لماذا الكورد وليس الاكراد- جوتيار تمر/ كوردستان

 

22-9-2018

تتشكل معالم التاريخ الكوردي الحديث ضمن مسارات متنوعة، ويخوض الكورد صراعاً ونضالاً منقطع النظير على جميع تلك المسارات من اجل الحصوص على حقوقهم كاملة، ولايخفى على احد ان الصراع السياسي محتدم بصورة كبيرة في الاجزاء الكوردستانية الاربع، وهو الصراع الذي يحمل مع السعي السياسي الحثيث الكفاح المسلح، وبعيداً عن النتائج التي حصل الكورد عليها من تجربتهم السياسية والمسلحة، فاننا نعيش وقع صراع اخر ضمني وترافقي، وهو الصراع الذي بات يشكل معالم الرؤية الكوردية للاخرين، ورؤية الاخرين للكورد او كما يقول د. حيدر لشكري ” جدلية النحن والاخر “، وذلك عبر استقراءات مختلفة ومنوعة، فالكورد ينظرون الى من حولهم بالاخص الى مضطهديهم من دول الجوار على انهم لايسعون فقط لابادتهم قومياً، بل اصبحوا يؤمنون بانهم يسعون لطمس معالم وجودهم الحضاري والانساني واللغوي والجغرافي والاثنوغرافي، وهذا ما يدفع غالبية الكورد الى رفض تلك السياسات الدكتاتورية، ورفض التفاعل والتعامل مع الاجندات الخارجية تلك حتى ثقافياً، حيث ليس بغريب ان نسمع بين فترة واخرى جدالاً وسجالاً مثلاً حول تسمية الكورد، حيث يصر اعداء الكورد على فرض ايديولوجيتهم الناقصة ” ذات الطابع العنصري”  على الواقع الكوردي من باب السلطوية وباب ان الكورد خاضعين لحكمهم، دون اية اعتبارات تاريخية ليس فقط لجذور التسمية التي لاتمت الى اية اصوليات لسانية ولغوية متعلقة بالكورد ، وانما الى حيثيات تاريخية وتلازميات اشتقاقية يراها غيرهم بصورة تتناسب اكثر مع الرؤية الكوردية نفسها، في حين ينظر اصحاب الفكر القومي العدائي للكورد على انها من صميم لغتهم القومية، وذلك بالضبط ما يشكل نقطة صراع اخرى بينهم وبين الكورد.

