روژئاڤا و أقلیم كوردستان- شخصیة واحدة أم شخصیتان- د. عبدالباقی مایی

 

هنالك دون شك ثوابت نفسیإجتماعیة تكون شخصیة الفرد الكوردستانی (ولا أقول الكوردی لأن الشعب فی كوردستان موزاییك متعدد القومیات والأدیان الذین إندمجوا مع بعضهم علی أرض كوردستان منذ قدیم الزمان بحیث یصعب تمییز جینات نقیة للعنصر الكوردی من غیره من المجموعات الإثنیة التی عاشت هنا منذ آلاف السنین). من ضمن هذه الثوابت نذكر ما یلی علی سبیل المثال لا الحصر:

١- العیش أبا عن جد فی منطقة جبلیة ذات طبیعة ممیزة وأرض متواصلة تمتد من الخلیج الفارسی\العربی إلی البحر الأبیض المتوسط.

٢- تواجد هذا الشعب فی هذه المنطقة منذ بدایة التأریخ المكتوب قبل مجئ العرب والترك والفرس إلیها.

٣- معیشته المستقلة كعوائل قرویة تتنقل بین الودیان العمیقة والسهول الخصبة الواسعة فی الشتاء إلی قمم الجبال العالیة فی الصیف وذلك لإیواء ماشیتهم وزراعة منتوجاتهم المتنوعة التی زودتهم بالإكتفاء الذاتی مماشجعهم علی العیش فی حریة وإستقلال.

٤- تمتعه بخصوصیاته المستقلة من لغة وملبس وفن وفولكور وعادات وتقالید ممیزة جعلته یحتفظ بها رغم تعرضه لهجمات عنیفة من أقوام مختلفة وأدیان متعددة تعاقبت علی السیطرة علیه كرها وتركت بصماتها فی تراث وثقافة الشعب الكوردی مما أدی إلی تطوره ومقاومته بدلا من إبادته وإزالته كما رغبت ولاتزال ترغب فیها الغزاة والسلطات المحتلة.

٥- تقسیم سلطات الإحتلال لهذه المنطقة الخصبة والستراتیجیة فیما بینها منذ قدیم الزمان وتكرر الإنتفاضات و الثورات من قبل أهالی هذه المنطقة فی بقعه المختلفة لمقاومة الإحتلال أینما كان مما أدی إلی تكوین آلیات نفسیإجتماعیة للبقاء تمیزه عن بقیة الأقوام والشعوب وتۆهله لتحمل الكوارث والحروب.

هذه الحیاة القاسیة جعلت هذا الشعب خلال أجیاله المتعاقبة یتقن فنون الحرب والمقاومة ویتعلم من لغات وأدیان وثقافات من شعوب وأدیان متعددة. هذا الإختلاط أغنی شعب كوردستان فی وسائل التعایش والتأقلم والتكییف والمقاومة. وهذا التسلط والإحتلال القسری جلب معه أیضا المآسی والتدمیر والتشتت نفسیا وإجتماعیا أدت إلی تأخره عن ركب الحضارة والمدنیة والتطور وبقائه تحت سیطرة أعدائه یعیش فی أزمات وصدمات نفسیإجتماعیة متعاقبة ومتداخلة ویحتفظ بنظام إجتماعی جماعی ذو قوانین وأصول صارمة وواضحة الوظیفة والتطبیق لكل فرد من أفراد العائلة.

