أعلنت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة ” اليونسكو ” بشكل رسمي، يوم السادس عشر من تشرين الثاني / نوفمبر من كل سنة، يوماً دولياً للتسامح، في سبيل نشر مفاهيم وقيم التسامح. وحثت المنظمة دول العالم على الاحتفال بهذا اليوم عن طريق تنظيم أنشطة وبرامج خاصة لنشر رسالة التسامح بين مواطنيها بالتعاون مع المؤسسات التربوية والمنظمات الدولية الحكومية وغير الحكومية ووسائل الإعلام في كل منطقة، وضمان العدل وعدم التحيز في التشريعات وفي إنفاذ القوانين والإجراءات القضائية والإدارية.
جاء في ديباجة إعلان مبادىء التسامح التي تبنتها المنظمة في الدورة الثامنة والعشرين للمؤتمر العام في نوفمبر من عام 1995 أنها: ( إذ تضع في اعتبارها أن ميثاق الأمم المتحدة ينص على أننا: ” نحن شعوب الأمم المتحدة، وقد آلينا في أنفسنا أن ننقذ الأجيال المقبلة من ويلات الحرب… وأن نؤكد من جديد إيماننا بالحقوق الأساسية للإنسان وبكرامة الفرد وقدره… وفي سبيل هذه الغايات اعتزمنا أن نأخذ أنفسنا بالتسامح وأن نعيش معاً في سلام وحسن جوار ).
ورأت اليونسكو أن التعليم هو أنجع الوسائل لمنع اللاتسامح، وأن أول خطوة في مجال التسامح، يجب أن يستهدف مقاومة تأثير العوامل المؤدية إلى الخوف من الآخرين واستعبادهم، وأن يسهم في تعزيز التفاهم والتضامن والتسامح بين الأفراد، وكذلك بين المجموعات الاثنية والاجتماعية والثقافية والدينية واللغوية وفيما بين الأمم.
يتميز المجتمع السوري بتعدد مكوناته القومية والدينية، حيث العرب والكرد والكلدو آشوريين والأرمن والسريان والتركمان، الأزيديين واليهود والمسيحيين والمسلمين بطوائفهم ومذاهبهم.. وأن هذا التنوع سيشكل عامل ازدهار للمجتمع إذا استطعنا نشر وتعميم ثقافة وقيم التسامح واحترام وحماية هوية الآخر المختلف، والعكس من ذلك فأن هذا التنوع والاختلاف من الممكن أن يكون سبباً في نزاعات مؤلمة وأحداث دموية قد تعصف بالمجتمع إن لم يتم احترام حقوق الآخرين. وقد تعمد النظام السوري طويلاً تغييب هذه الثقافة من المجتمع خدمة لمصالحه واستمراره في حكم البلاد من خلال افتعال الفتن والخلافات والنزاعات بين تلك المكونات مما خلق حالة من فقدان الثقة وضعف الانسجام والترابط بين تلك المكونات مما ينذر بحالة غير صحية بينها.
والآن وبعد كل ما عصف بسوريا وأحدث بين مكوناتها شرخاً عميقاً ونسف مقومات بناء المجتمع، نرى أن ثقافة الحوار والتسامح وقبول الآخر والاعتراف بحقوقه، هي المدخل إلى السلام والاستقرار والتعايش السلمي بين جميع المكونات، وسيشكل عامل استقرار للمجتمع ويسرع في عملية تطوره وازدهاره.
ومن هنا فأننا في مركز ” عدل ” لحقوق الإنسان، ندعو إلى الاهتمام بهذا اليوم وجعله جزءاً من ثقافة المجتمع اليومية، إذ لا يمكن بناء مستقبل الأجيال القادمة إلا بإشاعة السلام وتوفير عوامل الاستقرار والإزدهار، بدءاً بالتسامح ونشر ثقافته وقيمه، لبناء دولة أساسها القانون والعدل، تتسع لجميع أبنائها.
15 تشرين الثاني 2017 مركز ” عدل ” لحقوق الإنسان
ايميل المركز:
الموقع الألكتروني: