اتفاقية النصف قرن بين اقليم كردستان و تركيا.. القروض و الملفات الغامضة

برهم لطيف
بقيت قضية الصادرات النفطية في اقليم كردستان و ايراداتها المالية مبهمة و غير شفافة، ورغم كثرة الحديث عن اتفاقية النصف قرن مع تركيا، وتبعياتها من القروض التي اقترضتها حكومة الاقليم من تركيا،لازالت التساؤلات تطرح نفسها حول تفاصيل الاتفاق وقيمة الديون التي دفعتها الاقليم لتركيا وما تبقي منها على عاتق الاقليم.
التقرير التالي يوضح بعض المعلومات عن اتفافية 50 عام عقدتها حكومة نيجرفان البارزاني مع تركيا وكذلك حجم القروض التي تسلمتها سلطات الاقليم من تركيا، وغيرها من المسائل المتعلقة بالقضية.
حين يُوجه السؤال الى اي مسؤول او اداري في اقليم كردستان عن حجم القروض و الورادات و الصادرات واغلب ما يتعلق بالملفات المالية و النفطية بما فيها اتفاقية الـ50 عام، لا يمكنه اعطاء معلومات اكثر من التي تداولتها تقارير اعلامية بشكل ناقص و غير شفاف.
حكومة إقليم كردستان برئاسة نيجيرفان بارزاني وقعت أواخر عام 2013 اتفاقاً مع الحكومة التركية.
ذلك الاتفاق يشمل مجالات عدة من ضمنها إيصال نفط الإقليم إلى ميناء جيهان عبر الأنابيب والصهاريج وتخصيص مستودعات لتخزينه وتصديره إلى الأسواق العالمية فيما يقع على عاتق الإقليم سد حاجة تركيا الداخلية للوقود بأسعار مناسبة بالإضافة إلى محاور أخرى.
ولم تكشف حكومة الاقليم التفاصيل الدقيقة للبنود، لكن يفيد مراقبون ان تركيا استفادت بالدرجة الاولى من هذا الاتفاق كالمنشار ، فهي من جهة غطت حاجتها من النفط داخلياً و من جانب اخر اشترتها بسعر بخس، اضافة الى اجور الانبوب النفطي (جيهان) فضلاً عن الشركات التركية العاملة في المجال.
ورغم الطلبات المنهالة على حكومة إقليم كردستان للكشف عن المعلومات المتعلقة الاتفاق بكتاب رسمي إلا إنهم لم يتلقوا الرد حتى اليوم.و لازال مضمون الاتفاق غير معروف سوى عند عدد محدود من الأشخاص بحسب المعلومات هم “الرئيس التركي رجب طيب اردوغان وأحمد داود أوغلو رئيس الحكومة وتانر يلدز وزير الطاقة التركي ونيجيرفان بارزاني رئيس الحكومة السابق ووزيره (الثروات الطبيعية) آشتي هورامي واخرين مقربين من الطرفين.”
العزم على هذا الاتفاق جاء في اطار نية استقلال الاقليم اقتصاداً دون الرجوع الى بغداد، أعقبه قلق كبير من قبل الحكومة العراقية آنذاك والتي كان يترأسها نوري المالكي حتى وصل الأمر إلى اتخاذ المالكي للإتفاق ولتصدير نفط كردستان ذريعة لقطع حصة الإقليم من الميزانية.
وانذاك بدأت مرحلة تبادل الاتهامات بين حكومة الاقليم و المركز كمسببين للازمة المالية التي عصفت بالاقليم منذ ذلك الوقت، بالتزامن مع ظهور داعش  في المنطقة، ليصل الحال باقليم كردستان الى استقطاع رواتب موظفيه،ولازالت ازمة الرواتب مشتعلة دون حل.
وكان اردوغان قد كشف في مناسبة متزامنة مع الاستفتاء الذي جرى باقليم كردستان خريف 2017،انه منح قرضاً لاقليم كردستان بقيمة 2 مليون دولار لدفع رواتب موظفي الاقليم، اما اليوم يجري الحديث عن حجم القروض  التركية على عاتق الاقليم على انها بلغت الـ5 مليار دولار، دون معرفة ما تم ايفاؤها و ما تبقي منها.
في اواخر 2016،نشر موقع ويكليكس بعض الوثائق السرية بشان قيام وزير الموارد الطبيعية اشتي هورامي السابق بارسال رسالة الكترونية في 19 اذار 2016، الى وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي بيرات بيرقدار يعرض فيه ثلاثة مقترحات لشراء عدد من الحقول النفطية للاقليم بمبلغ يقارب الـ (5) مليارات دولار.
