5-6-2018
-سد اليسو احد اهم المواضيع التي تصدرت عناوين الصحف والمجالس والاجتماعات والمؤتمرات السياسية والاقتصادية والزراعية والاروائية والاجتماعية وحتى انه اجتاح الشارع وشبكات التواصل الاجتماعي ان لم يكن حديث قاطني شبكات الصرف الصحي ايضاً من الحشرات لان الموضوع يخصهم ايضا.
– اختلفت الاراء حول الغرض من بناء السد في البداية، واختلفت الاراء حول سبب ضخ المياه اليه الان، واختلفت الاراء حول القرائن السياسية والعلاقاتية بين تركيا وبغداد من جهة وبين بغداد وكوردستان من جهة اخرى، وبين تركيا وكوردستان ايضا، وبينهم جميعا وبين ايران.
– تذهب بعض الاراء على ان تركيا تعمدت قطع مياه نهر دجلة الان للضغط على الحكومة العراقية من اجل كركوك من جهة، ومن اجل عدم السماح للكورد باخذ موقع قدم في الحكومة الجديدة، ومن ناحية اخرى تريد بعث رسالة للحليف الرئيسي لبغداد حالياً ايران.
– تقول اراء اخرى بان هناك تزامن وتوافق بين ايران والميلشيات الشيعية التي تتحكم بموارد العراق حيث قطعت هي الاخرى مياه نهر الزاب وبذلك تريد ان تبعث رسالة ضمنية لتركيا واخرى ظاهرية للصدر الذي ترأس الحدث العراقي بعد فوزه بمقاعد اكثر من غيره، ويعرف ظاهرياً ان الصدر لايريد لايران ان تتدخل بالشأن العراقي كما يعرف عنه ايضا معاداته لتواجد القوات الاجنبية على الاراضي العراقية، ويقال في الشارع العراقي والكوردستاني ظاهرياً لديه علاقات طيبة مع الكورد.
– يشاع ان هناك اتفاق بين ايران وتركيا معاً ايضاً بالشأن الانتخاباتي، وذلك بعد فوز الحزب الديمقراطي الكوردستاني بغالبية المقاعد الكوردية وهذا الحزب كان بنظر كل من ايران وتركيا انفصالياً ، وهو الحزب الذي ترأس عملية الاستفتاء في العام الماضي، الامر الذي ازعج الدولتين الراعيتين لمصالح الشعب العراقي في الدولة العراقية متخطية بذلك حتى رعاية الحكومة العراقية نفسها لشعبها ولمصالحها.
– ان توقيت قطع المياه من قبل تركيا وايران وتزامنها مع الحركة الدائرة لتشكيل الحكومة العراقية المقبلة يمكن ان يفسر وبحسب بعض الاراء انه رسالة مباشرة لمن سيأتي للحكم، حيث عليه ان يسير وفق المنهج المعد من قبل الدولتين كي لايتجرأ احد على دنس معالم التوافق بين الدولتين والشعب العراقي الصديق لهما، فهما بلاشك اعمدة راسخة في التدخل السافر للشأن العراقي وورقة رابحة للضغط على الجهات الكوردستانية كي لاتحيد عن الخط.
-قبل سنوات او بالاخص ما يقارب العشر سنوات كنت قد ذكرت بان الاهتمام الكبير لتركيا ببناء السدود على دجلة والفرات ليس اعتباطياً انما هو مخطط وورقة يمكن ممارسة الضغط بها على جميع الحكومات العراقية من جهة، وعلى الكورد من جهة اخرى، ووقتها كان هناك من يقول لي هناك قانون دولي، وامم متحدة وامريكا وبريطانيا والى غير ذلك من الاسطونات السياسية الاعلامية الشعاراتية، ومع اني قلت وقتها والان ايضا اقول بأن الواقع المصلحوي هو الذي يترأس القانون الدولي..الا ان الاذان الصاغية تتهمني دائما باني انفصالي وغير مؤمن بالعراق الموحد.. للعلم لست الا مواطن كوردي يؤمن بقضيته ولكنه دائما يدعم موقف حكومته الكوردستانية سابقاً وحالياً في كل مساعيها.
-في الشارع الكوردستاني هناك تباين في الاراء حول ما يحدث للعراق ، فالبعض يقول بان هذا الامر سيؤثر على مصادر المياه تدريجيا لكوردستان ايضاً لذا فانه لابد من تحرك داخلي كوردي وعراقي واقليمي ودولي للحد من استبداد تركيا وايران وتحكمها بمصير العراق، وهناك من يقول بان الامر ليس الا مسرحية اخرى يمكن من خلالها فرض اجندتهما على الحكومة المقبلة وبعدها تعود الامور لنصابها، وهناك من يقول بان العراق يستحق ما يحصل له، ويردد اين هم اصحاب الصور الذين كانوا يتباهون بالمناورات المشتركة بين جيشهم العراقي الباسل وبين الجيش التركي الحليف، حين اجتمعوا على محاربة الكورد بعد الاستفتاء، لماذا الان لايتكلمون، هل بلع البحر لسانهم الخشن وشتمهم وسبهم للكورد.. ها هو حليفهم اردوغان التركي يقطع عنهم المياه.. وها هو حليفهم الايراني يقطع عنهم المياه، ويتساءل هولاء ماذا بعد ياعراقيين.. ماذا بقي ولم تفعله هاتين الدولتين المجرمتين بكم…؟.
– وفي راي مغاير يتحدث البعض عن امكانية تقسيم العراق بشكل ليس افتراضي انما واقعي بحيث تدخل القوات التركية الى مشارف كركوك والايرانية للمناطق الاخرى وبذلك يتحول العراق الى ساحة صراع عثماني صفوي من جديد ولكن بشكل اكثر تحضر.. حيث يتحكم فقط كمية النفط بمجريات الاحداث والسياسة وليس السلاح.. وبذلك تحقق ايران سعيها الابدي للوصول للنجف وكربلاء الاماكن المقدسة وكذلك تتمكن من نفط الجنوب وحركة الملاحة البحرية في الشط والخليج، ومن جهة اخرى تحقق تركيا غايتها في كركوك وتزعم الجبهة السنية الطائشة والمشتتة وتقضي في الوقت نفسه على معاقل حزب العمال الكوردستاني وعلى اي حركة كوردية سواء في جنوب كوردستان او غربها او شمالها، مما يحقق لها امنها كما تقول ويحقق لها اهدافها الاستراتيجية في المنطقة.
-هناك ملاحظة مهمة اود ان اذكرها.. كل الاراء والتكهنات حول ما يحدث في الشرق الاوسط هي مجرد اراء عبثية تأتي من واقع الحالة ، ومن الواقع النفسي والاجتماعي والاقتصادي وحتى السياسي العام الذي تعيشه المنطقة وهي في الاساس اراء واستنباطات وافتراضات انتمائية اي ان كل جهة تفترض ما تراه وفق اجندتها، وليس لها اية علاقة بالرؤية الدولية والمخطط الدولي المزعوم، والحقائق برهنت وتبرهن ذلك بوضوح، لاشيء حتمي في الشرق الاوسط الا من خلال ما يمكن ان تفرزه سياسة ومصالح المنظومة الدولية التي تديرنفسها بنفسها، والسؤال يبقى من يتحكم بالمنظومة بعيداً عن نظرية التآمر وقريباً من الواقع العياني الذي تعيشه المنطقة من عقود طويلة..؟.