يتطرق توما توماس في اوراقه.. لحدث كبير و مهم .. ترافق مع بدايات التحاق الشيوعيين وتشكيل المقرات الاولى لبدء ممارسة الكفاح المسلح والتصدي للانقلاب البعثي .. هذا الحدث الخطير المتجسد بالتنسيق العسكري بين سلطة البعث في العراق وسوريا.. الذي كانت اولى تطبيقاته الدامية استقدام الجيش السوري الى العراق وزجه في معارك كردستان.. شملت محاور عدة في بهدينان.. امتدت من محور دهوك الى اطراف الشيخان وقرى سهل نينوى.. مروراً بدشت سينا وشاريا حتى بيرموس.. وهي الحملة التي عرفت بحملة (فهد الشاعر).. الذي كان عميداً مكلفاً بقيادة جيش اليرموك المرسل لدعم سلطة حزب البعث في العراق..
وقد ارتكب هذا الجيش جرائم بشعة ومارس الحرق والتدمير.. تناولتها الأوراق في الصفحة 48 منها وبالنظر لأهمية الحدث الذي عكس سابقة خطيرة.. تمثلت بتنسيق سلطة جائرة دموية في العراق مع دولة مجاورة لاستخدام جيشها.. لقمع من يتواجد في كردستان من الكرد وغيرهم من ابناء الشعب العراقي .. سأفرد هذه الحلقة لهذا الموضوع .. ورد في الاوراق ..
( صباح يوم 9\11\1963 وبشكل مفاجئ تقدمت قطعات من الجيش العراقي وجحوش من الزيباريين وجماعة البيرفكانيين ولواء اليرموك السوري ولم نكن نعلم ان تلك القوات قد تحركت من عدة محاور:
1ـ محور بيدة ـ اتروش
2ـ محور آلوكا ـ سينا ـ بيرموس
3ـ محمر فايدة ـ عين سفني.
ووصل لواء اليرموك الى قرية بيرموس وعسكر فيها ووضع رباياه على جبل دهوك. اما الجحوش فقد تقدموا من فايدة حتى عين سفني للسيطرة على المنطقة والجبال المشرفة عليها وتشمل منطقة القوش ـ باعذرة ـ عين سفني. أما الجيش العراقي فقد تقدم من دهوك باتجاه قرية بيدة التي تم احتلالها وحرقها، وواصل تقدمه نحو اتروش.
راودنا بعض الشكوك من عدم تصدي بيشمركة المزوريين ( جماعة عبدالواحد ) للجيش وانسحابهم امامه دون اية مقاومة حتى احتلاله اتروش، الا أن شكوكنا لم تصل الى حد تصور أن ما جرى هو لتنفيذ خطة سرية متفق عليها بين الطرفين.
كان مقرنا في دير الربان هرمز ومقرات البيش مركة المزوريين منتشرة في قرى المنطقة، ومقر رفاقنا من جماعة مصلح في قيصرية قرب قرية كافاره، وجميع هذه المقرات لم تهتم كثيراً بهذا التقدم ولم نعطه بدورنا اية اهمية استثنائية، بل اعتبرناه تقدماً عاديا سوف لن يفضي لشئ.
كانت قواتنا مع البيش مركة المزوريين والكوجر في اليوم الاول تسيطر على قمة جبل دير الربان هرمز ولم يتمكن الجيش والجحوش من التقدم باتجاهنا لثلاثة ايام، لذلك لم يخطر ببالنا ان اتفاقاً جرى ويجري بين السلطة وقادة المزوريين، ولم نعر أي اهتمام لعدم جدية البيش مركة المزوريين في الدفاع عن المنطقة وتراجعهم بأتجاه اتروش، والحاحهم علينا بضرورة الانسحاب واللحاق بهم، حيث رفضنا ذلك بشكل قطعي باعتباره خيانة واضحة!!!
في اليوم الثالث لم يبقى على قمة جبل الدير سوى انصارنا، وعندها وصل الينا ( هيرو جفريكي ) ارسله غازي حجي ملو ليخبرنا بأن الجيش احتل ( بيدة ) واحرقها وهو في طريقه الى اتروش وبوصولها سيقطع الطريق على انسحابنا، لذلك فهو(غازي) يناشدنا للانسحاب حالا، لم نرى أي مبرر للإصرار على البقاء وعدم الانسحاب، فأرسلنا فوراً الى رفاقنا ( جماعة مصلح ) في قيصرية ليستعدوا للانسحاب معنا ومغادرة المنطقة ) .
