غموض النصوص الدينية الئيزدية, سببها وتفسيرها : حاجي علو

 

 

قبل بعض الوقت نشر الأخ فرماز غريبو مشكوراً على جهوده ,نصاً دينيّاً مهماً ـ قول ئيزدينةميرـ ، يصفه بالحساس جداً نعم حساس جداً فجميع النصوص الئيزدية التي أراد قائلها أن يقول الحقيقة هي حساسة جداّ ، لأنها كلها قد قيلت تحت الرُعب في العصر العباسي حيث كانوا مُكفّرين ممنوعين من الظهوريستحيل معها إظهار ولوشيء من حقيقتهموما هو بين أيدينا الآن هو من تحت مظلة صلاح الدينهكذا فجميع الأقوال حساسةيلجأُ قائلها إلى الكناية والتشبيه والتنويه والتمويه بقدر كبير وليست هي فلسة أو تفنن عبثي في الألفاظولا مكان للفلسفة في الدين الئيزدي الحقيقي الطبيعيهي مُناورات في الكلام وحسب ، لذا فقائلها الأول فقطهو الذي يعلم كل الحقيقة والموضوع,والوسطاء الناقلون عبر القرون يتناقلونها شفاهاً وربما كثير منهم لا يعلمون حتى معاني بعض الكلماتمثلنا نحن الآن نجهل معاني كثير من الكلمات بل وحتى الجمل الكاملةلكن عندنا وراء هذه النصوص همسات صريحة غير دينية قيلت من وراء سبعة بيبانتُرشد إلى الحقيقة التاريخية ، وهناك الممارسات العملية المعمول بها حتى اليوموالنتائج الفعلية للأحداثإضافةً إلى الكتب الصفراء التي كتبها الأعداء ففيها تنويهات معكوسة تدلُّ على الحقيقة وهكذاإذا أراد الباحث التوصّل إلى الحقيقة فسيدركهاأما أن ندركها بالنصوص فقط ؟ فهذا مستحيل .

من ملامح القول يبدو أنه قد قيل في العقد التاسع من القرن السادس الهجري وإن لم يكن القائل قد قاله في ذات الوقتفأحداث القول قد جرت فيهفالموضوع هو التقارب بين أسرة ئيزدينة مير والعائلة الآدانية الوافدة من الشام، يقدم فيه القائل تعريفاً مفصلاً عن عائلة ئيزدينة مير وشخصه ونسبه وهوية شعبه الداسني إنه ليس من أب ولا أم وهذا هو نسب الملوك المُؤلّهين في الماضي السحيق وكان لا يزال جارياً حتى ذلك الحين ، والهمسات توضّح ذلك [( بابيَ شيخ)بير البيرافاتفقد كان الشمسانيون أبياراً قبل الشفبرات والأبيار المنسوبون للإله طاوسي ملك هم أبيار بيرافات ، بعد تزعمهم للداسنيين لأجيال لُقبوا بالمير .

ئيزدينةميرعبر تبرئة نفسه من آدم يعزل كل قومه من الأقوام المحيطة فهم ليسوا من هؤلاء الناس ولا من أبيهم آدم ولا من أمّهم حوّاء وبعبارة أُخرى ليسوا مسلمين ولا يهود ولا مسيحيينبذكر الكأس يُنوه بأنه من أتباع الإله ئيزي صاحب الكأس، لكنه إنسان معروف وهو ملك لشعب ـ لذلك نحن نرى أن كلمة مشور في السبقة هي ليست سجل كما في قول قرة فرقان (دادةستيَ بيرا زكات و مشوورة ), وإنما هنا تعني مشهور ومعروفكما يذكر المسلمين أيضاً بإسم الشريعةت ودورهم في تمزيق شعب ئيزدينةميروهذا كان إسم المسلمين غير الكورد عندنا حتى اليومأنا أتذكر جيداً في حدود ذاكرتيبأننا كنا نعني بالشرعت أنهم المسلمون وبصوت خافت جداً ومذكور في الشهادةالكورد فقط هم بسرمانبيَ سُر مان ــ أصبحوا بدون سُرـ هبة الله لأنهم كانوا ئيزديين ورضخوا لسيف الإسلام ففقدوا دينهموحتى ذلك الحين لم يكن الداسنيون يتعرّضون إلى فرمانات البسرمان الكورد بل هموبقيادة صلاح الدينساعدوا على نهضة الداسنيين ونشوء الدين الئيزدي الحالي .

