رسالتي إلى رائد فهمي والمكتب التنفيذي للحزب الشيوعي – ضياء الشكرجي

تحياتي.

رسالتي التي أرسلتها إلى السكرتير الأول للحزب الشيوعي العراقي في الثامن من الشهر الجاري حزيران 2019 وعملت بنصيحة صديق عزيز بإرسال الرسالة أولا إلى السيد رائد فهمي، دون تعميمها، وفي حال عدم إجابته يمكنني أن أعممها ولكني لن أنشرها. وها قد مضت تسعة أيام دون وصول جواب على رسالتي، لذا أحببت أن أعممها على الأصدقاء للاطلاع.

ضياء

السيد السكرتير الأول للحزب الشيوعي العراقي رائد فهمي المحترم

السادة أعضاء المكتب التنفيذي للحزب الشيوعي العراقي المحترمين

تحية عراقية ديمقراطية.

لكوني – كما أعتبر نفسي – صديقا للحزب الشيوعي منذ مطلع التسعينات، ولمكانة الحزب الشيوعي العراقي التاريخية النضالية، ولكوني منذ عام 2006 من المروجين للعلمانية، كشرط لا يستغنى عنه، لإنجاح مشروع التحول الديمقراطي، أرجو منكم أن تتسع صدوركم لقراءة رسالتي هذه.

لا أريد مناقشة دخول الحزب في تحالف (سائرون) ومبررات الحزب له، وأسباب نقدي ومعارضتي لهذا التحالف ككثير من العلمانيين بل والشيوعيين. ولنسلم أن للحزب مبرراته للتحالف مع التيار الصدري، وهو حزب إسلامي شيعي تحت قيادة رجل دين، ينفرد بقراراته، ويطاع طاعة عمياء، هذا التحالف الذي كنت أتمنى ألا يكون، بل الاكتفاء بالتنسيق والتعاون الميدانيين، أو أحيانا حتى السياسيين، بمقدار ما تكون هناك مشتركات وطنية، وبمقدار الضرورة، دون الالتزام بتحالف أصبح وكأنه استراتيجي.

ليس هذا ما أريد مناقشته معكم، فبلا شك وصلتكم العديد من الملاحظات بهذا الشأن. لكني متعاطف مع الحزب، متمنيا له أن يجد طريقا للخروج من هذا المأزق الذي وقع فيه، خاصة بعدما أصبح زعيم التيار الصدري في الآونة الأخيرة، والذي لا تجرؤون على مخالفته لأسباب تعرفونها أفضل مني؛ أصبح يمارس خطابا يذكرنا بخطاب صدام حسين مع رفاق حزبه، فمقتدى هو الذي يحاسب، وهو الذي يعاقب من يشاء، كما أكد هو بنفسه بقول «أنا أعاقب»، وهو الذي يعفو عمن يشاء، وهو الذي يُلتَمَس منه العفو والصفح من هذا وذاك، ممن أصبحوا يخافون على حياتهم. ثم مارس مقتدى خطابا دينيا متشددا في أيام رمضان، مشخصا في كل يوم من أيام الشهر ذنبا من الذنوب حسب تقديره وإفتائه، ومن ذلك أشار إلى ما أسماه بذنب الحانات والملاهي، مما يؤشر على نيته التحريض على خنق الحريات العامة باسم الدين، علاوة على مطالبته بخروج الأمريكان، مما هو ليس شأن القوى الديمقراطية العلمانية، ليس حبا أو ثقة بأمريكا، بقدر ما تمثل هذه المطالبة أمنية أحزاب الإسلام السياسي الشيعية، بما في ذلك المتطرفة والموالية للنظام الإيراني، وإن كان مقتدى لم يعد يُحسَب على اللوبي الإيراني منذ سنوات، لكنه يشترك معهم في المناداة بإخراج الأمريكان. ثم يجب ألا ننسى مسؤولية مقتدى الصدر عن جرائم ارتكبت في العراق، كقتل عبد المجيد الخوئي، والقتل الطائفي اليومي في 2005 و2006 على يد جيش المهدي.

لست من يستطيع تقديم نصيحة لحزبكم المناضل العريق، في كيفية الخروج من هذا المأزق، الذي لا أشك أبدا أنكم تشعرون به، وربما ناقشتموه في المكتب السياسي أو المكتب التنفيذي، وفي اجتماعاتكم وحواراتكم داخل الحزب. لكني أقول لم يعد يليق بحزب مضى على تأسيسه ثمانية عقود ونصف، دخل مناضلوه السجون، ومورست أبشع وسائل التعذيب معهم، واعتلت كوادره أعواد المشانق، وخرّج العديد من المفكرين والكتّاب والأدباء والفنانين (ملحنين، ومغنين، وممثلين ومخرجين)، أن يضطر لتكون مواقفه السياسية وخطابه بما فيه مراعاة مواقف مقتدى الصدر وخطابه، أو أن يضطر ليسكت عن تجاوزاته على الدستور والقانون واستقلال القضاء والحريات.

فرفاقكم وأصدقاؤكم وعموم الوسط الديمقراطي العلماني أو المدني، يتطلع إلى موقف يعيد للحزب الشيوعي العراقي اعتباره ومكانته ودوره.

مع خالص تحياتي وتمنياتي.

ضياء الشكرجي

هامبورغ 08/06/2019