ثم يواصل سرد بقية الحدث المرافق للانسحاب دون قتال ..( تحركنا مساءً الى قرية شيخ هسن والجيش السوري في بيرموس والجحوش يحتلون قرية خوركي مما يحول دون عبورنا منها، لذا توجهنا الى قرية بالطة تحت نيران الجحوش ومنها توجهنا الى قرية بريفكا، ثم الى قرية كلي رمان وبعد استراحة قصيرة واصلنا سيرنا نحو قرية بيبوزي شمال غرب اتروش * وبقينا تلك الليلة خارج القرية، لندخلها صباحاً وكانت مزدحمة بالبيش مركة، ولم يكن ممكنا البقاء فيها او التزود بطعام من بيوتها، سبقنا رفيقان الى قرية هسنكة ، لشراء بعض الاحتياجات وتهيئة الطعام قبل وصولنا اليها مساء وكان برفقتنا الرفاق من جماعة مصلح.
وصلنا هسنكة وكانت هي الاخرى اكثر ازدحاما بالبيش مركة وهم بانتظار قرار من عبدالواحد الموجود في اتروش، كان ذلك يوم 13\11\ 1963 .
بدوره كان عبد الواحد في اتروش ينتظر قرار الحكومة للموافقة على تشكيل فوجه، وفي المساء وصل مراسل منه ليخبر البيش مركة المزوريين، نبأ التوصل الى اتفاق مع الحكومة وطالباً منهم التوجه الى دهوك وانتظار التعليمات هناك.
وعلى اثر هكذا تطورات لم يعد ممكنا لنا البقاء قريبا من جماعة عبد الواحد، لذا قررنا ان نتحرك صباحا الى قرية بيركيات حيث يتواجد حسو ميرخان مع قوة هناك.
بهذه الاسطر من الاوراق التي استقناها من مذكرات توما توماس عن الحدث الخطير نتوقف عند ما ورد فيها للتدقيق والتوضيح .. وان كنا نعذر الفقيد فيما يتعلق بالتواريخ وفصولها وتفاصيلها خاصة انه قد انجزها معتمداً على الذاكرة.. دون وجود ما يمكن الرجوع اليه من وثائق ومدونات في تلك الايام.. التي بدأ فيها بكتابة هذه الأوراق..
الا ان تخطي بعض الاحداث وتجاوزها أو اغفالها وعدم ذكرها نهائيا او عدم التطرق اليها بسبب الخلافات الشخصية.. لا يساهم في سرد التاريخ كما حدث.. ابتداء بما يتعلق بجماعة مصلح .. وهو التعبير غير الدقيق الذي استخدمه في الاوراق..
لان مصلح ومن معه لم يكونوا منشقين عن الحزب او تابعين لجهة تنظيمية ثانية.. ويبدو لي ان الخلافات الشخصية وممارسات مصلح قد انعكست بشكل من الاشكال لتتجاوز حدوده وتشمل من كان تحت امرته بهذا الوصف غير الدقيق.. والدليل على ذلك ما اعقبه من معالجات شملت ابعاد مصلح من المحلية وعموم منطقة بهدينان.. وتكوين لجنة قيادية مشتركة تشرف وترتبط بها كل المقرات.. كما ورد في الاوراق ذاتها في الفترة التي تلت هذه المرحلة.. التي نحن بصددها والمتعلقة بمشاركة الجيش السوري الذي لم تذكر الاوراق أو تثبت أي شكل من اشكال المقاومة والتصدي له.. وما دون واقتبسناه كاملا في هذا النص الطويل من الاوراق.. لا يتعدى امر الانسحاب من التطويق وخيانة مجموعة عبد الواحد حجي ملو.. لغاية احداث تشرين وانقلاب عبد الرحمن عارف على البعثيين والحرس القومي ..
والمعطيات التاريخية التي استقيناها من عدة مصادر مطلعة على الحدث الخطير.. المتعلقة بتقدم الجيش السوري بقيادة فهد الشاعر الى مناطق دشت سينا وشاريا.. وفي محور الثاني من بوزان وخورزان وكرساف و طفطيان و كابارا من سلسلة قرى الايزيدية.. كانت قد شهدت معارك بطولية وحدثت فيها خسائر كبيرة .. سنذكر بعض وقائعها قبل الانتقال الى ما ورد في مذكرات ابو عمشة عن هذا الحدث .. على سبيل المثال اوضح لي محمود خضر ـ ابو ازاد.. وهو من الشخصيات التي اهتمت بأرشفة وتوثيق احداث المنطقة بالصورة والتصوير الفيديوي من اواسط الستينات ..
