هناك علاقة جدلية واضحة و صريحة و دائمة وغير حاسمة بين العلم و الدين من حيث العمل او الافرازات و النتائج التي يستنتجه كل متابع من اي منهما و مصدر او اساس كل منهما عقلا و علما و واقعا و ايهما يمكن ان يثبته اي منا على انه هو الحقيقة الساطعة لاي موضوع يمكن ان يبحثه اي متتبع وليس مختص فقط في هذا الاختصاص.
بداية، هل يمكن ان نميز بين المجتمعين العلمي و الديني في اية بقعة في العالم ام هناك خلط بيّن في كافة بقاع العالم بين التوجهات او الخلفيات الفكرية الفلسفية العلمية بنسب مختلفة من منطقة لاخرى، و هناك تمييز بين هذا و ذاك استنادا على التطور التكنولوجي و العلمي، . و هل الصراع دائم بين الاثنين و يمكن لاي منا ان يهمل احدهما و يتبع الاخر في ممارسة حياته ام يمكن التوافق بينهماعلى ارضية مبنية على الحقائق العلمية المعتمدة علىالتجارب المختبرية من قبل العلم قبل الدين او معه. و هل يمكن ان ندعي بشكل مطلق بان احدهما متهم باضعاف الاخر، و هل يمكن بالضرورة ان يكون احدهما صائبا و يمكن ان يكون الاخر مخطئا. و ما هي الاسس العلمية الصحيحة لبيان الاصح و الادق و الحقيقي في وجوده بينهما، ام يمكن ان يكون هذا ايضا نسبي ايضا و يمكن ان نخرج بدين مبني على العلم بعيدا عن الخرافات و الاساطير التي تعتمدها المجتمعات المتخلفة او علم لا ينفي الدين. لو تتبعنا ماهو الاهم لبيان الحقيقة في اصدار الحكم، و هذا ايضا نسبي في بيان اصحية احدهما يمكن ان نعتمد اولا على العقل و الاعصاب بشكل علمي دقيق كي نبرهن على الاستنتاجات التي يمكن ان نخرج بها بعد التمحيص و التجارب و البحوث الجدية في هذا المضمار.
اننا يجب ان نعتمد على الاعصاب و عمل الدماغ و الاجزاء الدقيقة فيه بالذات و كيفية نقل الايعازات و رد فعل كل جزء و التصورات و التحولات التي يمكن ان يخرج بها العملية العقلية لكل التفاعلات الناتجة من المدخلات و جمع المعلومات و المناطق المسؤولة عن كل ايعاز و عمل او منطقة التوجيه و جمع المعلومات الانية و الخزن التاريخي للمعلومات المترسبة و يكف يمكن ان يخرج اي باحث من متابعة بحوثه عمليا و علميا في التوصل الى نتائج تجريبية حقيقية لكل ما يمكن ان نختبره من اي متامل في معرفة منشا الحياة و الكينونة و الخروج من الجزء الى الكل كما هو حال العرفانيين و ما هي الصورة العلمية لذلك و مدى دقتها و صحة التصورات او النتائج المستندة على التحليلات خارج المادة و الدليل الاهم لحقانية اية حقيقة في الموضوعين على حد سواء.
هنا لا نقصد دين ما بعينه دون اخر، و لا نريد ان نستند على مسار التاريخ لكل دين و كيف تطور الفكر و بدا الاسطورة و من ثم هذا الدين لتفسير المحيط و الاستناد على الافكار القوية التي تحتاج الى اليات للفرد الضعيف في البيئة الغامضة من اجل البقاء وهو لا ميتلكه في مثل تلك الظروف، و انما نريد ان نتتبع مسار التفاعلات العلمية و الوصول الى حالة التاكد من ايمان الفرد بقناعة عقلانية ناتجة من التفاعلات العلمية في التحقيق حول الكون و الرب و ماهية الطقوس المؤدية الى تحقيق ما هو علمي بعيدا عن الخرافة ان كان خارج المختبر.
