ربما يدعي البعض داخل كوردستان و في العراق ايضا ان شكوك الكورد من نوايا بغداد و سلطتها الحالية ليست في محلها و عملية الاستفتاء لاستقلال كوردستان هي التي دفعت السلطة التي بينت على حقيقتها الى اتخاذ هذه المواقف غير الدستورية التي تكشف ما كنات تضمها و لم تدرك ما سيجري فيما بعد من اشارة تاخير تحرير الحويجة الى مابعد الموضل و تلعفر و ما تندفع لاتخاذ خطوات و اعتداءات بغرور، من اجل مصالح حزبية و عقيدية لا يمكن ان تستمر فيها دون ان تنقلب عليها الطاولة في نهاية الامر، لانها تتمادى على الكورد و تضحياتهم و حقوقهم و على الدستور الذي تدعي الاستناد عليه افتراءا، و هي تريد العودة الى المربع الاول. لن تدرك السلطة العراقية بان هذة الارضية و الحالة لن تدوم حتما و ستندم السلطة المركزية على تكابرها و غرورها، و سيعلم العبادي في نهاية الامر بانه قد غرر به و جفعوه الى افعال ليس من مصلحة بلده و حتى نفسه في نهاية الامر، و لم يستوعب كيف هيئوا له الارضية لينجح بسهولة سواء من داخل كوردستان الذي تواطا معهم بعض السذج المتنفذين الذين لا يرحمهم التاريخ يوما، و هم الان نادمون و قد نبذوا من قبل الشعب، و استدركوا الامر جيدا بانهم مخدوعون عندما راوا و كشفوا نوايا العبادي و السلطة العراقية في كركوك و المدن الذي ساعدوه على الدخول اليه بسلاسة لا يمكن ان يتصور احد ان يفعلوه هكذا، و تيقنوا من وراء ما يحصل بان النوايا المكبوتة لدي من تعاونوا معهم على حساب بين جلدتهم، ان ما يقدمون عليه ليس بسبب الاستفتاء ابدا و انما هذه العملية قد مهدت لهم الطريق لتنفيذ ما كانوا ينوونه من زمان و راوا بانه الوقت المناسب لتنفيذه، و حتما بعد توافق الظروف الموضوعية مع ما اشعل لهم الضوء الاخضر لاسباب معلومة، قد كشفت هذه العمليات ايضا بانهم يتربصون لاقليم كوردستان و ليس كورستان المستقلة منذ مدة طويلة، و انهم اثبتوا بجميع مشاربهم سواء السلطة التنفيذية او التشريعية او القضائية او الشعب بكامل مكوناتهم بانهم ابن البادية و الوافدين من صحراء الجزيرة القاحلة، يستغلون فرصة موآتية باقسى ما يقدرون عليه و توارثوه من ابناء الغزو و السبي و التنكيل و الجزية و الفدية و السلب و النهب و الغدر باقرب المقربين، و على العكس من الكورد الذي اثبت تكرارا و مرارا و حتى في الماضي القريب بانهم لهم القدرة على العفو عند المقدرة و ما حصل في انتفاضة اذار خير مثال بائن امام الاعين .
عندما تتمعن في سلوك و توجهات العبادي الاحجن في الوقت الحالي و ما يلح عليه ترى بانه على الرغم من تزايده على منافسه الا انه يريد اللعب على ما لا يمكن ان يستمر فيه و هو خداع الجميع بالياتهم و ينكشف امره في لجميع حتى قبل ان يصطدم بالجدار المرصوص، و في حينه لا يفديه الندم ايضا كما حصل للمالكي.
لقد تيقنت امريكا على ان العبادي يسير في توجهاته و تماديه على خطى طهران ويريد تحقيق مصلحة ايران بما صدر اليه من طهران و تناقش معهم من قبل في كيفية التعامل مع الكورد، و رأوا بانه حان الوقت لتحقيق المخطط و يريدون من جهة ان يخدعوا الغرب في كلامهم المعسل للشعب الكوردي و يخدعونه على امل ان يبعدوا خشوع العبادي لايران بعدما سلموه زمام الامور و ان لا يعيد العبادي ما قام به المالكي في حينه، الا انهم اليوم قد كشفوا بان ما يقوم به العبادي ليس الا تنفيذ لاوامر طهران و قد اعادوا الفعلة في خضوع العبادي و خشوعه لاوامرهم و بالالية نفسها و به ينفذون و يكملون الهلال الشيعي واقعا على الارض على الرغم من الادعاءات المعاكسة التي يطلقها العبادي و يريد ان خدع الغرب و الدول العربية بمناوراته المتعددة الجوانب و التوجهات و ما استوضحه من زيارته السعودية و تركيا قبل ايران ليس الا للتغطية على نواياه و اهدافه و مشاريعه الحقيقية التي تتوائم مع مصالح ايران او على الاصح تنفيذا لاوامرهم مباشرة.