ان الفقيد البطل الياس اومي من قرية ايسيان.. وهو من الشيوعيين الاوائل الذين حملوا السلاح بوجه الانقلاب.. كان بالصدفة مع ثلاثة آخرين متواجداً في قرية خورزان .. اثناء تقدم الجيش السوري اليها وبالرغم من انه كان يحمل بندقية بسيطة من نوع توتو 12ملم .. ومن معه كان أحدهم مسلحاً ببندقية انكليزية وثالثهم ببندقية قديمة من نوع مفتيل.. قد ساهموا في التصدي للمهاجمين واشتبكوا مع القوات السورية.. التي تفاجأت بمقاومة من اهل القرية بتوجيه من الشيوعي الصلب مام سعيد الكرسافي .. الذين أوقعوا في صفوفهم خسائر كبيرة واجبروهم على التراجع مع دبابتهم الى الخلف بالرغم من دخول الجحوش الكرد وحرقهم للبيوت في القريتين ..
وهذا ما حدث ايضا في قرية طفطيان حيث تم حرقها وتدميرها.. قبل ان يتقدم الجيش السوري الى كابارا.. التي اصبحت ضحية اتفاق وتوجيه خاطئ تجاوز الاستعداد للمواجهة والاتفاق بين الشيوعيين المتواجدين في مقر القيصرية واهل القرية .. وفق خطة مسبقة كما اوضح ابو عمشة في مذكراته عنها .. وعن المعارك التي دارت في دشت سينا ايضا.. بقيادة المناضل الشيوعي امين عبي من بير موس واستشهاد مجموعة بطلة معه منطقة سينا اثناء تقدم الجيش السوري اليها ..
فقد ورد في مذكرا ابو عمشة عن هذه الاحداث ..
(عن البدايات وأولى المعارك.. اثر الانقلاب البعثي الأول في شباط الأسود عام 1963 في العراق وبالرغم من الموقف المساند لقادة الثورة الكردية للانقلابين ووقوفهم ضد ثورة 14تموز واصطفافهم مع قوى الانقلاب المشين، بدأت العمليات العسكرية الكبرى للجيش العراقي بالاشتراك مع قوات من الجيش السوري للتقدم والتوغل في مناطق دشت الموصل والشيخان ومناطق القوش عام 1963 مباشرة..
حينما وصلت جحافل الاستبداد البعثي في كلا البلدين إلى اتفاق عسكري كانت نتيجته وصول طلائع من الجيش السوري بقيادة العميد فهد الشاعر إلى العراق لمؤازرة ودعم قادة الانقلاب وتثبيت أركان نظام البعث في مواجهة الثورة الكردية وقوات الحزب الشيوعي العراقي في مناطق الموصل التي أخذت تقاوم الانقلابيين وتواجه مخططاتهم من خلال تشكيلات الأنصار التي أخذت تستقطب المزيد من الملتحقين الشباب والكوادر من مختلف مدن العراق بمن فيهم عدد من الضباط الثوريين من مختلف الرتب والصنوف..
إذ تقدمت القوات المشتركة من كافة الاتجاهات في خريف عام 1963 على محاور متعددة عبر سلسلة القرى المنتشرة بين الموصل وقضاء الشيخان مباشرة كمحور أول للحركة والهجوم، والمحور الثاني عبر باعذرة كلي ديركي، والثالث من محور القوش/ بوزان /خورزان/ كرسافه/ طفطيان/ كابارا..
وقد استبسل أهالي خورزان وكرسافه في التصدي لقوات الجيش يدعمهم في ذلك الشيوعيون. وفي الطرف الآخر كانت جحافل البعث والجيش المشترك تنسق هجومها بدعم من المرتزقة / الجحوش المزوريين بقيادة أبناء حجي ملو الذين اختاروا طريق التنسيق مع السلطة وكانوا يتقدمون مع الجيش من عدة محاور بين دهوك وزاويته وصولا إلى قرية بيدا، ومن محور الشيخان – اتروش وكذلك محور فائدة بيرموس، بينما تقدم قسم آخر من القوش عبر الجبل ليلتقي مع الذين انطلقوا من الشيخان إلى كابارا والقيصرية…
وأثناء وصول طلائع القوات المشتركة إلى كابارا هرع المتبقون فيها للخروج لاستقبالهم، لكن الجيش واجههم بقسوة واعتقل عدداً منهم على الفور، علماً أن كوجك عفان وهو من أهم وجهاء القرية كان قد اتفق مع أمين ذيبان من الحزب الشيوعي على تنسيق المقاومة وكان قد تلاطف مع أمين أثناء الاتفاق بالتأكيد على ثبات موقف أهل القرية في خيار المقاومة بصيغة تساؤل ساخر موجه لأمين ذيبان..
