تعتبر المشاركة في الانتخابات لاختيار الاشخاص للبرلمانات من المهام المصيرية والتي ترسم الطريق الى مستقبل الشعوب لبناء بلدانها لو كانت هناك حرية و مصداقية في الاختيار الصحيح للكفاءات وحسب الاختصاص ومن أهم الموضوعات التي لاقت اهتماماً كبيراً من قبل ابناء الشعب في وطننا وخاصة بعد الانفتاح الذي حصل بعد عام 2003 في العراق. ومن هنا شهد هذا البلد كما تشهد البلدان التي تخرج من ربقة ألانظمة الاستبدادية، وتباشر مشروع بناء ديمقراطي يستلهم مبادئ الديمقراطية التنافسية التي تعتمد على الانتخابات الحرَّة والمباشرة آليةً أساسيةً، حماسةً واضحةً تجاه المشاركة في الانتخابات، بوصفها تعبيرًا عن ولادة نظام جديد، وعن إحساس المواطنين بقيمة أصواتهم وبالخصوص في المناطق ذات الغالبية من اخواننا السنة لانتخاب وجوه جديدة بعد العاصفة الارهابية الهوجاء التي ضربت مدنهم وتواطو بعض سياسيهم مع هذه المجموعات ، والعودة للمساهمة في بناء الوطن والنظام السياسي. من المعروف ان العراق هو من بين الدول التي تعيش حالة من التحول الديمقراطي المنقوص بسبب االتوافقات السياسية الغالبة على العملية وليس الاغلبية والمكونات تعتز بالوحدة الوطنية التي هي ليست شعاراً ولا أهزوجة تتغنى بها أو تبرزها متى وأينما شائت وكيف ما تكون بل هي تاريخ – تاريخ من التلاحم الاجتماعي والاقتصادي والثقافي تفتخر به رغم وجود مشاكل سياسية مختلفة واقتصادية وأمنية واجتماعية بسبب خلافات المصالح الانية بين القيادات السياسية انعكست على مكوناتها وكتلها خلفتها الظروف الماضية والتي أدت إلى ظهور نتائج مختلفة تخص العملية السياسية ومنها المشاركة السياسية في الانتخابات والعزوف عنها بنسب مختلفة يعني ولادة مظلومية جديدة وعدم إقبال المواطنين على الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات بنسب تتفاوت تبقي الكارثة مثلما كانت على مدى سنوات الانتخاب التي حدثت في العراق من عام 2005 إلى عام 2014 وترتفع بشكل أو بأخر على الرغم من أن الانتخابات هي إحدى الركائز الديمقراطية لتداول السلطة في العالم وهو مبدأ يجب تركيزه في العراق الديمقراطي . ان ظاهرة الإغتراب السياسي أو العزوف عن المشاركة السياسية هي ليست ظاهرة جديدة في العالم ومتداولة في العمل الانتخابي وحتى السياسي وسببها قد تكون ٱقتصادية وسوسيولوجية. ولكن المؤشرات حول رفض البعض من العراقيين، المشاركة في الانتخابات في هذه المرحلة على رغم عدم الجدية إلا انها اعلامية من جهات تحاول ايقاف العملية الانتخابية ولاثارة الشارع من اجل زعزعة امور البلاد . وصعوبات اخرى تكمن في موضوع النازحين، رغم اعلان الحكومة والتحالف الدولي عودة اكثر من مليونين وخمسائة الف ناح الى ديارهم والعودة المستمرة للكثير منهم ، الا انه لازال هناك الكثير من النازحين لم يعودوا الى مدنهم وبالتالي مهما كان الاهتمام بضرورة مشاركتهم في العملية الانتخابية الا انه ستكون هناك نواقص كبيرة وواضحة وهذا ربما يبعث في انفسهم خيبة أمل تشكل فيما بعد رفض للاداء السياسي بالشكل الذي يؤثر على شرعية النظام. لذا لابد من تكثيف الجهود لعودة النازحين الى مناطقهم والعمل على ترسيخ عوامل الاستقرار واهمها مشاريع اعادة البناء وتوفير الطاقة والبنى التحتية الاساسية مثل الماء والكهرباء والخدمات التربوية والصحية لضمان تشجيع النازحين في مشاركة اوسع في العملية الانتخابية إلا ان الاستنتاج يوحي بأن اصرار الحكومة خاصة بعد قرار المحكمة الاتحادية بتثبيت موعد الانتخابات وغير قابلة للتغيير في الموعد يجعلنا نطمئن بان الانتخابات سوف تجري في وقتها لامحال .