إنه مأزق مزدوج حقا! – جان آريان-ألمانيا، 

نسبة للحالة المأساوية التاريخية للشعب الكوردي وواقعه المزري الحالي، شائت الأقدار والظروف أن يحصل الجزء الجنوبي من كوردستان منذ 1991 على نوع من الحماية والدعم الغربيين، رغم المعارضة الشديدة من الأنظمة الغاصبة لكوردستان وكذلك رغم مقاتلة حزبي pdk و ynk  لبعضهما البعض لسنوات عديدة فضلا عن الفساد والهيمنة العائلية لهما والنهب المليوني من ميزانية شعب جنوب كوردستان دون رقيب وحسيب، فإذا بمتنفذيهما الفاسدين ذوي العقلية الغبية والنفاقية يرتكبون مؤخرا جرما فظيعا جديدا، ألا وهو استخفافهم بتوصيات اهم الدول الغربية وليسببوا بذلك حدوث نكسة كارثية اخرى، والكل يعلم حجمها وهولها المدمرين لآمال هذا الشعب التحررية والاستقلالية!

في خضم هذه الفاجعة تستغل الانظمة الغاصبة جيدا تلك الغباوة النفاقية المستخفة بنصائح الغرب من جانب، وكذلك هي تعلم تماما منذ سنين بعدم استعداد اولئك الفاسدين للمواجهة العسكرية مع قوات المهاجمة على الاقليم وذلك استنادا على معرفتها بحرصهم الكبير على استمرارية الاحتفاظ بتلك المناصب السلطوية وتعزيز استقرار المخزون المالي المنهوب بألا يحدث أي اهتزاز لوضع تلك الغنائم من جانب ثان، فتقوم تلك الانظمة بتحريض وتشجيع القوات العراقية على الزحف والتوغل داخل المناطق الكوردستانية المستقطعة كمرحلة اولية ولا زال الحبل الاسود يسري على الجرار، فيأمر اولئك الفاسدون فعلا البيشمركة على الانسحاب والانهزام امام تلك القوات المعادية وتظل الحكومة المركزية تصدر التهديد والوعيد بوجوب تنفيذ شروطها المتعلقة بالمعابر والمطارات وحتى الاشراف المستقبلي على قوات البيشمركة… وغير ذلك، وإلا ستتوغل تلك القوات الى داخل هولير وغيرها، وبالمقابل اصبح اولئك الناهبون العاجزون يتوسلون ويلتمسون لدى تلك الحكومة العراقية واخيرا حتى لدى المالكي لأجل الحوار المزعوم وقبولهم بقرارات المحكمة الاتحادية الخاصة ببطلان نتائج الاستفتاء السابق.

هنا، وعلى الصعيد الداخلي للاقليم وبالنظر الى الاحتقان والمعاناة الشديدة منذ عقود التي يشكوا منها اغلبية الجماهير الكوردية بخصوص الفساد والاحتكار السلطوي العائلي والنهب المليوني من ناحية وكذلك كاستنكار ورد على تلك النكسة الجديدة تقوم مجاميع من الكورد بالاحتجاجات والمظاهرات في المنطقه الشرقية من الاقليم وهي تطالب بتحسين مستوى المعيشة والخدمات والمشاركة والعدالة الاجتماعية، فإذا باولئك المتنفذين الفاسدين يدعون قوات الامن والبيشمركة على قتل وأسر وجرح العديد من نشطاء تلك الاحتجاجات واغلاق بعض وسائل اعلامية، وذلك بنفس الاسلوب القمعي الذي اتبعوه ضد الانتفاضة الشعبية السابقة قبل بضع سنوات.

ازاء هذه المصيبة والمأذق الكبير يتعرض كورد جنوب كوردستان وآمالهم التحررية سياسيا اجتماعيا اقتصاديا وقوميا الى تهديد مزدوج :

– تهديد وقمع من قبل سلطات الاقليم والتي تحاول بشدة الحفاظ على استمرارية آلياتها السلطوية والمالية المنهوبة

– وكذلك خوفهم من محاولات السلطة العراقية الهادفة الى الحفاظ على بقاء سلطة اولئك الفاسدين العاجزين الذين يؤمنون الوضع الاحتقاني والهش داخل الاقليم

لذلك فان امكانية تصعيد انتفاضة شعبية عارمة لتكون شبيهة كما جرت في دول المنطقة هي صعبة الحدوث، حيث ان الاقليم هو بعد منطقة حكم ذاتي او فدرالي داخل دولة العراق، لكن رغم ذلك، وباعتبار انه لا توجد امكانية اخرى للتغيير الديموقراطي المنشود هناك في ظل تلك السلطوية الفاسدة العائلية الناهبة، لا بد من استمرارية تلك الاحتجاجات والمظاهرات حتى تتسع اكثر فاكثر ولربما سينضم لاحقا كورد المنطقة الغربية من الاقليم ايضا للانتفاض رغم وجود نوع من الخمول والاتكالية هناك.

جان آريان-ألمانيا،
   ميديستاني!