لايمکن إعتبار الزيارات التي يقوم بها المسٶولون الايرانيون للعراق والتي کان آخرها الزيارة الخاصة التي قام بها الرئيس الايراني روحاني، بأنها مجرد زيارات عادية کأية زيارات أخرى متبادلة بين دول جارة لبعضها، ذلك إن العلاقة التي صارت تربط إيران بالعراق بعد الغزو الامريکي للعراق وعودة الاحزاب والتنظيمات الشيعية المعارضة من إيران بعد أن تم إختراق القديمة منها وتأسيس أخرى جديدة على أسس وظوابط تتفق تماما مع المنطلقات والمبادئ التي يقوم عليها نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية، صارت علاقة مختلفة تماما بحيث يمکن وصفها بعلاقة التابع بالمتبوع وبطبيعة الحال فإن التابع هو ووفقا لکل الادلة والحقائق والمٶشرات في الواقع، هو العراق.
الازمة الحادة التي يعاني منها النظام الايراني بعد الانتفاضة الشعبية الاخيرة وإستمرار الاحتجاجات ونشاطات معاقل الانتفاضة، وبعد فرض العقوبات الامريکية القاسية، جعلت هذا النظام في وضع لايحسد عليه بالمرة، فهو يواجه ضغوط داخلية وخارجية غير مسبوقة في آن واحد وليس يستطيع أن يٶثر على أي منهما ويغيره لصالحه کما إنه لايملك أي مجال أو متسع للمناورة معهما من أجل أن يحقق ثمة مکاسب له، ولذلك فهو مضطر الى البحث عن خيارات أخرى من أجل الخروج من أزمته الحادة وقد أصبح العراق واحدا من تلك الخيارات المتاحة أمامه.
حالة الحصار والعزلة الداخلية والخارجية وتفاقم المشاکل الاقتصادية والسياسية والاجتماعية بوجه النظام وعجزه الکامل عن التصدي لها کما يجب، خصوصا بعد أن صارت طهران تعجز عن تصدير البترول بالنسب التي يمکن أن تحل بها بعضا من مشاکلها العويصة، وکذلك إحتمال أن يتم ملفات أخرى بوجه النظام بصورة غير عادية کملفي النشاطات الارهابية للنظام وملف حقوق الانسان، ولذلك فإن طهران تجد من الافضل لها أن تولي وجهها صوب العراق وفتح أبوابه بصورة غير مسبوقة وإستخدامه لأکثر من غرض وغاية، فمن جهة إستغلال موارده وإمکانياته الاقتصادية لإنعاش الاقتصاد الايراني الکسيح وکذلك إستغلاله سياسية بجعله مٶيد بدرجة تابع له هذا بالاضافة الى إستخدامه کورقة من أجل الضغط والمساومة ضد الغرب عموما والولايات المتحدة الامريکية خصوصا، لکن الذي يلفت النظر کثيرا، هو إن الايرانيين من فرط إستعجالهم فإنهم لايعلمون بأن کل مايقومون به في العراق مساع مکشوفة ولايمکن التغطية عليها بسهولة ومن دون شك فإن واشنطن قد أخذت أو ستتخذ إحتياطاتها بهذا الصدد.
العراق مع کل الاهمية التي يشکلها لإيران، لکنه لايمکن أن يشکل الحل أو منفذ الخلاص للنظام الايراني بل وإننا لو نظرنا للأمر من زوايا أخرى فإنه سيعقد کثيرا من القضية وسيجعل المهمة أصعب مما تظن طهران خصوصا وإن هناك نسبة کبيرة جدا من الشارع العراق لاتقبل أبدا بالدور والنفوذ الايراني وبأن يصبح العراق کبش فداء لنظام لم يکف عن مغامراته الطائشة منذ 4 عقود.