أملي مرعي أبو جبل وحروف بعبق الياسمين- بقلم: شاكر فريد حسن

أملي مرعي أبو جبل يمامة جولانية/ سورية، غزت عالم الشعر، وغردت فوق أشجار الكرز والتفاح، وهدلت بأغاني الحب، وهمس النجوم والقمر.
إنها مزدانة ومرفرفة باجنحة الفراشات المحدقة بعيون الظبيات في فضاء العنادل، تحمل ربة الشعر، وتغازل آكام النرجس والياسمين، وتتدفق رقة وحنانًا وبساطة وألفة، ترسم الضياء، وتزرع دروب العشق بالدموع.
هي موهبة شعرية مزهرة نضجت على نار هادئة، وشعرها عطر فواح متنوع الأغراض والرؤى، تمتلك روح الشعر وتصنع لنا قلادة قلم من حروف وكلمات حريرية وصور زاهية الألوان والأصباغ تزين بها أحاسيسنا وصفحات قلوبنا، التي تهفو لسماع نبضات فؤادها وآهاتها وخرير شلالاتها المتدفقة بكل ما هو جميل وانساني.
لقد شدتني منذ فترة بعيدة نصوص أملي مرعي الشعرية التي تقريتها في عدد من المواقع الالكترونية السورية، وعلى صفحتها على الفيسبوك، ووجدت فيها دفء الاحساس، ونبض الروح، ولغة العشق، والايقاع الموسيقي، والرومانسية الجميلة الحالمة، وكثافة النص، وشفافية التعبير، ورقة الهمس وصدق البوح والدفقة الشعورية. وهي نصوص نثرية تنهض على لغة الشعر الصافية الرائقة الطازجة المدهشة، فلنسمعها في هذا النص الجميل الرقراق العذب، الممتلىء بعبق الورود وعطر الريحان ، الذي يختزل بكل ما في صدرها وأعماقها من عواطف جياشة ونبضات قلب وخلجات وجدان، إلى حيث نشوة الروح وملكوت النفس، حيث تقول:
ليكتملَ صباحي
اقرأْني قُبلةً قُبلة
وأنا اقطُفك
وَردةً وَردةً
وهكذا
نُعيدُ بِناءَنا
من جَديد
أنت وانا ودائرة
من الولهِ
تلُفّنا بِجناحيّ
اللّهفة
أشهقُكَ وَردًا
من القلب
وتزفُرني عطرًا
من الوريد
واللافت في كتابة أملي هي المهارة الوصفية الشعرية، وانسيابية معانيها وكلماتها التي تتدفق بسلاسة تشتمل على التصوير التعبيري بفنية لفظية بادية للعيان، ولغتها الوردية الدافئة والاستدراجية الحية، وجرأتها في التعبير عن مشاعرها، وهذا ما نلمسه في هذا النص:
سَتبقى مائي النَديّ
الّذي يُبَلِّلُ صَحراءَ روحي
والّتي لَم تَشعُرْ قَطّ
بِمُتعَةِ هُطولِ الغَيثِ الأوّل
إلّا مِن خِلالِ مُزنِكَ الحامِلَة
ذَبذَبات الفَرَحِ المُشتَهى
أملي مرعي تسبح في ملكوت الابداع، وتحمل قصائدها المكثفة عبقًا ذكيًا، ونسمات مع حروفها ونصوصها الخصبة الموشاة برضاب الشوق والحنين، والأحلام الوردية، والهواجس الداخلية العميقة، التي تحفر أخاديد عميقة في وجداننا، وما قيمة القصيدة التي لا تعانق الروح والوجدان وتمس العواطف والاحساس ونبض القلب..؟!!!
ومن يقرأ وجدانيات أملي مرعي يطرب لها ويترنم مع كلماتها وايقاعاتها ومعانيها الأخاذة وايحاءاتها البعيدة، ويهيم ويحلق ويحيا في أجوائها وشطحاتها الرومانسية، وبين صورها الشعرية الأنيقة، ويرشف من ينابيع الالهام ، ويستمتع وينتعش من أريجها العابق المضمخ بالحب والدفء والسحر والجمال.
فهي تملك ناصية اللغة وقادرة على اختيار المفردات والكلمات والمعاني العميقة الخلابة المترعة بعوالم الرومانسية التي لها وقع على نفسية القارىء ومشاعره الخاصة ولواعجه الذاتية، ولنقرأ لها قائلة:
انتَظِرُكْ
وَحَساسين قَلبي
تَأبى الرُكود
تُزقزِقُ دونَ هَوادَة
تَقتاتُ علَى هَمسات
الأمسِ
تَلتَقِطُ المُفردات
حَرفًا حَرفًا
تُبَلّلها بِرضابِ الشّوقِ
وَعُصارَةِ الَّلهفَة
تَبتَلِعُها ثانِيةً ثانِيةً
وَتُخَبِّئُها لِلغَدِ
قوتًا وَزُوّادَة
وغني عن القول أن ما تكتبه أملي هي ومضات شعرية فيها بوح ومناجاة، وترنيمات عشق في قمة الشفافية والرومانسية، تحفل بالرشاقة والسلاسة والجمال الشعري والتصويري والايقاع الهادىء الذي يبعث الراحة في النفس والصفاء في الذهن، وتقدم لنا شعرًا نابضًا بالحياة والعواطف المؤثرة والاحساس الوجداني الجمالي، بنبرة هادئة، أنيقة راقية، تتسلل في ثناياه الحنين المتألم والعذوبة الناعمة:
بينَ الهَمسةٍ والهَمسَة
ألّفتُ لك فَقرةَ حُبٍّ
لِتكونَ تَعويذةً لِعَينيكْ
تَقيكَ مِن إعصارِ قَلبي
وَمِن لَهفَتي المَجنونة عَليكْ
وفي النهاية لك شاعرتنا المرهفة أملي مرعي أصدق التحيات مع أطيب الأمنيات بالمزيد من الابداع والعطاء والتألق أكثر.