من الواضح أن الموضوع كان طلب يد بنت أبي البركات التي أنجبت له فيما بعد كُلّاً من ناسردين وسجادين وكانت سلطة الأسرة بيد أم البنت ستيا ئيَس )وهي أم الشيخ عدي الثاني والبنت هي أُخته ستيا عرب *, الموضوع نفسه حول البنت وموافقتها لذلك فمركز الثقل في الكلام مُختل كما أشار إليه الأخ فرماز ، فأبو البركات كان قد توفي منذ زمن بعيد وهنا لابد أن نشير إلى الشيخ أحمد الرفاعي الذي مات في 578 هجرية في المخطوطة المنسوبة إليه ), قد توجه إليهم (في لالش أو بوزانلتجنيب الأسرة الآدانية معاشرة الداسنيينوحينها لم يذكر أبا البركات بل قال لتجنيب زوجة أبي البركات زوق البوذيةهذا يعني أن أبا البركات كان قد مات قبل ذلك الحينوالآنالرفاعي أيضاً كان قد مات وفشلت مساعيه فتم التقاربالئيزديون أيضاً لا يذكرون أَيّ دورٍلأبي البركات وهم يقولون أنه إسم آخر للشيخ عدي والذي سمعته أنا بأُذني أثناء سةما شيخادي يقولون شيخادي شيخ بركاتة أي أن الشيخ عدي هو الشيخ بركات ,والسبقات 31 ، 32 هي سجال بين البنت والأم، يبدو فيها أن الأم كانت تعرف مصلحة الأسرة فأجبرت إبنتها على الزواج من زعيم القوم العجوز وتوسّلت إليها حتى أقنعتهابالبكاء فرضيتإتحدت الأسرتان وبدأ عصر جديد وهوتسليم القيادة الداسنية للشيخ عدي الثاني وقد حدث هذا في العقد التالي أي في 590 أو نحو ذلكوالسبقات التي تعني ذلك محذوفة في هذا القول وموجودة في أقوالٍ أخرى وأن الآدانيين آمنوا بأن الطريق الشمساني هو طريق الأركان السماوية التي تؤمن بها جميع الأديان وفي السبقة 35 تنويه للإتفاق الذي تم وموافقة جميع الأطراف خاصةً المعارض الأهم هسل ممان وحضور صاحب الخرقة الشيخوبكرأما المعارض الآخر شمس ئيزدينا فقد ذهب في مهمة إلى تبريز ومكث هناك إلى أن أعاده الشيخوبكر .

في السبقة 33 و34 تمت الموافقة وفرحت الأم كثيراً فقد إندمجت الأسرة الوحيدة مع المجتمع بل مع زعامة المجتمع الجديد المضطهد الموافق للآدانيين ومعادي جداً للعباسيين وبعد ذلك سُلّمت زعامة الداسنيين للشيخ عدي الثاني شقيق العروسفأصبحت الأسرة بفضل البنت زعيمة القوم وأصبحت الأم في نعمة العيش وهكذا تحققت الملاحظة الأخيرة كيف تعطي البنت الحليب للأُم أما كيف أصبحت الأم مريدة البنت كما في السبقة 34 فذلك يعني أنَّ القول قد نُظم شعراً بعد الشفبرات 630 هجرية بعد وضع الحد والسد لكل ئيزدي شيخ رسم وبير رسمفأصبح الآدانيون مريدين للشمسانيين هكذا تكون الأم قد أصبحت مريدة للبنت التي تزوَّجت من الشمسانيين وأنجبت خاسَين .

وأخيراً لابد لنا من تقديم ملاحظات لغوية ترد مراراً في معظم الأقوال والأحاديث الدينيةوردت في القول :

ـ أن الكلمات العربية الدخيلة لا تعطي في الكوردية نفس المعنى بالعربية مثل :

خاس لا تعني خاص بل تعني صالح أو قديس ، صحابي وبالكوردية (جٍاك)و خاس

سُرّ ليست سرّ أو أسراربل شيء مقدس مُفترض لا نستطيع حصره في كلمة واحدة قد تكون النبوة أو الهبة الإلهية أوالمعجزة أو شيء من هذا القبيل .منها الوحي والروح والنار والماء والحنطة