و السؤال الاعم و الاهم هو هل هناك نقطة التقاء بين العلم و الدين اصلا و ما دور الدماغ في كشف اسرار الروحانية او الوسيلة التي تؤدي الى الولوج فى المختبر في بيان حقيقة العلمية لكل منهما و بيان ماهو الميتافيزيقي الصحيح الذي يمكن انكاره بطرق علمية معتمدة. و هل يمكن للعلم ان يساند الدين او بالعكس في حال التقاء نقاط مشتركة بينهما في العمل التجريبي مهملين التحجيم المعتمد النابع من التوجهات الايديولوجية البعيدة عن الحقائق العلمية او اللاهوتية.
المنفَذ العلمي الوحيد للتاكد من صحة اي بحث حول هذا الموضوع هو التركيز حصريا على دور الدماغ و التامل بواسطته في الدين او الغور في اسبار اللاهوتية البعيدة عن الخرافات او الاساطير. و هل يمكن تجاوز الذات و الخصوصيات الذاتية و الموضوعية التي يحمله اي فرد لامكان الخروج من المكان و الزمان للتسامي او التماهي في افضل حالة مع العام او فوق الخاص او ما يمكن الخروج من الاحساس بالذات كما هو حال العملية العرفانية و الطقوس التي تعمل على حجز الذات من الذات و الخروج نحو التسامي و الدخول مع الاعم و في موضع و لحظة معينة كما هو لحظة المتامل الخارج من الواقع او المكان و الزمان.
لا نريد ان نتكلم عن مدى استفادة الفرد العائش في واقع معين من الموجود المترسب تاريخيا سواء مادية كانت ام مثالية، من اجل التامل حول الكينونة و ازلية او ابدية الكون و صغر الفرد مقارنة مع حجم الكون و كيف يمكن للعقل الواصل لهذه الدرجة من الذكاء غير الكافي للغور في ثنايا هذه العلاقة او كشف ماهو الاهم علميا لبيان الاصح بين الدين و العلم, ام المقارنة او الحجب بين الموضوعين خطا في اساسه. و عقلية الفرد و سلوكه و فهمه لما يدور وهو على الارض و في وعيه يختلف كليا عن حالات التسامي التي يتوصل اليها بتفاعلات عقلية دماغية علمية و التي يمكن تحليل حدوثها علميا ايضا كي يكشف الباحث احقية و اصحية اي منهما و من هو الاولى او الاساس في عقل الانسان بعيدا عن الحياة الاجتماعية و متطلباتها و ما المفيد للانسان و الانسانية. لابد ان نذكر بان علم اللاهوت العصبي هو الاهم في هذا المضوع لبيان الرابط بين الدماغ و النواحي الهامة من الدين و للكشف عن العلاقة المثيرة بين العقل و الدماغ و الايمان، و من ثم يمكن الخروج بطريقة لوصف الكيفية التي نشات بها المباديء الاساسية اللاهوتية الخاصة بجميع الاديان المشتركة في نقاط عديدة ان اهملنا الفروقات الشكلية الواضحة بينهم جميعا. و من ثم تخرج من عصارة هذا السلوك او التوجهات العملانية على الارض نتيجة علمية حقيقية دقيقة، او منها تكون مناقضة للعلم متاثرة بما موجود من المعوقات الخرافية و الاسطورية المتوارثة، كي نتدرج في الوصول الى حال يمكن ان نخرج بافكار التي تخص الانسان للتنسيق او التمييز بين التوجهين الديني و العلمي بادلة تدحض توجهات و تصورات اي متتبع غير علمي ان كانت المحصلة خاطئة بعيدة عن الاسس العلمية المثبتة بدلائل واضحة و مقنعة. و هنا لا اريد الاطالة في العلمية الدماغية التي تفرض على الفرد البقاء على ارض الواقع او الخروج من الذات و الوصول الى مافوق المكان و الزمان لانها عملية معقدة تشترك فيها الدماغ و كل جزء منه مرافقا بطقوس حركية متفاعلة معها للتواصل مع الواقع بخيط فكري عقلي اني و الوصول الى التسامي في الوقت و المكان ذاته .