وكشفت وثائق ويكيليكس عن إرسال وزير الموارد الطبيعية في إقليم كردستان رسالة الكترونية الى وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركية عَرض فيها بيع عدد من الحقول النفطية في الاقليم مقابل مبلغ 5 مليارات دولار.
وحسب الوثيقة، فإن آشتي هورامي “أرسل عبر البريد الالكتروني في 19 اذار 2016 رسالة يعرض فيها ثلاثة مقترحات على الوزير التركي بيرات بيرقدار، لبيع عدد من الحقول النفطية في اقليم كوردستان لتركيا، مقابل مايقارب 5 مليارات دولار.
واشارت الوثيقة إلى ان وزير الموارد الطبيعية في الاقليم، اوضح للحكومة التركية مدى حاجة الاقليم الى هذا المبلغ لدفع الديون المترتبة عليه لحكومة انقرة والشركات العاملة لتنقيب وخدمات النفط في الاقليم.
وبحسب الرسالة فان الديون المترتبة على الاقليم دفعها كما يأتي: اولاـ (1150) مليون دولار، ديون على الاقليم لتركيا اقترضها على ثلاثة دفعات.
ثانياـ (514) مليون دولار، ديون مترتبة لشركة TEC التركية للخدمات النفطية.
ثالثاـ (1) مليار دولار للمقاولين الاتراك.
رابعاـ (700) مليون دولار، مستحقات الشركات العاملة في حقول كورمور وجمجمال.
خامساـ (750) مليون دولار، لسحب انابيب نقل النفط من حقول شيخان وانابيب نقل الغاز من حقول كورمور وجمجمال وبنباوى.
سادساـ (540) مليون دولار، مستحقات مالية لشركات حقل نفط شيخان.
كما عرض هورامي ثلاثة مقترحات امام الحكومة التركية للاقتراض منها ودفع ديونها السابقة والذي يبلغ جميع ما يترتب عليه ما يقارب الـ 5 مليارات دولار، وهي كما يأتي : اولاـ دفع الديون في حال تحسن الوضع الاقتصادي في الاقليم بدءاً من عام 2019 الى عام 2021.
ثانياـ دفع الديون عن طريق تصدير النفط والغاز الى تركيا حسب جدول يتفق عليه الطرفان.
ثالثاـ شراء اسهم الحقول النفطية في الاقليم.
ولدعم المقترح الثالث، عرض وزير الموارد الطبيعية في الاقليم ثلاثة مقترحات لوزير الطاقة التركي بشأن طريقة بيع اسهم حكومة الاقليم من الحقول النفطية، الاول شراء تركيا حقول طقطق وتاوكي وشيخان، الثاني شراء حقول ميران و بنباوي، ثالثا شراء حقل خورملة النفطي، وفقا للوثيقة.
ويفيد تقرير لموقع ديلوت لرصد التعاملات النفطية، بان تركيا استفادت من نفط اقليم كردستان في عام 2019 باكثر من 1.1  مليار دولار تتوزع على الضرائب الكمركية لتصدير النفط بقيمة 17,3 دولار لكل برلميل اي نحو 500 مليون دولار خلال 2019. هذا بالاضافة الى 610 مليون دولار خصصتها حكومة الاقليم لدفع الديون للشركات التركية العاملة في المجال التي حصلت على 3.85 دولار على كل برميل واحد من النفط.
و السؤال الذي بقي بلا اجابة حتى الان،هو هل بقيت ديون تركية في رقبة الاقليم،وما قيمتها،وما قيمة الديون التي تم ايفاؤها حتى الان.
يقول عضو اللجنة المالية في البرلمان العراقي احمد حاجي رشيد، ان اتفاقية الـ50 عام من اكثر الاتفاقيات غموضاً، لان عد من اشرف على الاتفاقية لا يتجاوز عدد اصابع اليد، وبالنتيجة اصبح نفط الاقليم بيد تركيا.
وللاتفاقية تبعات سياسية ابرزها بحسب ما يراها مراقبن هو ان تركيا فرضت على الاقليم ارادتها السياسية ايضاً ، مستغلة كل الفرص  فاتاحت لها التصرف وفق ما تقتضي مصالحها في جميع القطاعات وخاصة على الصعيد العسكري والاستخباراتي.
واكد النائب احمد حاجي رشيد انه بسبب الاتفاقية تلك لا تستطيع حكومة الاقليم التوصل الى اتفاق مع الحكومة المركزية حول ملف النفط، وبقي عالقاً حتى هذا اليوم.