أدت الخصائص المذكورة إلی تكوین شخصیة ممیزة للفرد الكوردستانی مهما إختلف فی الدین واللغة والقومیة والعشیرة. من صفات هذه الشخصیة التسلح بوسائل نفسیة فعالة لمقاومة الإحتلال والإحتفاظ بالعادات والتقالید من أجل البقاء. بقاء هذه الصفات فی عصر العولمة والتقدم التقنی والتطور الإجتماعی السریع أدی إلی إصطدام القیم القدیمة الأصیلة بالمبادئ الحدیثة والجدیدة ظهرت نتائجها بوضوح علی ثقافة الفرد ودرجة تأثره بهذه التناقضات. من ضمن هذه النتائج ولادة مبادێ سیاسیة وإجتماعیة متناقضة وتناحر بین تلك المبادێ والقیم تبلورت خاصة بعد تكوین أقلیم كوردستان فی الجنوب بقیادة الأحزاب الكوردیة التقلیدیة الملتزمة بالقیم العشائریة والدینیة والجماعیة ذات السیاسة الرأسمالیة المتحفظة و نموذج روژئاڤا فی غرب كوردستان المبنی علی فلسفة إوجلان فی تكوین الشخصیة المقاومة والمسقلة للفرد والمتأثرة بالمبادێ الإشتراكیة.

یبدو من هذین النظامین المبنیین علی مبادێ فلسفیة مختلفة توجه مختلف فی التكوین النفسیإجتماعی لدی الفرد الكوردستانی یمكن تلخیصه فی كیفیة تفانی الفرد أنثی أو ذكر فی التربیة المبنیة علی قیم الحریة والإستقلال والشعور بالمسۆلیة فی إتخاذ القرارات والإلتزام بها. وهذا یظهر جلیا فی إختلاف هیكلیة التنظیم فی الأقلیم مقارنة بنظام الإدارة الذاتیة فی روژئاڤا فی طریقة الإختیار والتوظیف والقیادة من قبل الفرد و المجتمع.

هل یمكن جمع هذین النموذجین المختلفین فی الفلسفة والبناء والتطبیق فی شخصیة نفسیإجتماعیة مستقلة واحدة مبنیة علی قواعد أصیلة متحدة فی وحدة أرض و شعب وقوی كوردستان أم أن الإختلاف المبدئی والتنظیمی لهذین النموذجێن یۆدی إلی شخصیتین مختلفتین لدی الفرد الكوردستانی و مجتمعه؟

١٣\١\٢٠١٩

2 Comments on “روژئاڤا و أقلیم كوردستان- شخصیة واحدة أم شخصیتان- د. عبدالباقی مایی”

  1. الشخصية الكوردستانية غيرمرتبطتين بوجود تلك التنظيمات والمدارس التي تسيطر على الساحة الكوردستانية ,وانما الوجود الكوردي يستمد قوته من قوة الشعب الكوردي ومقاومته امام كل الغزوات الفكرية اسلآمية كانت شيوعية كانت اوشوفينية.

  2. ١: يبدو مع الأسف حتى الكوارث والويلات لا تجمع الكورد ، فاذا كان الاجداد معذورين بسبب صعوبة الاتصالات والمواصلات وتزوير الحقأئق والمعلومات فما عذر أحفادهم اليوم وخاصة المثقفين والمتنورين والمخلصين لهم وللإنسانية وهم يَرَوْن بأم عينهم ما يجري من حولهم وما سبب كوارثهم ؟

    ٢: من دون شك كان للأحزاب العشائرية دورها الريادي في بلورة الوعي القومي والوطني ، ولكن في ظل المستجدات الحالية إنتفى دورها شئنا ام أبينا ، ولابد من أحزاب أكثر شمولية ووطنية وشبابية حتى تستطيع الصمود والتحدي والسير الى الى الامام ، ومن دون تجديد دماء هذه الأحزاب ورؤيتها وأهدافها وحتى تسمياتها فلن يكون مصيرها غير الذبول أو الانتحار ؟

    ٣: وأخيراً …؟
    مخطئة هى قيادات اليوم في أستفرادها بقرار ومصير الكورد دون التشاور مع الجميع وتكوين جبهة شاملة من كل المكونات ، لأَنِّي ارى أن الجميع معهم في الذل والقهر والظلم سوى ، وهى بالحقيقة ورقة رابحة جداً للجميع سلام

Comments are closed.