يصر كل من الاعراب والاتراك والفرس على تسمية الكورد بالاكراد، او حذف الواو وكتابتها بما يتناسب قواعد لغاتهم، وفي اصرارهم هذا لايؤكدون عدائيتهم فقط انما يؤكدون ان تمسكهم بلغتهم وجذورها واصولها هي اساس تقدمهم، في حين ينكرون على الكورد من الجانب الاخر على تمسكهم ايضا بتسميتهم التاريخية الاصلية والمنسجمة تماما مع رؤيتهم لكينونتهم ووجودهم القديم والوسيط والحديث والمعاصر، وهذا ما فرض على المدافعين عن الكورد بهذه الصيغة على خوض السجال مع الاخرين، وهذا ما فرض ايضاً انقساماً كوردياً حول استخدام الابجديات انفسها، فغالبية الكورد الان يستخدمون الابجدية اللاتينية والتي يقول عنها بولات جان ” الابجدية الكوردية اللاتينية هي ضمن محاولات عديدة لايجاد ابجدية تتناسب مع اللغة الكوردية باصواتها وخصوصياتها وحركاتها، وكانت الابجدية اللاتينية الاوفر حظاً فهي متداولة منذ اكثر من 2700 سنة، وكذلك فهي كانت لغة التجارة والتقنية والسياسة ومظهر من مظاهر التطور الحضاري نهاية القرن التاسع عشر، بالاضافة الى احتكاك المثقفين الكورد بالحضارة الغربية..”، وحين نقول بالاغلبية ذلك اذا اعتبرنا ان الكورد في شمال كوردستان وغربها معا يشكلون النسبة الاكبر  او النصف على اقل تقدير، في حين ان الكورد في الجنوب والشرق يستخدم غالبيتهم وليس كلهم الابجدية العروبية والفارسية ( مع خصوصية حذف بعض الاحرف المهمة، مثلا من الاحرف العروبية – ص- ط،ض، ظ  واضافة احرف كوردية – پ – چ – ژ – گ ) متأثرين بالانتماء الديني اكثر فحين اقتحم المسلمون الاعراب البلدان والامصار سواء بدافع الفتوحات او السيطرة والاحتلال “هجرت الامم لغتها والسنتها في جميع تلك الامصار والممالك واتخذت اللسان العروبي لسانا لها ” كما يقول ابن خلدون،، وهذا ما فرض عليهم اتباع اصوليات لسانية تخضع لقوانين القوميات الحاكمة –  في حالة الكورد اقحمت بعض الاحرف في الابجدية الكوردية (ح – ع – غ) – ، تلك القوميات التي لا تتميز بتعصبها اللغوي فقط انما القومي والمذهبي الديني ايضاً، كما تتميز بالانظمة الدكتاتورية التي تحكمها منذ تأسيس دولها، فضلاً عن كونها تتميز بالارهاب الفكري والعداء المستمر للكورد ومحاولة فرض ايديولوجيتها على الواقع الكوردي حتى في التسميات التي يطلقونها على الكورد، فمن خلال استقراء الاعلام العروبي  والتركي مثلاً نجدهم يصرون على تسمية الكورد بالاكراد متجاهلين ردود الافعال الكوردية تجاه الكلمة حيث اصرارهم ليس مبني على اصول قواعد لغوية فحسب انما على نظرتهم للكورد ومحاولة اثبات ان الكورد هم مجرد بدو بعيدين عن التحضر ( اكراد تلائم رؤيتهم للاعراب الذين بنظرهم بدو واقل حضارة )، وهذا ما يحاولون اثباته من خلال تعنتهم واصرارهم في حين يرفضون ان يسمهيم الكورد اعراب واتراك ومجوس لان في ذلك عنصرية قومية متوحشة من الكورد، وليس مخفياً الا على اعمى ان النظرة العروبية الاسلامية الاممية -“نظرياً” فقط لانها لم تتحول الى فعل عملي واقعي مستقر الا لفترات متقاطعة – كانت تعتمد على التسمية العرقية الاثنونوميكية في حين نجدها فيما يتعلق بالكورد حملت مفهوما ودلالات اجتماعية شمولية تعدت تلك التسمية التي تطلق على مجموعة بشر ية معينة، فلم يطلق الاعراب المسلمين والفرس المجوس تلك التسمية على الكورد فقط انما وكما يذهب اليه المؤرخ ابو الحسن حمزة الاصفهاني كانت الفرس تسمي الديلم اكراد طبرستان وتسمي العرب اكراد سورستان،وذلك بسبب تشابه البناء الاجتماعي لهذه المجموعات وفي المقابل كان الاعراب المسلمين يطلقون على غيرهم ايضا اسم الاعراب تنقيصاً من شأنهم وتأكيداً على بدويتهم كما فعل اغلب المؤرخين المسلمين وهذا ما يتضح من خلال رواية حادثة حرق النبي ابراهيم حين سال احدهم عبدالله بن عمر”……. فاكد الاخير بان الكورد هم اعراب فارس..”، وهذا ما جعلنا نجد ترادفاً غرضياً مقصوداً وقسرياً لاسم الاكراد والاعراب مما يجعل الامر وكأنه حتمي ديني، وفي الحقيقة ان الامر كله نابع من المحددات المعرفية التاريخية الاسلامية نفسها، وكما يقول لشكري ان ” تعيين بداية التسمية بال (كُرد) ياتي استجابة لحاجة آنية الى معرفة اصل التسمية ، اي بمعنى اخر محاولة اعطاء اصل للتسمية كي يتسنى لهم بعد ذلك صياغتها وفق مآربهم واغراضهم ومعتقدهم سواء القومي الفوقي او الديني الاممي، حيث من هذا المنظور تجعل من تسمية الكورد لفظاً عربياً، وهي بلاشك كانت ضمن المحاولة الشمولية الرامية الى رؤية العالم والتفكير به عربياً اي قولبتها خاصة فيما يتعلق باشتقاقات الاسماء كي تكون معروفة ضمن تلك اللغة، ومن ثم تصبح جزءاً مقبولاً في الواقع الاجتماعي.