ولو كان هناك عزوف لاسباب تحصر في عدة امور من أهمها انعدام الثقة بالانتخابات ونتائجها وأن القوانين الانتخابية لا تهدف ولن تؤدي إلى بناء الدولة المدنية-دولة المؤسسات -التي يسود فيها القانون ويتساوى فيها الجميع وتتجذر فيها الحريات والحياة الديمقراطية ، هذه القوانين لا تخدم إلا فئة قليلة تقزم الدولة بما يتناسب ويخدم مصالحها وهذه يمكن اصلاحها بانتخاب اشخاص لهم مقومات النائب الحريص على العمل ضمن الدولة والمطالبة بحقوق المجتمع تتواجد فيهم الكفاءة والمقدرة لانجاز المهام الموكلة عليه بجدارة وفطنة وليست هناك مؤشرات حتمية في العزوف عن المشاركة في الانتخابات القادمة مع تشكيك رئيس مجلس النواب العراقي الدكتور سليم الجبوري بنزاهة الانتخابات رغم عدم القناعة بتأثير مثل هذه المقولات على ابناء الطائفة السنية لفشل ممثليهم في البرلمان اثبات مصداقيتهم عن الدفاع عنهم حسب التجارب الماضية وفسادهم الذي لايشك احد به ويظهراحتمال ارتفاع نسبة للمشاركة عن سابقاتها قابلاً للملاحظة من أي مراقب للعمل السياسي والاستعداد لتغيير الوجوه السابقة التي تتصدى العمل السياسي باسمهم. و ظاهرة العزوف عن الانتخابات تعاني منها اغلب الدول المتقدمة لعدم وجود القناعة بممارسات سياسيهم فيتم تاديبهم حتى يعودوا الى رشدهم والاعتذار عن الاخطاء الماضية او ايجاد البديل واما الدول الغير المتقدمة لأسباب تتراوح بين وجود عدم استقرار سياسي واجتماعي واقتصادي والتي لا يمكن معه توسيع المشاركة أو ارتفاع قناعة عدم المشاركة على نحو لا يمكن القول أن نسب العزوف الحادة غير مرتبطة بالظاهرة الانتخابية ونابعة من عدم اهتمام المواطن ومن ثم تؤثر هذه الظاهرة على مجمل الأوضاع العامة للبلد التي تحكمه هذه النخب السياسية وتبقى ماسكة ومسيطرة على السلطة بلا تغيير ويبقى نظرة المجتمع لها على إنها نخب وقوى لا يمكن أن تحظى بشرعية أو إنها نخب فاسدة في اقل تقدير ضمن المنظور الشخصي للشخص الممتنع عن التصويت ، وبالتالي فمن المهم أن تعمل الدولة من خلال دوائرها المختصة على معالجتها وتقليل مخاطر العزوف عن المشاركة بالتركيز على الاعلام الصادق الذي يمكن البناء عليه لتغير وجهات نظرهم لان العزوف عن الانتخابات وعدم توجه المواطنين للصندوق لاختيار من يمثلهم كارثة تهدد تحقيق المطالب المستحقة وتعد عصى في عجلة تطبيق استراتيجية العملية الديمقراطية. التصرف الصحيح يتمثل بالمشاركة الواسعة مع توخي الدقة في اختيار الجيد، ومن المفترض أن تحظى هذه الانتخابات باهتمام أكبرمن الجماهير باعتبارها الفرصة التي يمكن ان تأتي بمن هم بمستوى المسؤولية اذا صح الاختيار و تمس بالمباشر حياتهم .
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي