.
لا يمكن لأحد تبرئة مسؤولاً خدمياً وتشريعياً، حين يرى بغداد تصنف من أسوأ مدن العيش، ويرى ويشخص سوء الإدارة والتخطيط وسوء إدارة التخصيصات، وغياب خطط إستراتيجية تجعل من عدالة الخدمة سبيل لتوزيع مناطق العيش والتسوق وسوق العقار وزحمة السكان، ويكشف سبب سوء الإدارة، لتكالب السكن في مراكز المدن المتخمة بالخدمة قياساً لمناطق لا يصلها 10% منها، وعشرات سيارات سقي الأشجار في مركز العاصمة حسرة على مناطق تعطى ماء الشرب بالمراشنة بين يومين وثالث، لكن هذا لا يعني تحميل الجهات الخدمية كل المسؤولية.
جزء كبير من المسؤولية تقع على عاتق المواطن، ويمكنه مساعدة الجهات الخدمية تارة، وآخرى بتقليل الأضرار ومنع حدوث الكوارث الخدمية.
كل الشعب يتحدث عن سوء الخدمات وتراكم النفايات، وتفشي الأمراض وتلوث بيئي نتيجة تكدس النفايات، بل أن منظر العاصمة لا يوحي بأنها عاصمة بلد بهذه الأمكانيات اللوجستية، والمواطن إتكالي لا يُقدر حجم الضرر الذي يسببه نتيجة رميه النفايات في الشارع من أعقاب السكائر الى أكياس الطعام ومخالفات المحال التجارية، وما أن يتجاوز حدود البلد تجده يتصرف كأي مواطن من ذاك البلد وفق الضوابط والقوانين وتقاليد المجتمع، التي تدعو للأهتمام بالبيئة وعدم التدخين في الأماكن العامة.
يسمح المواطن لنفسه ولجاره بالتجاوز على فتحات تصريف المياه، ويرمي مخالفات زيوت السيارات ومخالفات البناء في المنهولات، بل بعضهم يترك حاويات النفايات ويضع أكياسه نفاياته بجانب الحاوية، ولا يُعرف سبب أختفاء أغطية فتحات التصريف، وحينما تتساقط الأمطار أو يقوم أحد بتنظيف الشارع بالماء، ستجد الأكياس وقناني الماء الفارغة، تتساقط في مجرى الماء وبالنتيجة إنسداد وطوفان المنطقة السكنية.
المسؤولية متساوية بين المواطن والجهات الحكومية الخدمية، ولا نتحدث عن المناطق التي تغيب فيها الخدمة تماماً كالمعامل والنهروان والحسينية، ولكن في المناطق التي تتوفر فيها حاويات النفايات وفتحات تصريف المياه وشوارع نظيفة نوع ما، فمردود تقصير المواطن سينهي أيّ جهد حكومي مهما كان، والتقصير بالواجبات سينعكس على الواقع الخدمي للمجتمع والعائلة والفرد، ولا يمنع ذلك الإتهام للجهات الحكومية بالتقصير.
فشل المسؤولين بأداء واجباتهم، لا يعني مخالفة المواطن للقانون، ولا التخلي عن دوره في المجتمع.
العادات والتقاليد من الثوابت لدى المجتمع دون أن توثق بأوراق رسمية، والقوانين الملزمة لا تعني قوتها فرض إلزامي على المواطن، في حال إصراره على مخالفتها، نكاية بالفشل الناجم من سوء الإدارة والفساد، ومتى ما أصحبت القوانين كعادات ثابتة يؤمن بها المواطن، ولا يحتاج لرقيب، وبذلك يدرك المواطن مسؤوليته التضامنية مع الحكومة في تقليل الأضرار، وتنمية الشعور بأن الممتلكات العامة له حصة فيها وعليه جزء من واجب المحافظة عليها، وهي ليست لخصوم، والأزمات والضرر سيقع عليه بالدرجة الأولى، ويكون جزء وأداة لتخريب مدينته وبلده، والمواطن مسؤول أيضاً وأن كان المسؤول الحكومي مُقصر.