وتثبت الدراسات التاريخية ان الكورد لم يكونوا بعيدين عن سمات التحضر والاستقرار خلال تاريخهم بالعكس تماما فحين ظهرت معالم الحضارة لديهم وعلى ارضهم كانت اغلب الحضارات المتاخمة تعيش حالة الترحال المستمر، فقد ضمت الجبال والاودية والسهول بين رحابها تكوين اولى المجتمعات الحضرية المعتمدة على الزراعة والرعي والانتاج معاً ” جرمو” ، كما اصبح التداول الارضي سمة عصرية فحين تجبر الثلوج الاهالي للنزول من الجبل وتجعلهم يستقرون في السهول والادوية كان السعي لحياة اكثر انتاجاً ومحصولاً يجعلهم يعودون للجبال في اوقات الحر، مما يعني تنوعاً في توظيف الجغرافية حسب حاجاتهم ومتطلبات حياتهم دون هجر مراعيهم وانما الابقاء عليها وفق منظومة اجتماعية صالحة للعودة اليها، وذلك ما يفرض رؤية اكثر نضجاً على غرضية التسميات التي اطلقها المجوس والاعراب المسلمين على الكورد والتي كانت مبنية فقط على اصوليات ابجدياتهم بعيداً عن التصور التاريخي الواقعي للاسم نفسه ضمن السياقات الاكاديمية التي لاتتاثر بالمؤثرات العرقية واللسانية لان النظر بتمعن الى الواقع نجد بان لفظة الكورد (الواو بعد الكاف) تناسب الاستخدام الكتابي واللفظي بشكل افضل ولاتضر بقواعد اللغة لاسيما ان المصادر التاريخية غير الاسلامية العروبية  قد اوردت اللفظة بشكل يلائم استخدام الواو بعد الكاف ( KURD-KARDU)، متجاوزين تلك القولبة الحتمية التي فرضتها الاداة المعرفية العروبية الاسلامية والمجوسية والفارسية.

لقد اثبتت الدراسات التاريخية الاكاديمية ان الكورد استعملوا ابجديات كثيرة في مراحل مختلفة من تاريخهم ، وتلك الدراسات اثبتت في الوقت نفسه ان الكورد اضافوا الى تلك الابجديات احرف تناسب لغتهم وواقعهم المعيشي ومع الاعتقاد بان اللغة المنطوقة والمسموعة المتداولة في الحياة اليومية لاي مجتمع انساني تختلف الى حد ما عن الكتابة باللغة ذاتها باعتبار النطق الشفهي ظاهرة صوتية اما الكتابة فهي وسيلة تقريبية للتعبير عن تلك الظاهرة بمعنى ان الكتابة لم تصل بعد الى مستوى التعبير عن كل الاصوات فانه يبقى ان اللغات الحية استخدمت نوع من الكتابة ومن بين هذه اللغات كانت للغة الكوردية باعاً طويلاً في محاولات الكتابة.

وذلك ما يفسره الاضافات التي اقحمها الكورد على الابجديات المستخدمة لديهم، فحين استخدم الميديون الابجدية المسمارية ذات (36) حرف اضافوا اليها احرفاً اخرى لتصبح (42) حرف ، وكذلك فعلوا مع اغلب الابجديات الاخرى ، وذلك ما جعل الكورد في محاولتهم لخلق ابجديتهم ان يستعينوا  بما يلائم ويتناسب مع القدرات اللفظية لديهم وفي الوقت نفسه نجد سعيهم ذاك يؤكد اختلاف لغتهم مع اقرانهم من الشعوب المعاصرة لهم، لذا نجد الميديين انفسهم استخدموا ايضا الابجدية الافستائية ذات (48) احرف، كما استخدم الكورد الابجدية الارامية والازداهية وماسي سورتي والارمنية والكريلية والعربية واللاتينية.

