كتاب يجمع بين الموضوعية والتجربة الذاتية ، يعرضها الكاتب على نحو يوحي بأنه يمزج بين السيرة الذاتية وقراءاته التحليلية لحقب وأحداث عاصرها على نحو مباشر، يخبرنا عن علاقة المبدع بالسياسة، وطريقة نهج الحزب الثوري وسلوكه في الميدان، وبصورة محددة في الجبال، حيث يستهجن يحيى سلو العقل النمطي الخاضع،وتركه لخاصيتي التفكير المجرد والاستقلالية في الرأي، وقد بات هذا العقل جزء من آلة الشحن الحزبية ودعايتها الآنية، وباستغناء الفرد عن روح الإبداع أو التعبير الذاتي، فإنه ينتهي ويمسي جزء من القطيع المسيّر ، حيث تطرق الكاتب لعنوان كتابه، ورأى أن الجغرافيا تلعب دوراً مهماً في تكوين الفرد، وتغير طباعه، لتتسم رويداً رويداً بالخشونة والتعنت، وبذلك لا يستطيع فهم السياسة الموضوعية والالتفاف والدبلوماسية، فرأى أنها غائبة في ميدان الواقع الكوردي المشغول بالتناقضات البينية والخلافات المتشعبة، فابتعاد الكوردستاني عن الآلية التحليلية لفهم الواقع، جعلته آلة طيعة منقادة بيسر لما يروجه الإعلام الحزبوي المدجّن ، فندد يحيى سلو بسعي الفكر الاشتراكي الثوري لتعليب الفرد وتصميم نظام الببغاء داخل فكره، بحيث ينفذ ويطبق دون أن يستطيع إبداء وجهة نظره أو إطلاق العنان لأفكاره، لاسيما وان تأليه القائد هنا يمثل في صميمه عداء مبطناً أو ظاهراً للإنسان المعرفي باني الحضارات القديمة، وصانع الأشياء الجديدة ، تأليه القائد يقف بالضد من الثورة المعرفية وبث الأفكار الخصبة، لسان حال الشموليين أن القائد هو الإله المبدع الواهب، اما المتحلقون حوله فهم مريدون، يستقون من النبع الملهم أسباب الحياة، فهم ورود صغيرة تموت إن لم تروى بمياه النبع الأعظم (القائد) أيضاً تطرق يحيى سلو لولادة حزب الاتحاد الديمقراطي بعد مخاض عسير وأخذ ورد، دام سنين، حتى تم تأسيسه للقسم الغربي الكوردستاني، وقد قدّم الكاتب عرضاً سريعاً حول الصعوبات التي وقفت في طريق تأسيس حزب ينظم أبناء غربي كوردستان، وفي الوجه الآخر أسهب في الحديث عن ظاهرة الانشقاقات التي عمت الحركة الكوردية، إثر لهث بعض رموزها للسلطة والألقاب ، وأشار لأصابع الاستخبارات السورية في زرع الشقاق بين تلك الأحزاب، لحين حقبة 2011 وظهور الخط الثالث الذي تبناه حزب الاتحاد الديمقراطي، ليكون الكورد بعد ذلك القوة الثالثة في المشهد السوري إلى جانب تناطح النظام مع المعارضة، ألحظ هنا أيضاً بروز التكثيف والانتقال من فكرة لأخرى وذلك يعكس حالة توق الكاتب ليقول كل شيء بعبارة أو أسطر، وركز على نحو محوري في معضلة العقل الثوري الكوردستاني وأمراضه السلطوية وخطابه البعيد عن الديمقراطية والأقرب للتسلط والتعنت الإيديولوجي ، انتقل لموضوع الاقتتال الكوردي الداخلي وأسبابه المتصلة بالعقلية الجبلية غير الدبلوماسية وعن خوف السياسي الثوري من التغيير حيث يصف دعاته بالمتآمرين ، مروراً بمرحلة المتغيرات السريعة وبروز تحالفات جديدة قلّصت هذا التعنت وفرضت عليه تدريجياً أن يجلس ويفاوض مما أوصل العقل الكوردستاني لنتيجة مفادها أن السياسة الكوردستانية ينبغي أن تتجرد من الحزبياتية الضيقة وتنفتح على المناخات الأخرى كافة، كتاب لغة الجبل في السياسة والدبلوماسية الكردية من الكتب النقدية القليلة المراقبة لسير النضال الكوردستاني وتتبع مساراته والكشف عن الاضطرابات المرافقة لحقبه، كتاب يقيّم بحس ينم عن مسؤولية وطنية عميقة ويسبر في الوقائع والأزمات بغية فهم سليم لشروط المرحلة
. ونشداناً لحلول تصب للصالح العام بغية تحديث الخطاب الكوردستاني بما يلائم وأخلاقيات العصر والسياسة الراهنة