بدات حرب الوكالة الان- عماد علي

 

ايران فكرت قليلا و هي اعتبرت من سلوك تركيا و علاقاتها مع روسيا، و ستوكل امرها الى الوكلاء بدلا من الدخول مباشرة في العمل كما فعل اردوغان و تنازل لحد الخذلان بعد سقوط الطائرة الروسية و ذهب مستجديا الى موسكو و وعد بتغيير وجهته و هو يراوغ يوميا بين الطرفين او اتلمحورين لحد الساعة نتيجة ما اوقع نفسه فيه في تلك الزيارة و لم يتمكن من اخراج رجله من الوحل بعد.

ايران ستحاول ان تمتص الضربة بشكل اخر و اول الامر يمكن ان تتوجه الى اقناع امريكا في مفاوضات سرية  تبدا بتنازلات لم تبديها من قبل، و البداية استوضحت من ردة فعلها خلال اليومين الماضيين و التصريحات مابعد مقتل السليماني و ردة فعلهم الهزيلة و كيف انهم يردون ضد منشآت بعيدا عن  اراقة دماء الامريكيين و انهم تلقوا صفعة شديدة القوة بسفك دم قائدهم المعتبر و ذراعهم الممتدة التي قطعت دون ان يكون لها بديل في الوقت القريب.

ايران نفسها وقعت في امر لم تتصورها و تفاجات مما حدث و عليه تخبطت و هاجت و لم تنتظركثيرا بهدوءها المعهود من قبل لتبدي ما تتمكن منه كثيرا كما كان متوقعا في مثل هذه  العمليات الحساسة. خرجت ايران من الضربة ضعيفة مهلكة و مشوشة اكثر من حربها الثمان سنوات مع العراق و ما بعدها.

امريكا هي من جانبها لم تتوقع الرد الايراني السياسي و العسكري الضعيف و الموقف المهادن المفاجيء لها، على الرغم من ان العملية  الكبيرة الا و ان فكرت بانه قد احتسبتها بانها غامرت و قامرت و لم تعتقد بما تصل اليه من سلوك ايران و رد فعلها وهي تلقت ما وصلت اليها هدية و وصلت الى ما لم تكن تتصوره من ضعف حال ايران نتيجة ضعف حالها الداخلي و ما تفعله ا في المنطقة و ما تسيطر عليها دون ان تبين نقطة ضعفها و هي برهنت للجميع اخيرا بانها تنصاع للقوة و تعلن العكس دائما.

اليوم قد ادركت امريكا و رئيسها المغامر بان ايران لا تنفع معها الا القوة و انها تلقت مد يد امريكا للمفاوضات بانه من موقع الضعف، و بمقتل السليماني فهي جست نبضها من هذا الجانب ايضا رغم ان ايران تبدا اليوم الضغط على وكلائها للحرب بالوكالة و هي تعاني من نقص السليماني الذي لا يمكن ان يعوّض دوره و ما كان له دور فعال و محوري و ما كان لديه من معارف متنوعة  واسعة التي سهلت عمله خلال العقود الماضية. البداية تكون باستنكار ما قد يحدث باحجام و اشكال مختلفة، الا ان الاصرار على حرب الوكالة يتشدد لمدة ما، فان نجحت في اعادة الامر الى نصابه ولو نسبيا سوف تستمر( و هذا غير ممكن او بعيد التحقيق نتيجة غياب السليماني) و ان لم تتمكن سوف تتنازل بشكل اسرع و اكبر مما فعله اردوغان لروسيا. غير ان الواقع المزري للدول التي مدت ايران يدها اليها قد يفرض عليها اعادة النظر  في استراتيجيتها محاولا تصليح الامر داخليا و البقاء على علاقاتها في المنطقة بشكلها الحالي دون تغيير لفترة و من ثم تبدا المناورة بين روسيا و امريكا و بالاتجاه المعاكس لما تفعله تركيا.

الضربة القوية التي تلقتها اايران ليست سهلة و هي تريد ان لا تميتها بل تريد ان تقويها بافعال و توجهات سياسية مغايرة ( ما يجدر ذكره ان مشكلة سقوط الطائرة الاوكرانية اقوى و اشد سلبية عليها من مقتل السليماني ان لم نبالغ في هذا الامر، نتيجة ما يستوحي للجميع مدى تخبط ايران و عدم قدرتها على رد فعل هاديء و مناسب في امر حدث خارج البلد، فكيف ان حدث داخليا)، و هنا يمكن ان ان تفكر ايران و رجال الدين كثيرا منذ اليوم قبل الاقدام على اية خطوة اخرى، و خصوصا الوضع يسير الى الاسوا عليهم كلما اقتربنا من الانتخابات الامريكية .

فان قلنا ستنعكس عملية اغتيال قاسم سليماني بشكل يمكن ان يكون ايجابيا على المنطقة و ما يجري بشكل عام فربما يقال عنا باننا متفائلون كثيرا و نستدل على وقائع بشكل غير مؤكد، الا ان رد الفعل الايراني و التخبط و الفوضى التي ابدتها هذه البلاد طرحت الى السطح ما كان مخفيا من ورقية الاسد الذي ابرزه الاعلام فقط لاغراض مختلفة في المنطقة و منها مصلحة الغرب المختلفة و دوره في هذا الامر ايضا.