 

2 Comments on “لماذا الكورد وليس الاكراد- جوتيار تمر/ كوردستان”

  1. رجاء منكم اضافة هذه الملاحظة بحق الاستاذ القدير السيد محسن جوامير المحترم
    بدون القصد ليلا نسيته
    وصية المرحوم قاضي محمد آدام الله ظله وليزداد من آمثاله …( لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (21) وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَٰذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ ۚ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا (22)الأحزاب )وليحتذى به قادة كورد آخرين ولله المستعان
    وأقول حق الدفاع عن الوطن والعرض حق كفلته الشرائع السموات والوضعية الارضيّة اما الموت آت لا محالة…يقول تعالى(وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِن قَبْلُ لَا يُوَلُّونَ الْأَدْبَارَ ۚ وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْئُولًا (15)قُل لَّن يَنفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِن فَرَرْتُم مِّنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذًا لَّا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا (16) قُلْ مَن ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُم مِّنَ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً ۚ وَلَا يَجِدُونَ لَهُم مِّن دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (17)الأحزاب وكان من بين أصدقاء المرحوم القاضي محمد من تركه وحيدآ ومنهم فر بجلده وعبر الحبال والبحار ونجى نفسه من الموت وصل ومن معه من الرفاق وبعد المعاناة الغربة جاءه الفرصة والتقطه بمهارة رجع مكرمآ عزيزا واستقبلته استقبال الأبطال ثم تمرد على القاسم لحد الآن الشعب كان في غفلة من أمره لم يوضح بشكل تفصيلي للشعب أسباب اندلاع الثورة في ١٩٦١ وقيل كثير عن أسباب الخفية منها قانون ٨٠ أتصور لتوزيع الاراضي الاقطاعيين لا ادري مدى مصدقياتها لان العدو المحتل مهمتهم سياسة فرق تصد ……على كل تطوع خيرة شباب وشيبة كورد حتى رفعت مكانة الپيشمرگه أسمى ايات الحب والقداسة ومثل من امثال البطولة والفداء دون ان ينتظر احد منهم راتب شهري وعوضا عن ذالك كان على والدي الپيشمركه واخوانه مايلمذه من الاحتياجات وتوفير عتاد وحتى سلاح الشخصي برنو لكي يكون مثلا حسنآ يمثلهم ويكون محل فخر واعتزاز لهم وكل كان يزين ذريته ويقدمه كضحية للوطن وللقائد ولكن هذا القائد مع الأسف لم يكن على حجم هذه المسؤولية بل في أوجه قوة هذه الثورة معنويا وتسليحيا تركهم بل اجبرهم على تخلي عن أسلحتهم وتسليمها الى المحتلين إيراني وعراقي ترك شعبه وحيدا وطار هذه المرة غربآ الى أميركا وتمكن من نجاة نفسه ومن لف لفه الم يكن أجدر من هذا القائد ان يبقى بجانب رئيسه القاضي ويشنق معه…… الخ والعاقل يفهمه وكل الايات العظام التي ذكرتها ستجدون جوابا لهولاء القادة الذين يجيدون لذة في الفرار ومحاولات الافلات من الإعدام الموت واحد ومهما اختلف أسباب

    العتاب هل يرى الضوء
    علي بارزان
    الف شكر لأخي الكبير
    ترجمة : محسن جوامير ـ كاتب كوردستاني
    علي بارزان

