكبير على طرح المواضيع كما هي دون خيال او عقائد مثالية لا تمت بارض الواقع، يجب على العراقيين ان يقولوا ما لم يقولوه من قبل. فان المشكلة ليست كما هي من صنيعة اليوم فقط كما يقول البعض، لان الادارة لم تبنى على اسس صحيحة و لم يحكم العراق من قبل الا الحديد و النار و ان بقي كما هو لا يمكن حكمه بشكل ديموقراطي و بحرية . نعم ان المجتمع العراقي كما بحثه علي الوردي و الذي يجب ان يعتمد من قبل الجميع ما كان يؤمن به و بحثه و ما قاله عنه في التحليلات العلمية و كتاباته وما طرحه في ايجاد الحلول المناسبة في مشاكله. نعم ان المكونات مختلفة جذريا و ان التناقضات هي التي تحكم الفرد العراقي و لا يؤمن بدولة و سلطة اكثر من رئيس العشيرة و عرقه و مذهبه. نعم انه يعيش في دائرة صغيرة و لم يتقدم منذ تاسيسه و هو كما كان لحد اليوم، فهل يتابع المتابعون ما يحدث بالمناسبات الدينية، و هل تابع المتابعون للوضع العراقي ما يحدث في كل منطقة يختلف عن الاخرى في الشكل و الجوهر. فهل التظاهرات التي اندلعت شرارتها في المناطق الشيعية اخيرا و عدم حدوثها في المناطق السنية صدفة او هناك اختلاف تركيي سياسي جذري و تركيبة و ظروف اجتماعية متباينة. فيجب المصارحة بكل شيء لايجاد الحلول الجذرية، نعم الجذرية طويلة الامد ان كنا ننوي الحلول و ليس الترقيع.
فان الشعب العراقي هو ثلاثة شعوب و ثلاثة مكونات و ثلاث بنيان و ثلاثة اوضاع اجتماعية مختلفة جذريا و حتى لهجة و لغة و عرقا في جوهره و اساسه ،هذاعدا ماهو هو عليه من اختلاف ديني و مذهبي.
و عندما نقول ان الحل هو بناء ثلاث سلطات متجاورة و بثلاث كيانات متجاورة متعايشة مع بعضها بعلاقات سلمية متناسبة سواء كانت كونفيدراليات او حتى ثلاث دول متجاورة تنعم شعوبها بسلام و امان و يمكن ان تتحد فيما بعد طوعيا دون ضغوطات و قسريا لمصلحة دولة استعمارية طامعة بل رضى الاطراف ان رات مصلحتها في ذلك.
و انا اجزم قطعا و من هنا اقوله بكل صراحة، فان توافقت المكونات و تصالحت و اتفقت على بناء كونفيدرالياتهم او دولهم فان الاستعمار و بالاخص و في مقمدتهم البريطاني و من ثم الامريكي، انه لن يرضى بسهولة و سيتآمر بكل ما يتمكن منه، لانه يعلم بانه لم يبقى له اي دور في المنطقة و سوف تحل الكثير من المشاكل ليس في العراق فقط و انما في دول المنطقة اجمعها في المدى البعيد. نعم اننا و من الخلفية الانسانية التي نؤمن باننا لم ندعي هذا نتيجة عقائدنا العرقية و لا من اجل امور اقتصادية خاصة لكوردستان و انما نجد ان العراق ليس له حل الا بطريقين اما الوحدة القسرية البعيدة عن الامان و العيش الرغيد، و يجب ان يُحكم بالقوة و الحديد و النار و هذا لن يدع شعوبه ان تنعم بالراحة و الامان و السلام و الحرية في حياتهم، و اما ان ينقسم بشكل لم يكن لاحدهم سلطة على الاخر سواء كانت بدول مستقلة او كونقديراليات لمدة غير محدودة الى ان يتغير الواقع الاجتماعي الثقافي العام لشعوبه في المدى البعيد و يتم اتحاده كما هو حال اوربا في وقته المناسب ان ارتضى الجميع .نعم ليس هناك اي حل للوضع العراقي و ان استقالت الحكومة و جاءت حكومة نابعة من الشعب و وطنية و غير تابعة و غيرعرقية او مذهبية او مهما كانت مواصفاتها، فانه لن تتمكن من ضمان حرية الناس و التعايش السلمي بعيد المدى مهما كانت حرة و منبثقة من قبل الشعب و ان كان هذا غير ممكن واقعيا بداية لاسباب كثيرة لا يصع هنا ان نذكر جميعها.
اذن الحل الوحيد و الجذري دون اي مبالغة او بهدف كما يمكن ان يتهمني المتزمتين بافكار ضيقة سواء كانت عرقية او دينية او مذهبية بما هم يؤمنون به من قرارة انفسهم. و ربما يمكن ايجاد حلول ترقيعية لمدة معينة لا يمكن ان تصل الى عقد واحد فقط و تعود الحال و تستفاد منها الاستعمار القديم الجديد و من ثم يبدا القلق المستمر و عدم الاستقرار الدائم و هكذا دواليك و تذهب ايضا دماء و جهود و امكانيات البلد سدى للخيال و العقائد المثالية التي تسبب فميا مضى من تاريخه لما مرّ به العراق من المآسي المؤسفة.
ثلاث فيدراليلت او كونفدراليات الحل الامثل لمشكلة الحكم فى العراق ليحصل كل مكون على حقه المشروع فى العيش بسلام وحرية وكرامة مقال ثمين تحية للكاتب على رأيه وتحليله الصائب والدقيق