هشام عقراوي: الذي سأقوم بسردة هنا هي حقيقة تأريخية و لا علاقة لها برأيي الشخصي و ما قام به كل من السيد فؤاد معصوم و كوسرت رسول علي في مناسبات و قضايا أخرى. الوقائع التالية حصلت معي شخصيا و كنت الشاهد الشخصي عليها.
حسب ما جرى سنة 1992 فأن القادة الكورد قد يخطأون في التقدير و التكتيكات و حتى في الاستراتيجية و لكن لهم أمل واحد و هو تحرير ألاراضي الكوردستانية أذا كان ذلك بحكم المستطاع. وهذا يؤكد بأن الذي يجري الان في أقليم كوردستان و الأراضي الكوردستانية هي حالة مؤقته جدا و لا يمكن للسيد حيد العبادي القياس على أساسها.
و لربما يتذكر العبادي كيف قام مام جلال بعرض خارطة كوردستان التأريخية في العهد العثماني داخل أجتماع مجلس الحكم في العراق بعد سنة 2003 كتأكيد على كوردستانية كركوك، و كيف قام البارزاني بأعلان الاستفتاء. و هنا لا أتطرق الى صواب أو خطأ تلك الخطوات بل الى حقيقة كوردستانية كوردستان و حق تقرير المصير للشعب الكوردي.
نص ما جرى في ربيع 1992:
لا يخفى على أحد انتفاضة أذار سنة 1991 و التي عندها تم تحرير أكثرية الأراضي الكوردستانية من سيطرة الحكم الصدامي، و لكن في أواخر أذار 1991 قام الجيش العراقي بهجوم مضاد و بتواطئ من القوات الدولية التي سمحت لصدام بأستخدام سلاحة الجوي و الثقيل في الحرب ضد الكورد تماما كما سمحت أمريكا للعبادي بأرسال قوات الحشد الشعبي و الجيش العراقي الى المناطق الكوردستانية خارج الإقليم مستغلا قضية الاستفتاء.
بعد الهجرة المليونية في أذار 1991 تم تشكيل المنطقة الامنه و التي شملت كل من السليمانية و أربيل و دهوك. و لكن باقي الأراضي الكوردستانية بقت تحت سيطرة الجيش العراقي بقرار من الأمم المتحدة تم خلالها تشكيل لجنة باسم لجنة التنسيق بين حكومة صدام و الجبهة الكوردستانية بقيادة الحزب الديمقراطي و الاتحاد الوطني و مشاركة الأحزاب الأخرى.
بموجب أتفاقات لجنة التنسيق الكوردية مع حكومة صدام كان بأمكان البيشمركة التنقل بين أربيل و دهوك و لكن بمراقبة و موافقة لجنة التنسيق حيث كانت المناطق من نهر ( قنديل) قرب مخمور و الى مدينة أتروش قرب دهوك تحت سيطرة الجيش العراقي.
مدينة عقرة (اكرى) و التي هي مدينتي كانت ضمن المدن التي تحت سيطرة الجيش العراقي. و بسبب الهدنة كنت (هشام عقراوي) أستطيع المجيئ الى المدينة و الخروج منها. ذلك الخروج و الدخول الذي كان حذرا بسبب مشاركتي في انتفاضة 1991 و معرفة قوى الامن الصدامية بذلك.
في شهر شباط بدأ التخطيط من أجل تحرير المنطقة الواقعة بين حرير في أربيل و الى أتروش في دهوك. عندها أتصل بي أحد أعضاء الاتحاد الوطني الكوردستاني و الذي كان يعمل في أعلام الاتحاد الوطني باسم ( ف م ش) و عقدنا أجتماعا وقتها في بيتي الكائن في عقرة و جلسنا من الساعة العاشرة ليلا و الى الصباح. مع أنني لم أكن منتميا الى الاتحاد الوطني بل كنت أعمل مع الشهيد رؤوف عقراوي مسؤول منظمة الشغيلة الكوردستاني.