    1. آخر وصية للقاضي محمد رئيس جمهورية كوردستان قبل إعدام شنقا
      ترجمة : محسن جوامير ـ كاتب كوردستاني
      يا أبنائي وإخوتي الأعزاء !
      يا إخوتي الذين هضمت حقوقهم!
      يا شعبي المظلوم !
      ها أنا ذا في اللحظات الأخيرة من حياتي، أقدم لكم بعض نصائحي:
      ـ تعالوا أناشدكم بالله أن لا يبغي بعضكم على بعض.. توحدوا وتعاضدوا.. اثبتوا أمام عدوكم.. لا تبيعوا أنفسكم لعدوكم بثمن بخس.. وإنَّ تودّدَ عدوكم لكم محدود، وينتهي حين تتحقق أهدافه.. فهو لا يرحمكم أبدا، ومتى وجد الفرصة واستنفدت أغراضه، فانه ينتقم منكم لا محالة ولا يعفو عنكم ولا يرحم.
      إن أعداء الكورد كثيرون، هم ظلمة، مستبدون ولا يرحمون.. وعلامة وطريق نصر أي شعب أو امة، يكمن في وحدتهم وإتحادهم، وكذلك في المناصرة، وإلا فهم يرزحون تحت وطأة المتجبرين.
      أيها الشعب الكوردي !
      لستم بأقل من أي شعب على وجه البسيطة، إنما انتم في الرجولة والشهامة والقوة متقدمون على كثير من الشعوب التي تحررت.. فالشعوب التي تخلصت من قبضة المستبدين، هم أمثالكم، ولكن اولئك كانوا متحدين.. كفتكم العبودية.. وإن تحرركم مرهون فقط بالوحدة ونبذ الحسد ورفض العمالة للأجنبي ضد شعبنا.
      إخوتي!
      لا يخدعنكم العدو.. فعدو الكورد عدو ايا كان لونه وجماعته وقومه.. لا شفقة له ولا ضمير، ولا يرحمكم، ويوقع بينكم الفتنة والتقاتل، ويثير بينكم الأطماع.. وعن طريق الخدعة والأكاذيب، يُحرضُ بعضَكمْ ضد بعض.
      والعجم هم أعدى أعداءكم، فهم أكثر ظلما وألعن وأكثر فسقا وأقل رحمة من الجميع.. لا يتورعون عن إقتراف أي جريمة بحق الشعب الكوردي.. وهكذا كانوا دائما، فالبغض والكراهية متأصلان فيهم طوال التأريخ ولحد اللحظة.
      أنظروا كيف تعاملوا مع زعماء شعبكم، بدءاً ب ” إسماعيل آغاي شكاك ” وإنتهاء بأخيه جوهر آغا وحمزة المنكوري وآخرين كثر.. لقد خدعوهم جميعا، حيث تعاملوا معهم بالمرونة واللين في البداية، ومن ثم فرقوا جمعهم وشملهم، وأخيرا قاموا بكل خسة ودناءة بتصفيتهم.. لقد خدعوهم بأن أقسموا لهم بالقرآن، وأوحوا إليهم بأن نية العجم تجاههم صافية وانهم يحسنون صنعا معهم.
      ولكن وا أسفاه على سرعة تصديق الكورد الذين إنخدعوا بيمين وعهود العجم التي قطعوها لزعماء الكورد، وكل ما قطعوه لم يتجاوز حدود الكذب والخداع.
      لذا، أناشدكم وكأخ صغير لكم بالله، وأقول : إتحدوا ولا تتفرقوا.. وتيقنوا بأن العجم لو منحوكم العسل، فانهم يدسون السم فيه.
      لا يخدعنكم قسم وعهود العجم.. فإنهم لو حلفوا يمينا وبالقرآن ألف مرة ووضعوا أيديهم عليه ووعدوكم، حينئذ تأكدوا بأنهم يريدون خيانتكم ومخادعتكم.
      ها أنا ذا في اللحظات الأخيرة من حياتي، أنصحكم لله.. أقول لكم بأن ما كنت قادرا على فعله قد فعلته، والله أعلم.. لم أقصر في تقديم النصائح وتبيان الطريق الصحيح.. والآن وفي هذا الوقت والحال، أعيده عليكم واطالبكم بألا تنخدعوا أكثر بالعجم ولا تصدقوا حلفهم بالقرآن ولا بعهودهم وعقودهم، لأنهم لا يعرفون الله ولا يؤمنون به ولا برسوله ولا بيوم القيامة ولا بالحساب والكتاب.. وما دمتم كوردا، فانكم في نظرهم مجرمون ومحكومون، حتى لو كنتم مسلمين.. من اجل ذلك، فإن رؤوسكم وأموالكم وأرواحكم مباح وحلال بنظرهم، ويعتبرون كل ما يقومون به ضدكم هو غزوة.
