ترتفع درجات الحرارة في العراق الى مستويات قياسية خلال الصيف، وبين مايو حتى نهاية أوغست يكون الجو خانقا والحرارة تصل الى الخمسين مئوية، ويلجأ الناس الى إستخدام مكيفات الهواء، وتزداد الأحمال على شبكة الكهرباء الوطنية، وتزداد الحاجة الى المولدات الصغيرة، وتلك الأكبر حجما للحصول على التيار الكهربائي في حال إنقطاع الكهرباء الوطنية، وهو أمر معتاد في هذا البلد الذي يعاني من الحروب والفساد والسرقات والفشل السياسي، وعدم النجاح في إدارة الدولة ماأدى الى حرمان المواطنين من الخدمات الأساسية، ومنها الكهرباء.
ويظل العراقيون منتظرين لأيام تنخفض فيها الحرارة نسبيا خلال سبتمبر الذي يفتح الباب على خريف أكثر هدوءا وإنخفاضا في درجات الحرارة، لكنهم تعودوا خلال السنوات العشر الأخيرة على أجواء غير مألوفة في السابق حيث تظل الحرارة مرتفعة حتى أكتوبر، وتستمر الحاجة الى إستخدام مولدات الكهرباء، وماتضيفه من أعباء على كواهلهم المرهقة ماديا، حتى نوفمبر الذي تبدأ فيه الحرارة بالتهاوي السريع مثل أسعار النفط، وتظهر الغيوم الخريفية، وتتساقط الأمطار، وهذا مادعى الى تسمية مناخ العراق ب(الحار جاف صيفا والبارد ممطر شتاءا).
في الواقع فإن مناخا صادما يضرب العراق والمنطقة والعالم حتى ولكن دول الخليج وبعض الشرق الاوسط يعاني منه أكثر، فالأمطار تنعدم خلال الصيف، ويتأخر الشتاء حتى ديسمبر وهو آخر شهور العام، وقد يكون عام 2017 من أشدها وطأة فحتى عيد الميلاد يشكو العراقيون من إنعدام المطر بشكل نهائي، وإرتفاع في درجات الحرارة على خلاف المألوف، فليس معقولا أن تصل الى الثلاثين، بينما كان متوقعا أن تنخفض الى مادون الصفر المئوي، وليس معقولا أن تهب العواصف الترابية، وتحول البلاد الى مايشبه الصحراء، وكأننا في أجواء صيفية فعلية، وليست متخيلة، أو مصطنعة.
هذا مانعيشه في العراق هذه الأيام، فالحرارة طبيعية للغاية، وغير مقلقة، ولاحاجة الى إستخدام مكثف لأجهزة التدفئة، وحتى النفطية منها، والأنواء الجوية بشرتنا لعدة مرات بأن الأجواء صيفية، بينما الأمطار تنعدم، ويالها من أجواء وظروف تسبق إحتفالات عيد الميلاد، وليس ممكنا رفض النظريات الصادمة التي تفسر سبب التغير المناخي الذي نتج عن واقع إستخدام سيء للطاقة، وتصاعد نسبة الغازات الدفيئة في الجو، فحتى التساقط المكثف للثلوج في آلاسكا يثير علامات تعجب لكنها لاتحتاج الى كل ذلك، ونحن نعلم مايفعله البشر من سلوكيات سيئة لاتهتم بمصلحة البشرية، وبمستقبلها الذي وضع على كف عفريت.