التعصب فلسفة ومنهج وأسلوب حياة، اذا ابتلي به إنسان، كان كفيلاً بقصر نظره على مزاياه من جهة، والتركيز على سلبيات غيره فقط من جهة اخرى، لتصطبغ به جميع المشاهد التي تحدث أمامه، ليكون الجميع من الطبقة التي تلي طبقته، وأذكياء لكنهم دونه، ليكون رأيه هو الأصح لانه رأيه، ودليله الذي يميل اليه موقفه .
الفكر السياسي يمتاز بسعته ومرونته وتطوره، اذ ليس هنالك فكر سياسي لا يتصف بذلك، كونها من أسس استمراره وانتشاره، ليكون قادراً على مواجهة التحديات والتطورات، ليستجيب لها ويتطور معها، ويبقى معيار النجاح هو تطابق الفكر السياسي مع مصاديقه في الواقع العملي، ليكشف السلوك السياسي حقيقة الفكر كون السلوك نابع من الفكر وليس من العدم، وبهذا يمكن تقييم الاحزاب السياسية حسب فكرها وسلوكها بصورة واضحة .
التعصب السياسي ينتج جملة من السلوكيات والمواقف، التي قد تهدد المستقبل السياسي للبلد بكل ما للكلمة من معنى، لتعصف بالأسس الديمقراطية التي يقوم عليها نظامه، انطلاقة من نظرية افضلية حزب على غيره وأحقيته بكل المكتسبات السياسية والحكومية، ومجرد الشعور بذلك هو خطر كبير، ليكون منهاجه هو النهج القويم وغيره محرف ومدنس، لينتج عن ذلك سلوك سياسي عدواني تجاه الآخرين، قائم على أساس تسقيط الآخرين، لازاحتهم بداعي عدم الاستحقاق وعدم امتلاك القدرة للتصدي على خلاف المنطق القائل بتساوي القرص مادام الجميع متساوون في المكانة، ومن حق الجميع طرح مشاريعهم وافكارهم والتعبير عن ذواتهم وافكارهم السياسية، وليس للتسلط مكان في النظام الديمقراطي .
استخدام الأساليب التسقيطية في التعبير عن الشعور بالأفضلية، ينتهجه الكثير، وما دام غير قادر على إثبات ذلك في الواقع، فستكون ضالته في التسقيط وتشويه صورة الآخرين وعلى رأسها منهج الشلع قلع، ليكون هو المعصوم الوحيد وسط المعذبون في الارض !، ليكون ذلك احد ابتلاءات المجتمع الذي زادت ابتلاءاته منذ ان قرر ان يستوطن عالم الأشخاص، ليدافع ويتبنى من جهة او يرفض ويحارب من جهة اخرى كل فكرة او موقف لان صاحبها فلان، بدل ان يرتقي الى عالم الفكر القائم على رفض او قبول الفكرة بتجريد، ليحدد توجهه وخياره وفق الأفكار المطروحة ليجد ضالته في الفكرة التي تنسجم مع منظومته الفكرية، سواء المعتدلة منها او المتطرفة !.