…وصلنا إلى وجهتنا، كمرحلة أولى؛ لأن الأمر لم ينتهي بعد، فأي سوء تقدير من شأنه أن يجلب الموت لآلاف العوائل الجالسة والتي تأخذ قسطا من الراحة بالقرب من مزار (شرفدين) بعد رحلة مضنية وقد تخلصوا للتوّ من موت محقق يزرعه الدواعش اينما وجدوا، وهذه العوائل حزينة وجائعة وتعاني من التعب والسهر ومن هول ما رأت، وهي في نفس الوقت تنتظر بلهفة أن يقال لهم الفرصة سانحة للتحرك من جديد والهروب إلى كردستان سوريا أو العراق.
وبطريقة ما عثرت عليّ عائلة أختي وأكد ابنا أختي على ضرورة بقائي معهم إلى أن يحين موعد التحرك لسوء حالتي الصحية، وستكون هناك سيارة لأقاربنا بانتظارنا على الحدود السورية لتقلنا إلى كردستان العراق، ولكن علينا أن نقطع المسافة التي تفصلنا عن الحدود مشيا، وربمّا ركضا إن ساءت الأمور.
البعض اختاروا سوريا كملاذ لهم ودخلوا مخيم (نوروز) في مدينة “ديريك” كلاجئين أما أنا فكنت أفضل أن أكون نازحا وأذهب إلى مدينة دهوك وأعثر على عائلتي أولا وأجد اشقائي وبعدها سيكون لكل حادث حديث، وسنقرر معا ما سنفعله.
في حوالي الساعة التاسعة صباحا انتشر خبر وجوب التحرك سريعا إلى الحدود السورية، وحتى في هذه الساعة الصباحية المبكرة يتحول الجو إلى جحيم خانق في آب، وما أن سرنا ونزلنا من الجبل حتى رأيت قوات كردية تسمى بال Y. P. C “اليبشا” وكان عددهم بضعة مقاتلين فقط على طرفي الطريق يحملون أسلحة خفيفة ويؤشرون لنا بالعبور والمرور ويتكلمون بعبارات تنم على الثقة ويخبروننا بأن الطريق آمن ولكن علينا الإسراع!
كيف لبضعة مقاتلين غير نظاميين بأسلحتهم الخفيفة أن يحمونا من مسلحي الدولة الإسلامية؟
ومن ضمن المقاتلين كان يمكن التعرف على ملامح بعض الشنكاليين ومن طريقة حديثهم ولكنتهم المعروفة. لابد أن الأمر يفوق تصور وقدرة الناس العاديين والبسطاء على التحليل والفهم.
وكلما مرت مجموعة من مجاميعنا الفارين من الموت كانوا يسألونهم أن كانت هناك أسلحة ما بحوزتهم ومن الأفضل أن يسلمونها هنا. وتكررت نفس الأسئلة عند مرورنا بهم في سورية، وحصل نفس الشيء مع قوات الأمن في إقليم كردستان العراق التي كانت في استقبالنا على جسر فيشخابور وكانوا يكررون السؤال عن المسدسات.
جميعهم كانوا يرغبون بالاستيلاء على اسلحتنا الشخصية وشر البلية ما يضحك.
…يتبع
مرادنا كاتب و شاعر عالمي كل الحب