سافر ثلاثة اصدقاء الى احدى الدول الغربية، وحين عودتهم سُئل كل شخص فيهم عن اجمل ما شاهد في تلك الدولة، فكانت اجابة الاول هي جمال النساء واناقتهن، والثاني قال اكثر ما أثارني أطفالهم، فلقد كانوا اكثر أدباً وهدوء مما هو عليه الحال في دولته، اما الاخير فأشاد بأبداع الطبيعة وحسن منظر المدينة التي زارها، ان الاختلاف في آراء اولئك الاشخاص نابع من سر سعادة كل شخص فيهم، فالسعادة تكتمل بحيازتك للشيء المنقوص من حياتك، وهذا ما يطلق عليه بنظرية ” المربع المُفقَد”.
تقول النظرية أن الإنسان عندما يجلس في حجرة وينظر إلى سقفها، ويجد أن به مربعًا واحدًا مفقودًا، فإن هٰذا المربع المنقوص من السقف يظل حائزًا على انتباهه طوال مدة جلوسه في الحجرة، في حين لا يجذب انتباهه اكتمال باقي المربعات! وهٰكذا في الحياة كثيرون لا يرَون إلا المربع المنقوص من حياتهم أو حياة الآخرين؛ فيفقدون شعورهم بالرضا والسعادة، ويتوهون في دوامة من المشاعر الصاخبة والانتقادات والرفض.
مازال الشعب العراقي ينظر في سقف قبة البرلمان، ذلك السقف الذي يعج بالفاسدين واللصوص، على امر العثور على شخص صالح، لم تدنسه قذارة المال وحب السلطة، يهتم نوعا ما لوضع بلده وابناء شعبة او حتى جلده، احلام وتطلعات عاشها الشعب وما انفك ينتظر قدوم ذاك المربع المُفقَد، على امل النهوض بواقع الدولة، فالغريق يتشبث بالقشة على امل النجاة، ولا منقذ من وحل الخراب والدمار الذي غرق فيه الشعب العراقي، هناك في سقف البرلمان حيث يتخبط الناس لاختيار مرشحيهم الجدد، حيل وافكار، وتخويف وترغيب، تمارسها الحكومة، ضد الشعب لارغارمهم على الادلاء بأصواتهم، فأعتماد بطاقة الناخب كمستمسك رسمي قد لا تسير معظم الاجراءات الحكومة بدونها، يجعل المواطن امام خيارين لا ثالث لها، الاول هو اختيار مرشح بدون عنوان، والاخر اتلاف ورقة الاقتراع، وفي كلا الخيارين الخاسر هو المواطن.
التوعية والتثقيف في مجال الانتخابات، امور باتت اشبه بجرع الدواء التي سأمها طفلٌ تقيحت امعاءه من شدة مرارته، لربما يتناوله على مضض دون امل في الشفاء.
ان البحث عن ” السياسي المُفقَد” يجعل الناخب في توهان غير مألوف، واعتماد الرأي الخاص لاختيار الامثل والاصلح من المرشحين السياسين، يضع مصير الامة على محك، او كرمي حجارة في مساحة مظلمة قد تخيب او تصيب الهدف، فمن الضروري التطلع بين مربعات السياسين، والنظر فيما لو ان هناك احدٌ ما من الممكن ان يكون الحلقة الناقصة، وطوق النجاة الذي يمر من خلالة المكون العراقي، الى الضفة الاخرى لشاطيء الامل، فما زالت عبارة الشعب تعوم في بحر اليأس منذ اكثر من اربعة عشر عاماً، ولا سبيل سوى اختيار القبطان الجيد لتغير مسار العملية السياسية .