ـ من يضمن انك والشيوعيين ستقاومون ولن تهربوا؟!!.. وأقترح في حديثه استخدام قيد الحصان منعاً للهروب من ساحة المعركة عند المواجهة..
لكنه في اليوم الثاني ذهب لاستشارة بيت الأمير، فنصحته الأميرة داي خوخي والدة الامير تحسين بك استقبال الجيش و المتجحفلين معه بالتصفيق والترحيب..
في اليوم التالي حدثت أثناء التقدم والتحرك نحو قرى كرسافه وخورزان اشتباكات مع القوات المهاجمة حيث تصدى لها الأهالي والشيوعيون ببطولة مازال يتذكرها الناس بتفاخر واعتزاز لليوم، لكنهم عند انسحابهم منتصف النهار تمكنوا من الدخول لقرية طفطيان وحرقها قبل مهاجمة كابارا التي توقف فيها السوريون.
فتوجهت القوة المهاجمة من العراقيين والجحوش إلى كابارا في حدود الساعة الواحدة بعد منتصف النهار.. وقد هرع قسم من الناس باتجاه قرية كفنة كولكة المهجورة وباعذرة.. والقسم الآخر نحو الجبل وتوجهوا نحو وادي القيصرية.. لكن الطائرات قصفت القرية وأحرقت البيوت.. أمّا من وصل الجبل فقد نجا من الموت المحقق.
سحب أبو عمشة نفساً عميقاً، وقال:
ـ وجدتُ الكوجك عفان بين هؤلاء.. حيث كان تحت تأثير المفاجأة وهو يعاني من الذهول وقد غادر إلى خوركي بسبب الخوف.. كانت ملابسه بيضاء تلمع، فتمكن راصد مدفع من مشاهدته وتشخيصه كهدف معادي فأطلق نحوه قذيفة مدفع وقعت لتنفجر بالقرب منه وتقذفه نحو حوض ماء من شدة انفجارها دون أصابته بشظية.
دامت معركة المواجهة مع القوات الهمجية الغازية التي دمرت البيوت وأحرقتها، وكذلك أحرقت عدة بقرات. وسقطت قذيفة نابالم على بقرة بشكل مباشر إذ شاهدتها بأمة عيني تتناثر قطعاً على الأرض.
واعدمت القوة الغازية ثمانية من الرجال الأبرياء المسالمين على الفور.
دامت المعركة لغاية العصر.. في اليوم الثاني عاد كوجك عفان الى القرية ليحصي خسائرها بعد الفاجعة ويتفقد سكانها المنكوبين، ذهبت لأبحث عن حبل كنا بحاجة له فلم اعثر على أية قطعة حبل بسبب احتراق البيوت.. فتوجهت إلى الكوجك مستفسراً إن كان في حوزته حبل؟.. مدّ الكوجك يده لذقنه.. مسك لحيته الطويلة وقال:
ـ هذا هو الحبل خذهُ..!
ورغم سخريته اللاذعة في تلك اللحظة تذكرت كوجك عفان فيما مضى من أيام حينما كان يشترك معنا في توجيه اطلاقات نحو الهدف ويتمدد على الأرض فتلتصق بلحيته نفايات من الأوساخ والتراب..
أما في محور سينا وشيخ خدري ومجموعة القرى المحيطة بها التي هوجمت من قبل القوة المشتركة المنطلقة من معسكر فائدة ودهوك واشتركت جحافل الجيش السوري فيها.. التي قد وصلت إلى قرية سينا فقد تصدى لها الشيوعيون بقيادة البطل أمين عبي والقوة المتواجدة في موقع بسقين، واستشهد في هذه المعركة ثلاثة رفاق من اصل تسعة كانوا معه، بعد أن نفذ عتادهم انسحبوا نحو القيصرية.. التي قرر الرفاق مغادرتها والانسحاب إلى مناطق أكثر أمناً .. وكلف أبو باز بوضع سر الليل فاختار روفي/ الثعلب وتوجهنا نحو قمة مام ازدينا.. وفي الطريق وقع مصلح الجلالي في بركة ماء محاطة بالقصب فسحبه أبو باسل لكن أبو باز قال له اتركه ليموت..
توجهنا نحو بريفكا وكلي رمان ومن ثم دزي، كان البرد شديداً، كنت احمل معي نصف بطانية فأشعلنا النار في الوادي وافترش معي البطانية درويش خدر حجو شقيق أبو سربست، في اليوم التالي توجهنا إلى بينارينكي، كانت أول مرة يشاهد اهلها الشيوعيون، منها انطلقنا بمعية أمين ذيبان ـ أبو وفاء نحو صوريا والتقينا من جديد بويسي باني ..
