قيل سابقاً ان الأوطان لأهلها، وان كل وافدٍ مهما طال بقاؤه فهو راحلٌ عاجلاً أم اجلاً، حتى رفعت حكومتنا شعار ( يمضون ونبقى ) للدلالة على ان الاحتلال سيخرج، وسيبقى الوطن لأهله العراقيين، يمضون ونبقى شعار يدل على ان السلطة للدولة، وان لا سلاح بغير يدها، ولا قوة خارج ارادتها، ولا شرعية لغير السلطة المنتخبة، فهي المخول الوحيد لاستخدام العنف المقنن لحفظ امن المجتمع وسلامته .
رافق ذلك الشعار شعارٌ اخر يقترب من الاول في مضمونه وغايته، وهو ( يداً بيد لا سلاح باليد ) وهو شعار تم رفعه منذ عقدٍ من الزمن، ولا تزال الحكومة عاجزة عن إخراجه من خانة الشعارات القولية، الى مساحة المستشعرات اليومية، اذ ان اغلب ما يميز مجتمعنا هو الانفلات الأمني داخل المجتمع، حتى قال احد الأصدقاء المنتسبين ( احنة شغلنا نحمي قناني الغاز من السرقة )، للدلالة على ان المهام التي ترتبط بمكافحة الجريمة والاختطاف والاغتيالات وحصر السلاح بيد الدولة، إنما هي مهام مؤجلة لإشعار اخر، لتغول العصابات والمليشيات داخل مؤسسات الدولة، حتى انك قد يتم اختطافك بأمر قضائي !.
ان ابرز سمات الدولة العميقة التي تم ويتم إنشاؤها في العراق، هو انفصال الجهاز الأمني واستقلاله، حتى ضياع خطوطه العامة، وضبابية قيادته، بالنسبة للمراقب وحتى لمن يعمل داخل هذه المؤسسة، فهي تسير بصورة غامضة، وكذلك تتعدد تشكيلاتها بعدد الفاعليين ضمن هذا النسق العميق، ليكون رأس الهرم السياسي عاجزاً بشكل صريح وواضح، بل انه لا يملك القدرة على ضبط هذه المؤسسة، التي يتداخل في تسييرها المحلي والإقليمي والدولي !
اخشى ان ارى الدكتور عادل عبد المهدي يظهر في احدى القنوات الفضائية، ليكتب أسفل اسمه رئيس الوزراء المقال او المعارض السياسي، اذا ما فكر باتخاذ خطوة واحدة فعلية وجادة باتجاه انهاء حالة التشرذم والتشتت في المؤسسات العسكرية والأمنية، لانه محافظ على موقعه من خلال تطبيق ما تقدم على الورق فقط، تحت مسمى خطوات ( كتابنا وكتابكم ) !.