.
كلما أقتربت الإنتخابات تبدأ الأصوات تصاعدها، ويفوح من بعضها روائح نتانة سوء الممارسة السياسية، البعيدة عن أطر الديمقراطية والتبادل السلمي للسلطة والبرامج الإنتخابية، وتدور عجلة التخوين لطحن الأخضر واليابس، وجملة من الإتهامات الفردية والجماعية، لتطال شخصيات دينية وإجتماعية وإعلامية ومكوناتية وحزبية، وبين هذا العميل وذاك الفاسد والطائفي والقومي والإسلامي والعلماني، وسيول من التقولات التي لا تتيح للناخب الإطلاع على ما هو صحيح من البرامج، وتطغى لغة التسقيط على الخطابات لتشويش رؤية الإختيار الواقعي.
ما أن تذهب لأي بلد أقليمي ويعرفون عراقي؛ حتى تنهال عليك جملة أسئلة سخيفة؛ شيعي أم سني، شيعي أم مسلم، عربي أم كوردي، وبدل أن ننقل تجربتنا الى المحيط، تسربت لنا أفكار يرسمها المحيط والسياسة العالمية.
الإنتخابات القادمة رهاناً على أهمية تثبيت الديموقراطية، وثمة أصوات مانعة مقتنعة او متوهمة، مندفعة او مدفوعة، تدعو لمقاطعة الانتخابات او الحُكم المسبق على نتائجها، وتشويه مجريات العملية السياسية، وقطع الأواصر بين الجمهور والمؤسسات الحكومية، وكأن كل ما يجري بإرادة خارجية تصنع خريطة القوى السياسية، وبذا أصبح كثير من الجمهور موقناً بهذه الإعتقادات ليستسلم أمام صندوق الإقتراع وكأن يداً تحركه وتجعله يصوت بالخطأ، وبمخالفة رغبته وإدعائاته وإعتراضاته المستمرة على هذه الطبقة السياسية، وليس مواطن له بصمة في رؤية إستراتيجية الدولة.
يصنع المجتمع الديموقراطية، متى ما شعر أنها تحميه، ويعزز دور السلطة والقانون، متى ما آمن بأنه لمصلحة المجموع وثم الفرد، والعيش مرهون بالدولة وأمنها وإستقرارها ومسؤولية أفرادها وحكومتها وشعبها بإختيار سلطته، ومؤسساته الدستورية، وأن يكون هو جزء من النظام، لتكفل للجميع التعايش، وضمان التعدد وحرية الرأي والعدالة وحقوق الإنسان.
إن الإنتخابات ممارسة من أصل الحرية للمنوحة للفرد، وجزء من إستخدام العقل لتحقيق أهدافها، لتكون ضامنة للحرية الأوسع والعدالة في تقرير الشعب لمصيره، وتفكيره بمستقبل أفضل بالتغيير أن كان يشعر بالغبن، ويختار قوى سياسية ناضجة وفاعلة، وعلى أسس عقلانية وواقعية ومنطقية البرامج الإنتخابية، ومقارنة مدى أمكانية تطبيقها على أرض الواقع.
الإنتخابات القادمة رهان الديمقراطية وإرادة الشعب، ومراهنة بين الفساد الاستئثار من جانب ومع الشعب وتثبيت الديموقراطية من جانب آخر، وكسب الرهان الوطني مشاركة فاعلة وتغيير جذري.
تكريس الديموقراطية إطار لتعزيز سلطة المؤسسة الحكومية، وتقاليد تجربة يصونها عمل مؤسسي، وتحت العنوان تكرس اخلاقيات التداول السلمي للسلطة، والحديث السلبي دائماً عن التجربة الديموقراطية، يحتاج لوقفة مسؤولة برؤية واضحة عميقة، وإيقاف الأفكار الهدامة للدولة، وعدها التجربة ضمانة لمستقبل العراق، وحث الجمهور على المشاركة وممارسة الحق الطبيعي، وحق صناعة القرار بالإختيار الأصح، وتصحيح مفهوم الإعتراض بالعزوف، الى مفهوم الإعتراض بالمشاركة، وتعزيز الديموقراطية والمؤسسية في صنع الرأي العام، وجعلها إطار عام للمحافظة على التنوع الإجتماعي والديني والطائفي العراقي، وإعتبارها من مقومات تواشج المجتمع، وتنوع يخدم تماسك التركيبة، لذا نيل الديموقراطية بالمشاركة الواسعة، وإتباع البرامج دون حكم مسبق أصم، ووصف العملية حقاً وسعياً للتغير ومشاركة في بناء دولة.