سرف كلمة محوّرة كثيراً لا تشبه العربية ولا الكورديةكما لم نتمكن من إستنتاج معنى لها من سياق القول في المواقع العديدة المختلفة .ربما هي تشويه للكلمة السابقة (سُر)

ئيَوري كلمة كوردية واضحةترجمها الأخ فرماز إلى (دخل تبعاً لموقعها في القول ، لكنها تعني (تهدّمللأبنية المقدسة مثل القبب وللغرف العادية نقول (هةرّفي), تماماً كالوفاة للعاديين نقول (مروللخاسين نقول (كراس كوهارت)

سينج لا تعني السياج إنما تشبه التأثير أو التسبب أو الضغط وهنا تعني الإعتداء ومنها (رينجالجهد أو الطاقة أو التنمل أو القشعريرة أو المفعول .

دُرّ كناية عن شيء مقدس جداً يُذكر في الأحاديث الدينيةغير موجود في الطبيعة إنما يًشبهونها بحجر كريم منير جداً لا يُقدر بثمن يُمثلونه ببيضة منيرة وكثير من الأسماء الدينية لا يُمكن تصورها ومهما شبّهتها لا تعني الشيء ذاته لا بدقة ولا بغير دقة .

بيراستا في السبقة 27 لا تعني رفع السماء ، إنما قياس السماء وتعني بالضبط مقايسة شيئين طولياً ببعضهما (ليك بيراستن ليَك كًرتن مثل قياس حجم الملابس .

القول ليس قولاً دينياً فقط ، بل هو مخطوط تاريخي شفهي حقيقيكاتبه شاهد عيان فهو معاصر للأشخاص أطراف الحدث على الأرجح قد قيل بين 630 ـ 640 هجرية وستيا عرب كانت لا تزال على قيد الحياةوأحداث القول قد جرت بين 585 ـ595 هجرية قد تكون هناك إختلافات في التفسير والمبالغاتو وجوهات النظر حول طريقة حدوث الأحداث وليس في حقيقة حدوثها .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*ـ ستيا عربأنا أعتبرها هي نفسها ستيا زين التي في بيتا شيخ و بيرا يُنسبون ملك فخردين إليها لكنها في نظري هي زوجة أبيه وليست أمه .

 

حاجي علو

14 , 11 , 2018

2 Comments on “غموض النصوص الدينية الئيزدية, سببها وتفسيرها : حاجي علو”

  1. الاخ حاجي المحترم وبعد…مع جل احترامي لجنابكم بما ابديت به بسرد احداث تاريخيه لاشخاص معينين وعواءلهم وزواجهم وتعاملهم مع بعضهم البعض وفق فهمهم الروحي الخاص والمستوحى حسب اجتهاداتهم ،،،والتاريخ الذي هم عاصروه ليس ببعيد فليكن بضع مان من السنين اي العهد العباسي وهذا لا يفي بالغرض وحسب ما نعرف الايزديه اقدم من هكذا تواريخ بالفين او اكثر من السنين، ، ونحن كبشر لسنا بحاجه الى الافتخار بتاريخ اناس معينين نحن بحاجه الى ان نشبع ونتلذذ بالقدسيه الالهيه ،، ..استاذي انك بصفتك باحث وابحث عن الاله المعبود للايزديه قبل هذه الفتره واتنعم نحن واياكم بقداسته وشكرا

  2. الاستاذ حاجي المحترم وبعد…جنابكم من المعتمدين عليه واود ان ان اقول كيف بالنص الروحي المقدس ان يكون غامضا فكيف ترييد ان تربى الاجيال على غامض والنص المقدس في اصله هو مقدس ولا يتاثر مهما كانت الظروف والنص المجتهد يتغيير بحسب الزمن وقساوته وعلى مهب الريح 😎😎😥……سؤالي من اين اتيت بهذه الاسماء قره فر…و مشور …..عفوا…لنرجع الى موضوعنا !!! ارجو التاكد من الاسماء والمعاني ومدى خطو…… لكل امه تراثها فمثلا في الاسلام في سوره الفرقان الفرقان تقول، ،،،،،واللذين يقولون ربنا هب لنا من ازواجنا وذرياتنا (((قره اعين))))؟ولتجعلنا للمتقين اماما…والايه الاخرى ولتجعلوا امركم شوره…وشكرا لصوت الحق كردستان ودمتم بخير ودامت صوت كردستان….

Comments are closed.