في الشرق و ما فيه و الذي من الممكن تسميته بالمميزات الخيالية او المؤثرات اللاهوتية الاكثر تعمقا، يمكن ان نضع عليه علامات كثيرة من التخلف و التهمة لعدم امكانه الخروج من وحل التواصل مع الميتافيزيقيا و هو متوصل في التراوح فيها. اما الغرب ربما التحرك و التفاعل المتواصل و الجهد المضني دون ريبة او تلكؤ و تراخي، تمكن من الوصول الى مرحلة يمكن ان نعتبرها تقاعد او همش الى حد كبير كل تلك المعوقات الناتجة من العقلية الخرافية و الاسطورية الناتجة من مسيرة الحياة او سياق التفاعلات المختلفة عبر الازمنة الغابرة.
و ان كنا الى حد كبير محايدين من توجهاتنا العلمية المؤمنين بها, فاننا يمكن ان نعتبر المرحلة الحالية هي الزمن الملائم للتنسيق بين العلم و الدين لافساح المجال للمتتبع ان يعمل براحته و حريته في هذا المضمار لبيان الحقائق اكثر و في الزمن الملائم لبيان ايهما الاصح و الاحق علميا الدين ام العلم نفسه بعيدا عن الدين او منسقا معه او الدين البعيد عن العقلانية كما يريده السلفيين و يعملون من اجل ابعاد العقلانية عن الفكر و الحياة و الاستناد كليا على المنقول فقط. و هذا يحتاج لجهود و اساليب و دعم و مؤسسات و عقول و تعاون بين المتميزين و النخبة التقدمية و اصحاب الخبرة و المتمرسين، اضافة الى ما يحتاجه الوصول الى اليقين من تجسيد ارضية للوصول الى الحقيقة عن طريق العلم و المختبر و التجربة، و هذا ايضا يجب ان يبقى بعيدا عن الصراعات الحياتية الاخرى المتعددة عدا الموجودة بين الدين و العلم و الفلسفة كلبٌّ الموضوع الذي نعنيه هنا.
وملحق الاخير لهذا الموضوع أعلاه رجاء
وحقيقة خلق الكون وبناءه وفق ترتيب مذهل يظهر واضحاً وجلياً في قول الله تعالى: ﴿ أَأَنتُمْ أَشَدّ خَلْقاً أَمِ السّمَآءُ بَنَاهَا * رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوّاهَا * وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا * وَالأرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا * أَخْرَجَ مِنْهَا مَآءَهَا وَمَرْعَاهَا * وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا * مَتَاعاً لّكُمْ وَلأنْعَامِكُمْ﴾ [النازعات:27-33]. لأنَّّ التعبير ﴿ رَفَعَ سَمْكَهَا﴾ يوافق ما أكده العلماء من توسع الكون في البدء, وهو مصداق قول الله تعالى: ﴿ وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ ﴾ [سورة الذاريات:{47}]. والفعل: ﴿ بَنَاهَا ﴾ أتى بصيغة الماضي ليعبر تعبيراً تصويرياً عن اكتمال خلق الكون, ويقصر التوسع على فترة البناء, لأن الخلق غير البناء, فالخلق إبداع الشيء من العدم, والبناء يتم بعد الخلق, وكأنَّه تمثيل ببناء بيت في أيام متتابعة ذات مراحل متوالية مقدرة منذ البدء, والضمير في ﴿ لَيْلَهَا ﴾ يعود على السماء ليدل على ظلمتها الحالكة فوق الغلاف الغازي للأرض تشبيهاً بالليل, والفعل ﴿ أَغْطَشَ ﴾ جاء ليؤكد حلكة السماء مع التوسع واضمحلال تركيز طاقة مادة البناء, لتحول الطاقة إلى مادة, وفق قانون التحويل: (الطاقة تساوي الكتلة مضروبة بمربع سرعة الضوء), والتعبير﴿ أَخْرَجَ ضُحَاهاَ﴾ تمثيل للسطوع التدريجي للشمس فترة الضحى, أما في قوله سبحانه: ﴿ وَالأرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا ﴾ فهو يناظر علمياً فترة التسطيح في تاريخ الأرض ويتفق مع المعلوم حالياً أن عمر سطحها لا يكاد يبغ 4.5 بليون سنة, لأنَّ الدحو من التسطيح, وأجمع علماء المسلمين وأهل التفسير أنَّ من معاني (دحو الأرض) بسطها وتسطيحها وإخراج الماء والمراعي من داخلها على هيئة بخار ماء خرج من باطن الأرض عبر البراكين والذي نزل بدوره على شكل أمطار تشكلت منها المياه الجوفية وتفجرت الينابيع والأنهار, فأنبت منها النبات, وفي هذا سبق علمي للسلف الصالح (رضوان الله عليهم أجمعين). أما التعبير﴿ بَعْدَ ذَلِكَ ﴾ إنَّ (بعد) تفيد الترتيب والتعاقب, وحرف اللام في (ذلك) تفيد البعد, فهو قرينة قاطعة تدل على حقيقة ترتيب أحداث نشأة الكون التي أقرَّها القرآن الكريم وأخبرنا عنها في زمن لم يكن العلم يعرفها, وجاء اليوم العلم ليؤكدها لأنها توافق أوثق معطياته, فيزداد الذين آمنوا إيماناً, وليعلم أهل الشبهات أنه كتاب الله تعالى, فإن تابوا فلهم أجرهم, وإن أصروا على استكبارهم فعليهم وزرهم.
اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم.
هذا والله أعلم
اقل من قطرة من مياه البحار والمحيطات
شكرا وتقبل السلام
علي بارزان
٢٧ ١٢ ٢٠١٨
نعم صح لسانك …لولا الإعجاز العلمي في. القرآن الكريم لما آمن به كثير من العلماء في مختلف مجالات العلمية يقول تعالى (قُلْ هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا ۖ إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ (148)الانعام )
فمثلا فليس حصرآ فقط في. علم السماوات… خبر السماوات
عِندَمَا يَقرَأُ المُتَأَمِّل في كِتَابِ الله تَعَالَى يَجِدُ أَنَّ السَّمَاء تَأتي مَرَّةً بِمَعنَى سَمَاء الكَون, وأُخرى بِمَعنَى الغِلاف الجَوّي المُحيط بالأرض, لهذا أمرنَا الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى عِنْدَ قِرَاءةِ القُرآنِ الكَريم بالتفَكرِ والتَعقلِ والتَدبرِ, وبالتالي يَجِبُ رَبط الآيات بِبَعضِهَا لِلوصُولِ إلى المَعنَى الصحيح, ومِنه قَولُ الله تَعَالَى: ﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ﴾ [ سورة محمد:{24}].
ولأنَّ من وَضَعَ الشبهات حول موضوع السماوات لم يتفكر وكان هَمه الوصول لثغرة في كتابٍ لا يأتيهِ الباطل من بين يديه ولا من خلفه, هذا الكتاب الذي أنزله الله سبحانه وتعالى عربياً فيه من الأسرار البلاغية ما أذهل علماء اللغة وأهل الفصاحة والبيان, قال الله تعالى: ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴾ [سورة يوسف:{2}]. وما وضعت هذه الشبهة إلاَّ لأنَّ صاحبها لا يعرف كثيراً من أصول اللغة, فحقه علينا الإجابة وبيان ما أشكل عليه.