      ما كنت أتمنى أن أغادر الحياة واترككم وأنتم تعانون من ظلم هؤلاء الأعداء الحاقدين.. لقد فكرت كثيرا في ماضينا ورؤساءنا الذين خدعهم العجم باليمين والكذب والحيل ومن ثم ألقوا القبض عليهم وبالتالي قتلوهم.. وقد حدث هذا بعد أن عجزوا عن هزيمتهم والإنتصار عليهم في معارك البطولة ولم يصمدوا أمامهم، فاقدموا وعن طريق الكذب والإحتيال والدجل على خداعهم وبالتالي قتلهم.
      أنا أتذكر كل ما حصل لأولئك الزعماء، ولم أثق في يوم ما بالعجم.. وقبل أن يعودوا إلى هنا، وعن طريق الرسائل والتوصيات وإرسال شخصيات كوردية وفارسية، وعدوا وعاهدوا كثيرا ومن دون أي وفاء بهما بأن دولة العجم وعلى رأسها الشاه تريد لهم الخير وليس في نيتها أن تسقط قطرة دم واحدة في كوردستان.. وها أنتم الآن ترون بأم أعينكم نتائج الوعود التي قطعوها.. ولو أن رؤساء القبائل والعشائر لم يخونوا ولم يبيعوا أنفسهم للعجم، لما حصل لنا ولكم ولجمهوريتنا ما حصل.
      نصيحتي ووصيتي لكم هي:
      أن تحثوا أبناءكم على طلب العلم، فإننا لسنا بأقل من الشعوب الأخرى ولا ينقصنا شئ غير العلم.. تعلموا، حتى لا تتأخروا عن ركب الشعوب.. فالعلم لدى عدوكم هو سلاحه القاتل في وجهكم.
      تأكدوا لو أنكم إتفقتم وإتحدتم وأوليتم العلم إهتمامكم، فانكم سوف تنتصرون على أعداءكم نصرا عزيزا.
      لا ينبغي أن يُحبطكم ويقضي على عزيمتكم مقتلي ومقتل أخي وأبناء أعمامي، لأنه ومن أجل أن تصلوا إلى آمالكم وأهدافكم، يجب أن يقدِّم الكثير من أمثالنا التضحيات من أجلها.. وأنا على يقين بأن هناك الكثير من الآخرين الذين سوف يُقضى عليهم بالحيل والنفاق.
      انا على قناعة بأن هنالك الكثير من الذين هم اعلم وأقدر منا، سوف يقعون في شرك وخداع ومؤامرات الأعاجم.. لكنني آمل أن يكون مقتلنا درسا وعبرة للمخلصين من أبناء الشعب الكوردي.
      لدى نصيحة أخرى وهي :
      ان ترجو من الله سبحانه وتعالى أن يكون نصيركم ومعينكم في نضالكم من أجل هذا الشعب.. حينئذ أكون على ثقة بانه سوف يمدكم من عونه.
      قد تسألونني لماذا لم أنتصر وأفز ؟! وعند الجواب اقول لكم : والله لقد إنتصرت وفزت.. أي نعمة وأي نصر وفوز اكبر من أن أفدي برأسي ومالي وروحي في سبيل شعبي ؟!
      تأكدوا بأن مطلبي في الحياة كان أن اموت موتة تجعلني وأنا أواجه الله والرسول وشعبي وقومي، مرفوع الرأس.. إن هذه الموتة هي نصر لي.
      أحبائي !
      كوردستان هي بيت الجميع.. كما أن كل فرد في البيت يقوم بعمل محدد فيه ولا يحتاج الأمر أن يتدخل الآخر في شأنه، وكذلك الأمر مع كوردستان، فإن مثلها كمثل البيت.. عندما تعرفون بأن عضوا في هذا البيت بإمكانه القيام بعمل ما، دعوه ليعمل، وليس هناك داع ومسوغ لوضع العوائق أمامه او تكتئبوا وتأخذكم الغيرة لكون أحدكم تحَمَّل المسؤولية الكبرى.. لأنه حينما يتحمل شخص ما عملا عظيما ويديره، يعني هذا أنه عالم به ويحمل على عاتقه مسؤولية عظمى أمام هذا الواجب.
      تأكد بأن الكوردي أفضل لك.. والعدو يحمل البغض والكراهية في قلبه.. ولو لم اكن أتحمل مسؤولية كبيرة على عاتقي، لما كنت الآن واقفا تحت حبل المشنقة.. لذا يجب ان لا يستبد بكم الطمع تجاه بعضكم.