مع استمرار العمليات وتوسعها، انتبه توما توماس إلى مخاطر البقاء في مواقع ثابتة، ونبه لخطورة الوقوع في كماشة، وأكد على ضرورة التحرك السريع تفادياً للتطويق، لكن مصلح مصطفى الجلالي أصرّ على البقاء..
فتقرر كحل وسط سحب المرضى وبقينا 28 مسلحاً.. عاد أبو جوزيف لينبه من جديد لاحتمالات الخيانة والتطويق مطالباً بالمزيد من الحذر.. قبل أن يأتي جتو بالطة من أقرباء العقيد الشيوعي جلال بالطة، المحسوب على حدك والمتعاطف مع الشيوعيين ليؤكد أننا مطوقين ناقلا خبر تسليم واحد حجي ملو للسلطة..
كان واحد حجي ملو محسوباً على ملاك الحزب الديمقراطي الكردستاني.. لكنه آثر التعاون مع السلطة وبفعل هذه الصفقة وصل الجيش إلى اتروش وشيخ هسن مع الجحوش رغم تصدي الشيوعيين للمهاجمين في قرية مام ازدينا..
كان الجحوش من أقرباء شيخ نوري البريفكاني يشتمون بيت حجي ملو وغيروا موقفهم بالرغم من أن الطرفين هم من عشيرة المزورية.. وهكذا تبادل الأدوار لمرات عديدة شيوخ بريفكا مع عائلة حجي ملو بحكم صراعاتهم الاجتماعية المتكررة.. وبقي حجي ملو متأرجحا ًبين البيشمركة والسلطة.
أما ويسي باني فكان من المتعاطفين مع الشيوعيين ويعتبر من أنزه العناصر التي عملت في تلك المرحلة..
قاومنا رغم خيانة واحد حجي ملو .. وكنا حينها في صوريا مطوقين بمجموعات من الجحوش تحيط بنا من كل جانب.. كان ويسي آنذاك معنا بمعنويات عالية يحث الجميع على الثبات والمقاومة، أما حسو ميرخان الذي كان يجمع الشيوعيين ويضعهم بالقرب منه تقديراً لشجاعتهم وإخلاصهم.
فقد تزوج من امرأة من عائلة حجي ملو وكان حائراً في تحديد الموقف منهم في هذا الوقت العصيب.. وبسبب هذه المعارك انتقلنا من صوريا إلى نصرى، كما يشير أبو عمشة).
ويواصل ابو عمشه في سرده لنهاية تلك الأحداث..
( وبسبب الجوع وقلة الطعام، باستثناء علب من الدبس التهمها نجيب دون خبز، حيث لم يبقى في القرية إلا عائلتين مع محمد رشيد نصري.. الذي كان متعاطفاً مع الشيوعيين ويساعدهم، غادرت مجموعة مكونة من العقيد جلال وحافظ القاضي إلى قرية براش.. وبقي أبو جوزيف مع مجموعة متنقلة في دشت شمكان، أما نحن فتوجهنا إلى باني..
أثناء السير سقطت قذيفة مدفع بالقرب من ويسي سببت له فقدان السمع لمدة ثلاثة أيام.. وتوجه هرمز ملك جكو إلى دشت نهلة مع قوة مشتركة، وأثناء تحركنا بين قرى كهرفا و اشكفتي وجم سيدا ودوبري.. حدث انقلاب تشرين الذي أطاح بالبعثيين.. فاضطر الجيش السوري للانسحاب وأعقب الحدث تحولات سياسية مهدت لهدنة بين الحكومة العراقية وقيادة الثورة الكردية..
وكرر أبو عمشه في حديثه انطباعه عن دور الجيش السوري مؤكداً..
الجيش السوري كان يقاتل بشراسة بقيادة فهد الشاعر ومجموعة الضباط الذين معه مارسوا القتل ببشاعة.. كان بكل معنى الكلمة جيش احتلال و مرتزقة .. جيش معبأ بالحقد والروح الشوفينية ) ..
ــــــــــــــــ
صباح كنجي
15 \1\ 2018
*ـ هي في الحقيقة جنوب غرب اتروش
ــ اسماء الضحايا السبعة الذين قتلوا في قرية كابارا من الايزيديين :
1ـ مصطفى رشو شمو والد حسن داي طولي
2ـ مراد علي
3ـ جوقي درويش اسماعيل
4ـ نعمو مصطو من خانك
5ـ رجل من قرية بابيري
6ـ عيدو القاييدي
7ـ لم اتوصل للاسم ويعتقد كان ضيفا متواجدا في كابارا وهناك ايضا جرحى احدهم اسمه هسن