السؤال:
قال الله تعالى في سورة البقرة: ﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ {29}﴾, وهنا نرى أن الله خلق ما في الأرض جميعاً.. و كلمة جميعاً تعنى أن الله خلق الأشجار والبحار والأنهار والجبال وكل ما في الأرض جميعاً…… ثم استوى إلى السماء وسواها… ولكنة يقول في سورة النازعات: ﴿ أَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّمَاء بَنَاهَا{27} رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا {28} وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا {29} وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا {30} أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءهَا وَمَرْعَاهَا {31} وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا {32} مَتَاعاً لَّكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ {33}﴾, ومن الآيات هنا نعرف أن الله سوى السماء أولاً وأصبح هناك ليل وضحى ثم بعد ذلك دحا الأرض وخلق الماء والمرعى من الأرض وأرسى الجبال…. وهذا يناقض ما جاء في (سورة البقرة 29) التي تقول أن الله سبحانه وتعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ ((( جَمِيعاً)))﴾ أي بما فيها من ماء ومرعى وجبال قبل خلق السماء, ونجد في سورة فصلت: ﴿ قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَاداً ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ{9} وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ {10} ثُمّ اسْتَوَىَ إِلَى السّمَآءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأرْضِ ائْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَآ أَتَيْنَا طَآئِعِينَ{11} فَقَضَاهُنّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَىَ فِي كُلّ سَمَآءٍ أَمْرَهَا وَزَيّنّا السّمَآءَ الدّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظاً ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ﴾, فهنا الله خلق الأرض أولاً ووضع فيها الرواسي ثم سوى السماء.. بينما في النازعات يقول أن الله سوى السماء أولا ثم جعل الرواسي في الأرض حيث قال: (وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا). السؤال هنا: هل الله خلق كل ما في الأرض جميعا من ماء ومرعى وجبال ثم سوى السماء بحسب ( سورة البقرة 29 ) أم أن الله سوى السماء أولا ثم خلق ما في الأرض من ماء ومرعى وجبال بحسب ( سورة النازعات 27- 31)؟, إن الماء والمرعى والجبال هل هي أشياء في الأرض أم لا؟
الجواب:
السماء: كل ما علاك فأظلك, ومنه قيل لسقف البيت: سماء. والسماء: المطر لنزوله من السماء. ومنه قول الشاعر:
إذا سقط السماء بأرض قوم *** رعيناه وإن كانوا غضابا
والسماء في القرآن الكريم على حد علمنا لها معنيين هما: سماء الكون, وسماء الأرض (السماء الدنيا) المؤلفة من طبقات.
سماء الكون:
قال الله تعالى: ﴿ أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ ﴾ [سورة الأنبياء:{30}].
هذه بداية خلق الكون الذي علمت في هذا القرن بنظرية الانفجار الأعظم, حيث بدأت قصة الخلق بقول من الله سبحانه وتعالى: (كن), فكان وتطور حتى وصل إلى الشكل الذي نراه اليوم, وهذا الكون الممكن الإدراك ليس أزلياً ولا يتجاوز عمره: 13.7 (10-14) بليون سنة وكان قبله عدم, لقول الله تعالى: ﴿ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ تَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ [سورة النحل:{3}].
وأصل الخلق: التقدير المستقيم، ويُستعمل في إبداع الشيء من غير أصل (من العدم).
حيث كان الكون في اللحظات الأولى سديم ذو كثافة عالية جداً وكتلة كبيرة وحجم صغير, ونستطيع أن نلاحظ أن السماوات والأرض كانت شيئاً واحداً قبل الفتق, وهذا يعني أن الأرض لم تكن كياناً مستقلاً بذاتها لأنها كانت قبل الفتق ملتحمة مع السماء, وبعد الفتق كانت كما أراد الله لها أن تكون.
وبعد هذا الانفجار العظيم (الفتق) أصبح الكون يتوسع بتقدير من خالقه سبحانه وتعالى الذي عبر عنه بلفظ السماء فقال سبحانه: ﴿ وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ ﴾ [سورة الذاريات: {47}]. وهذا ما يدل عليه علماء الفيزياء من نظرية توسع الكون, وما نحن الآن إلا في أحضان هذه السماء التي تتوسع لتصل إلى كثافة حرجة تجعلها تنطوي لتعود كما كانت بأمر الله تعالى, وهذا ما يعبر عن نهاية الكون, لأن لكل مخلوق أجل ونهاية, وكذلك السماء الكونية تنتهي وفق نظرية يسميها العلماء (الانسحاق العظيم), فقال سبحانه وتعالى: ﴿ يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ ﴾ [سورة الأنبياء:{104}].
هذه هي سماء الكون من البداية إلى النهاية كما أخبرنا عنها كتاب الله تعالى الذي لا تنقضي عجائبه, وأكد هذه المعلومات أهل النهى وعلم الفيزياء وأصحابه.
ليست هناك علاقة هناك تصادم فقط ؟ الشمس تدور أم تغرب في عينٍ حميئة ؟ وأية علاقة بين الإثنين ؟