      الذين لم ينفذوا أوامرنا، لم يقتصروا فقط على عدم التنفيذ والطاعة فحسب، إنما عادونا أيضا.. وبما أننا إعتبرنا أنفسنا خداما لشعبنا، فهم الآن في بيوتهم وبين أولادهم، ينامون وهم مرتاحوا البال.. لكننا بسبب كوننا خداما لشعبنا، ها نحن الآن واقفون تحت حبل المشنقة، وأنا بصدد إنهاء آخر لحظات حياتي بهذه الوصية.. ولو لم أكن أتحمل المسؤولية الكبرى، كنت أغط الآن في نوم عميق.
      وهذه النصيحة التي اقدمها لكم، هي أيضا من إحدى المهام التي على عاتقي.. وانا على يقين بأنه لو كان هناك شخص آخر تحَمّل مسؤولياتي، لاصبح هوالآن في مكاني تحت حبل المشنقة.
      وأنا الآن ومن أجل أن أرضي الله وطبقا للمسؤولية التي على عاتقي، وككوردي خادم للشعب ومن اجل العمل الطيب ( الأمر بالمعروف ) قدمت لكم بعض النصائح.. أرجو ان تاخذوا منها لاحقا العبر وان تنصتوا إليها تماما، على أمل أن ينصركم الله تعالى على أعداءكم :
      1ـ أن تعتقدوا بالله و ( بما جاء من عند الله ) وتعبدوه، وتؤمنوا برسوله ( صلى الله عليه وسلم ) ويكون أداؤكم للفرائض الدينية قويا ومتينا.
      2ـ احفظوا وحدتكم وإتفاقكم في صفوفكم.. لا تقترفوا الأعمال المشينة تجاه بعضكم، ولا تكونوا طماعين ولاسيما عند تسلم المسؤولية.
      3ـ إجتهدوا في رفع مستوى الدراسة والعلم ودرجة تحصيلكم، حتى لا تنخدعوا بالعدو كثيرا.
      4ـ لا تثقوا بالأعداء، لاسيما العجم، لأنهم يعادونكم بأشكال مختلفة، فهم أعداء شعبكم ووطنكم ودينكم. والتأريخ أثبت بأنهم يبحثون عن كل ذريعة للإيقاع بكم، ويقتلوكم لأدنى سبب ولا يتورعون عن القضاء على الكورد بتاتا.
      5ـ لا تبيعوا أنفسكم للعدو طمعا في بقاء زائل في هذه الدنيا الدنية، لان العدو هو نفس العدو ولا يمكن الإعتماد عليه.
      6ـ لا يخن بعضكم بعضا، لا في السياسة ولا في الأرواح ولا في الأموال ولا في الأعراض.. لأن الخائن ذليل ومجرم عند الله والناس، والمكر السئ يحيق بصاحبه في الأخير.
      7ـ لو أن أحدا منكم تمكن من أداء اعمالكم، فتعاونوا معه، ولا يجعلنكم الإستئثار والطمع أن تقفوا ضده أو لاسامح الله أن تتجسسوا عليه لصالح العدو.
      8ـ المذكور في وصيتي هذه، هو من أجل صرفه على المساجد والمستشفيات والمدارس.. عليكم أن تطالبوه جميعا وتستفيدوا منه.
      9ـ لا تتوقفوا عن النضال والدأب والجهاد، حتى تتحرروا كباقي الشعوب من نير الأعداء.. لا قيمة لمال الدنيا.. لو أصبح لكم وطن وإمتلكتم الحرية وأصبحت أموالكم وأرضكم ووطنكم لكم، عند ذاك يمكن ان يقال بأنكم حقا أصحاب أموال وثروة، وكذلك أصحاب دولة وعزة.
      10 ـ ما أظن أن لأحد علي حق، سوى حق الله.. ولكن لو أن أحدا يعتقد أن له عليّ حق، فإنني تركت ثروة كبيرة، فليذهب إلى الورثة ويأخذه منهم.
      ما دمتم غير متوحدين، فإنكم لن تنتصروا.. لا يظلم بعضكم بعضا، لأن الله يقضي على الظالم بأسرع وقت ويخزيه.. وهذا وعد الله من دون زيادة أو نقصان.. الظالم سوف يسقط ويخزى، والله ينتقم من ظلمه.
      آمل أن تأخذوا بنصيحتي، وأن ينصركم الله على الأعداء، وأقول كما قال الشيخ سعدي:
      مراد ما نصيحت بود و كوفتيم
      حوالت با خدا كرديم و رفتيم
      يعني:
      كان قصدنا مجرد نصيحة وقلنا
      وسلّمنا الأمر لله وذهبنـــــــــــا
      خادم الشعب والوطن
      القاضي محمد

Comments are closed.