هذه الافعال الخارجة عن ما يدعون انها تاتي من نتائج عملية الاستفتاء توحي للجميع بان امريكا قد احست بها متاخرا جدا، و اليوم قد غيرت من وجهتها نسبيا و لا يمكن ان تنتظر ما يسير عليه العبادي من سياساته المكشوفة، و في جانب اخر تاكدت تركيا ايضا بانها قد خدعت من ايران بشكل لم تتصورها من خلال مواقفها من عملية الاستفتاء، و هي ايضا ادركت الامر متاخرا او تريد ان تخرج منه باقل خسائر لانها تعلم الان ان طموحاتها الاقليمية و حتى مخططاتها الداخلية قد تعرضت للخطر و سوف تتلقى ضربات قاضمة مستقبلا نتيجة ما فعلتها التي وقعت جميعها في جعبة ايران من جهة و استفادت منها العراق الخاضع لايران و توجهات امريكا الانية غير الملائمة لتركيا من جهة اخرى.
اما على الصعيد الداخلي العراقي استوضح للجميع بان المكون العربي بشقيه السني و الشيعي لا يتوحدون الا على الاخر و لكنهم سوف ينهار تحالفهم المرحلي و لا يمكن ان ينتظروا ما تنويه ايران من تنفيذه بالوسائل التي نجحت فيها هي، و انما لم تحسب لوجود مكونات و القوى العالمية في العراق و المصالح المتعددة التي فرضت نفسها في المنطقة، و عليه لا يمكن ان تبني هلالها بتلك السهولة التي تتوقعها، و عندما تصطدم بما لم تتوقعها، فان العراق و سلطته ستتاثر ايضا، و هذا شيء منتظر في القريب العاجل بعد الانتهاء من مشكلة داعش بشكله الحالي .
لا يمكن ان تبقى المنطقة على حالها، و ذلك واضح من قراءة مابعد داعش و الزخم الدولي الموجود و ما كسبت المتغيرات من اقدام تلك القوى لتحديد ما يمكن ان يقوي كل منهم من مواقفه الاستراتجية على المدى البعيد. لا يمكن ان نبالغ في هذا، الا اننا نتامل ان لا تدوم هذه المرحلة على هذه الحال اكثر من وقتها المحدد على الرغم من اننا متاكدون بان التغيير حاصل و لا يمكن ان تستمر خداعات و ان تعود بمببرات لتعامل هذه الدول مع الكورد.
اما ان عادت السلطة العراقية الدينية المذهبية الى رشدها، فانها قد تستمر في وضعها الحالي لمدة معينة و ليس الى النهاية، لان العراق ليس بايران لتتحمل السلطة الدينية المذهبية و الجماهير الغفيرة التي تسير على اقدامها في الاربعينية الحسينية ستتوجه في لحظتها ان تلقت الارضية لقلب الموجود في بغداد التي يمكن ان تتهيا لها عوامل التغيير بسهولة على العكس من ايران و موقعها الجغرافي و الديموغرافي. و السلطة ان علمت ام لاء فانها بسلوكها الاني و بايقافها في محلها فانها فقدت حليفا استراتيجيا لا يمكن ان يعود الى ما كان عليه و هم الكورد، و انتهت مرحلة المظلومية المشتركة تفرض البراغماتية نفسها بشكل مباشر، و لا يمكن ان تتوافق السلطة مع المواقف السنية ايضا، و عليه لا يمكن ان تستمر الا بالحديد و النار كما كانت عليه السلطة الدكتاتورية من قبل، لهذا ستجد نفسها منفردة منعزلة و باي تدخل خارجي او تغيير في توازن القوى سيكون التغيير ممكن، و لا يمكن ان نتوقع استدامة الحال على ما هي عليه الان من هذا المنوال. للننتظر قليلا و نرى ما تنتجه التغطرس و العنجهية في حال وجدت السلطة بانها كسبت الجولة و تريد ان تجهز على النسبة الضئيلة التي بنيت من التحالف بين المكونات نتيجة النضال المشترك، و به يعود العراق الى سابق احواله، ولايمكن ان نقدر ما يحصل و ان لا ننتظر المفاجئات، و هذا ما لا يعلمه العبادي و اثبت بغروره و تعاليه بانه لم يعتبر من التاريخ او يعلم بذاته و لكن المزاديات و المنافسة قد غطت عينيه و لم ير اماه كثيرا. و استوضح المحللون الستراتيجيون الغربيون المعتبرون بان منطقة شرق الاوسط ستجد نفسها امام تغييرات جذرية اخرى نتيجة انتهاء داعش و عدم ايجاد ارضية للارستقرار و تهيئة الارضية لانبثاق بديل لداعش في اية لحظة تكون، و ستكون تعامل الطرفين الرئيسيين مع المستجدات بوجود الرئاسات بوتن من جهة و ترامب بتوجهات امريكا الجديدة من جهة اخرى فلا يمكن ان يبقوا على التنسيق ذاته، و التقاطع ممكن في اية لحظة و افرازات الحالة الجديدة ستكون غزيرة على المنطقة و منها العراق، و فيه سينعكس ذلك على كوردستان و ما يؤثر عليها، هذا بعد ان تقف على خط المسار الحالي لمدة معينة.