سوف لن يكون هناك دولة عربية القومية أذا كان الاسم هو العامل الاهم و الفاصل في تحديد كون العراق أو سوريا أو مصر دولا عربية و لكان على السعودية أن تكون لغتها ( سعود) بدلا من اللغة العربية.
الامور ستكون أغرب لو نظرنا الى الهند و أمريكا الجنوبية أو حتى أمريكا و كندا. فجميع دول قارة أمريكا الجنوبية ماعدا البرازيل و دول أمريكا الشمالية ليست لديهم لغات قومية بل لديهم لغة مشتركة للتفاهم و التعبير و النشر. فهل هذه الدول قوميات أم أنها ليست بقوميات؟
حاول الكثير من علماء الاجتماع و السياسة و الباحثين منذ القدم تعريف القومية و تحديد المقومات الموجبة توفرها كي يشكل شعب من الشعوب قومية بحد ذاتها.
و أغلبيتهم حددوا الارض و اللغة و التأريخ المشترك أو حتى الدين و تطرق اخرون الى الشعور المشترك و اخرون رأوا بضرورة وجود حدود جغرافية محددة لشعب من الشعوب كي يتم أعتبارهم قومية.
و بما أننا هنا بصدد الحديث عن اللغة و دورها في تحديد كون شعب من الشعوب قومية أم لا، فأن الامثلة أعلاه عن عدم وجود لغة قومية لقارتين من قارات العالم الستة على الاقل و لو أضفنا اليها أفريقيا التي فيها أغلبية الدول لا تتمتع بوجود لغة كتابة قومية لهم, فأن أكثر من نصف دول العالم يجب أزالتهم من على الكرة الارضية.
هذه كانت مقدمة للدخول في مسألة عدم وجود لغة قومية مشتركة للكورد و تهجم الكثير من مثقفي الدول المحتلة لكوردستان على الكورد و أنكارهم أعتبار الكورد قومية بسبب عدم و جود هذه اللغة المشتركة أو الدولة الموحدة.
و لتوضيح الامر فأن الوضع الكوردي لا يختلف كثيرا عن الوضع العربي بالذات. حيث أن الدول العربية منذ أكثر من 100 سنة أو حتى منذ الدولة العثمانية ليست لديهم تأريخ مشترك و لا حدود جغرافية مشتركة و اللغة العربية الفصحى هي فقط لغة الكتابة لدى جميع الدول العربية التي حذفت حتى أسم القومية العربية من أسماء دولهم. فهناك الاردن و العراق و الامارات و الكويت و المغرب الخ و ليست هناك الدولة العربية.
اللغة العربية الفصحى تشبة الى حد كبير أستخدام الامريكيين و الهنود للغة الانكليزية و الارجنينيين و الفنزوليين للغة الاسبانية، لا بل أن اللغة العربية الفصحى هي فقط لغة الكتابة لبعض الدول العربية و هي ليست حتى لغة التحدث كما الانكليزية في أمريكا و الاسبانية في القارة الجنوبية.
و مع أن العراق و الاردن و السعودية و غيرها من الدول العربية لا تحمل أسماء قومية ألا أنها مع ذلك دول عربية. و مع أن العرب في الخارج لربما لا يتحدثون حتى اللغة العربية ألا أن قوميتهم تبقى عربية. أي أن الشعور القومي هو أقوى عامل في تحديد كون شعب من الشعوب قومية أو لا.
و هذا بدورة يعني أن الكورد يشكلون قومية حتى لو لم تكن لديهم لغة كوردية مشتركة أو حتى لو تكن لديهم دولة بأسم كوردستان و حدود مشتركة. فكما العراق تبقى دولة عربية و لا علاقة لهذا بعدم وجود قومية واحدة في العراق و لا وجود لغة موحدة و لا حتى أسم قومي للدولة العراقية فبنفس الطريقة فأن عدم و وجود دولة كوردية بحدود سياسية مشتركة أو لغة قومية موحدة لا يحدد أحقية الكورد للدولة القومية. و على العكس من الدولة العراقية و أغلبية الدول العربية فأن كوردستان لديها أسم قومي كدولة و لغة قومية و الذي ينقص الكورد لربما فقط اللغة المشتركة و هذا يتبع لقرار سياسي و ليس لواقع قومي أجتماعي.
أما مفهوم الدولة فهذا لا يخضع الى أية معايير ثابتة و الخارطة السياسية للعالم في تغيير دائم. فتارة نرى يوغسلافيا دولة واحدة و اخرى تتحول الى أربعة أو خمسة دول, و تارة نرى الاتحاد السوفيتي دولة واحدة و بعدها تتمزق الى مجموعة دول و تارة نرى أمريكا مجموعة دول و نراها تتوحد في دولة واحدة. و تارة نرى ألمانيا دولة واحدة و بعدها تتمزق الى دول و بعدها تتوحد و بعد سنوات تتمزق الى شرقية و غربية و بعدها تتوحد و تارة نرى اليمن دولة موحدة فتتمزق الى شمالية و جنوبية و من ثم تتوحد و بعدها تتمزق. و تارة نرى فيتنام دولة واحدة فنتقسم الى شمالية و جنوبية و بعدها يتوحدان الى فيتنام واحدة، و ثارة نرى كوريا دولة واحدة فتتزق الى دولتين، و تارة نرى الدول الاوربية تقترب من التوحد و بعدها نرى بريطانيا تنسحب و القوى القومية المتطرفة تتقدم بعكس عجلة التأريخ الحتمية.
أذن ليس هناك شكل ثابت للخارطة السياسية في العالم. فلماذا سيلتزم الكورد بخارطة ثابتة؟ و لماذا سيتم فرض فرضية فاشلة على الكورد بدعوى قدسية الحدود و قدسية الحدود القومية و الغير قومية في ان واحد.
العراق ليست لدية حدود قومية عربية و سوريا ليست لديها حدود قومية عربية و ايران و تركيا أيضا و كلهم تجاوزا على الحدود القومية لشعوب اخرى و فرضوا واقعا قوميا على القوميات الاخرى و هذا يتناقض مع مفهوم دولة المساوات و المواطنة المتوازنة و لا وجود أصلا لقانون يحدد العلاقة بين اللغة القومية و القومية و الدولة و المهم أن يكون للكورد لغة مشتركة و لتكن هذه اللغة الكوردية أو الانكليزية أو اية لغة أخرى تعمل على تطوير الواقع العلمي و الثقافي للكورد و للقومية الكوردية.
هذا الطرح هو طرح علمي لواقع القوميات و الدول و لا علاقة له بكون الكاتب كوردي القومية. فهم دور اللغة في مسألة الاعتراف بالحق الكوردي أو الكوردستاني في تقرير المصير مهم جدا و لا يمكن فرض التمزق على الكورد بدعوى عدم وجود لغة كوردية مشتركة لجميع الكورد على الرغم من أمتلاك الكورد للغتهم القومية بلهجات مختلفة.
Comments are closed.