كارثة بعد أخرى – كاوار خضر

سنتبع بعد هذه الحلقات بوثائق قد تكون مفيدة لنا جميعا كمعلومة تاريخية؛ حصلت مع آبائنا وأجدادنا في الماضي القريب، الذي غاب عن جيلين بشكل كبير. وما هذه الحلقات سوى مقدمة مقتضبة عما نحن عليه الآن، وكان عليه من سبقونا أكثر منا، ولكن لهم ما يبرر ذلك.
أردنا في تجمع الملاحظين أن نتناول بعض النواحي السائدة حاليا، والتي لا تختلف عمن سبقونا بكثير، أو أن الفارق هو فارق المرحلة ولا أكثر، فالمفاهيم التي كانت سائدة عندهم، والتي فشلوا بسبب مقايستها على واقعهم آنذاك، وذاتها انتقلت إلينا؛ ولكن بلباس عصرنا. ونحن ما زلنا سائرين على نفس النهج، ظانين، بل متيقنين أن ما نحن عليه عين الصواب، وهكذا كان الآباء ولأجداد عليه في عصرهم.
لاحظنا أن كارثتنا تكررت في فترة زمنية قصيرة، حيث لم تمض على جراحنا في عفرين سوى بعض الوقت؛ ولم يكن قد التأم الجرح بعد، أضيفت إليه كارثة شرق الفرات. رغم الجروح النازفة وجثث الضحايا، وأنات الجرحى، ومعاناة المعوقين. لا يتساءل كتابنا ومحللونا وإعلاميونا عن مسبب الحاصل! فيتجاوزنه إلى التهجم على المستفَزّ تاركين المسبب سارحا، مارحا، مسرورا، ومزهوا بما فعل!
ولكل قاعدة شواذ، فلمساءلة المسبب لها شواذها أيضا، هناك قلة قليلة أشارت بأصابع الاتهام إلى المسبب، ولكنها عادت ولاذت الصمت، كأنها أدت ما كانت عليها من الواجب. مقتنعة أنه لم تعد هناك حاجة إلى الإشهار بالمسبب، فمهاجمة المستَفَزّ هو الواجب الكافي، وقد أدته مشكورة.
نحن على يقين؛ طالما أثرنا مسألة مساءلة المسبب، سيشار إلينا ببنان العمالة للمستَفَزّ؟ هذا يذكرنا بالإنسان ذي المعرفة القليلة، كون مخزونه المعرفي لا يتعدى مقياسين: جيد أو سيء، وطني أو عميل… فالتدرج في الأمور معدوم في قاموسه. طبعا، لا يلقي هذه التهمة جزافا، فلديه ما يبرر ذلك. فيحتج إن إثارة شيء من هذا القبيل ليس وقته الآن؟ حيث الجراح النازفة والضحايا الماثلة أمامنا تفرضان علينا السكوت عما اقترفه المسبب! فالوقوف في وجه المعتدي هو من أولويات المرحلة!
لا يمعن ناعتنا بالعمالة أن هذه اللحظة هي الوقت المناسب في فضح المسبب؛ نقول لو أنه وقف في وجهه بعيد كارثة عفرين لما حصلت مأساة شرق الفرات.
يتبع
تجمع الملاحظين، عنهم:
كاوار خضر