و المهمة التي أتى بها هذه العضو في الاتحاد الوطني الكوردستاني كان وضع خطة لتحرير المناطق الواقعة بين حرير و أتروش.
و طبعا وافقت على المشاركة في وضع الخطة و لكن بشرط. و الشرط كان ( عدم أراقة قطرة واحدة من الدم ، لا من الجنود العراقيين و لا ومن قوات البيشمركة و الأهالي). وحصل الاتفاق. عندها قمت و بوضع خطة شاملة للعملية. دورة كان الحصول على موافقات داخل قيادة الاتحاد الوطني الكوردستاني و دوري كان شرح الخطة و كتابتها.
في اليوم التالي أتصل ( ف م ش) بالحاكم قادر الذي كان في شقلاوة. و بعدها بيوم توجهت أنا وهو الى شقلاوة و عقدنا أجتماعا مع الحاكم قادر في ساعات الصباح التالي بعد ليلة باردة في مقر الحاكم قادر.
( ف م ش) طلب من الحاكم قادر تأمين لقاء لنا مع فؤاد معصوم الذي كان في شقلاوة وقتها. و فعلا حصل اللقاء في ظهيرة نفس اليوم. عقدنا أجتماعا مغلقا مع الدكتور فؤاد معصوم و شرحنا له الخطة بحذافيرها و قام بتبني الخطة.
ضمن الخطة كنا قد طلبنا بعدد من المقاتلين البيشمركة الممارسين للبيشمركايتي و من ذوي المبادئ. و قام فؤاد معصوم بكتابة رسالة قصيرة جدا الى السيد كوسرت رسول علي الذي كان مقرة أيضا في شقلاوة عندها.
في الرسالة كان معصوم قد كتب التالي: يُرجى تلبية طلب حامل الرسالة بما يحتاجون و على السرعة الممكنه. و سألنا كوسرت رسول علي بما نحتاج و هو كان أهلا للخروج من المقر متوجها في مهمة. فقال له ( ف م ش) نحتاج الى بتاليون من البيشمركة القدامى كي يأتو معنا الى منطقة دينارته من أجل تنفيذ خطة تحرير تلك المناطق.
كوسرت رسول علي ذهب الى سيارته و بدأ بكاته رسالة، و خرج و قال لنا أذهبوا الى حرير و أعطوا هذه الرسالة الى (دلشاد باواني) الذي كان أمرا لبتاليون للاتحاد الوطني. و في نفس الوقت قال لنا سأتصل ( بعلي كوخي) كي يساعدكم أذا أحتجم الى قوة أضافية.
و فعلا ذهبنا مباشرة الى حرير و قمنا بزيارة مقر دلشاد باواني الذي قام لنا أعطوني ثلاثة أيام كي أستعد.
تركنا أنا و ( ف م ش) حرير متوجهين الى قرية ( نقب) و امادا في منطقة دينارته حيث كان هناك مقر لحزب الشعب الذي كان يترأسة سامي عبدالرحمن. ذهابنا الى هناك كان من أجل الاستطلاع و طلب التعاون مع قوة دلشاد باواني.
في قضاء عقرة كانت لدينا مهمة أخرى و هي التحدث مع أحد الضباط من المدينة الذي كان قد التحق بصفوف الاتحاد الوطني الكوردستاني وطلب التنسيق و العمل معنا. و فعل حصل الاتفاق و تبين بانه مستعد أكثر من اللازم و لدية بعض المسلحين بشكل خفي.
بعد ثلاثة أيام توجهنا مرة أخرى الى حرير حيث قمنا بمرافقة قوة دلشاد باواني التي تم تقسيمها الى أربعة أقسام. أحداها في تمركزت في قرية نقب و الأقسام الثلاثة تم أدخالها الى قضاء عقرة بشكل سري.
كل هذا و لا علم لاي شخص بما يجري فقط كان بأعتقاد حزب الشعب أن الاتحاد الوطني يرمي فتح مقر له في قربة نقب و امادا القريبة من سد بيخمة.
الى القسم الثاني من وقائع للتأريخ فقط.