هل يخرج العراق من عنق الزجاجة؟- عماد علي

 

و نحن في انتظار تشكيل الحكومة الجديدة على يد رئيس الوزراء المكلف محمد العلاوي المكبوس بين مطالبات الكتل السياسية و دعوات و اهداف المحتجين و تدخلات الاخرين خارجيا، هذا عدا ما يلعبه الاخرون من وراء الستار ايضا في هذا المسار و ما يريدون ان يفرضوه سواء على العلاويكي يقبله مرغما  او تسقيطه في حال عدم تلبية ما ينووه فيما يهمهم في هذه اللحظات الحاسمة. المعادلات تعقدت بعدما ناور مقتدى الصدر كثيرا و فشل في العديد منها و اخرها فض الاحتجاجات ليمن على المكلف بتشكيل الحكومة و يتسنم هو وكالة السلطةو هو العمل بالوكالة وا ن لم يكن بشكل مباشر. بينما اعتبر البعض من التشكيلات الجاخلية المتصارعة  انها فرصة سانحة ليتكسح الساحة و يهمش اعداء الامس و يبني لنفسه بطريقة ملائمة  و عملية لولبية بين الوضع العراقي و ما يهمه اليوم و ما تامله ايران من العراق مابعد قاسم سليماني واحتمالية و امكانية احلال بديل عراقي لاداء المهمات القديمة الحديثة لما تتطلبه ايران.

امريكا تترقب و تترصد ما يجري و تتدخل في الوقت الحاسم في كل صغيرة و و كبيرة و ان كان سرا و تتحرك بين الموجات الوقتية في لحظتها فيما تربط ما يجري في العراق مع صراعها مع ايران و ما يحدث في سوريا و لبنان و اليمن بينما تنظر بمنظار اقتصادي و سياسي الى روسيا و الصين و ما يلمسها من تحركات هاتين الدولتين بسياساتهم المختلفة في المنطقة.

اما روسيا فلا تؤثر مواقفها كثيرا في العراق على الرغم من الاعتقاد بانها تهتم بسوريا قبل اي دولة اخرى و ما يُقال مرات كثيرة او في اكثر الاحيان بان تحالفها مع ايران  و تكتيكاتها التي تعرضها على انها تحالفا مع تركيا هي من اجل تتسلم امر سوريا بالكامل بعدما صرفت كل جهدها و امكانياتها لتعيد لها النصاب و تكون ختاضعة لها مشتقبلا. وعليه فان امر العراق و ما يجري في مسار السياسة الداخلية هو موضوع ثانويلسوريا  لو قورنت مع اهتماماتها و ما يهم مصالحها في سوريا ، بالاخص بعدما تاكدت بان هناك من يمثل اداء  سياساتها في العراق و هي ايران، او تكون سياسات هذه الدولة اي ايران و نفوذها و سيطرتها الكبيرة على ما يجري في العراق هو لصالح سياسات روسيا  اضافة للصين اقتصاديا ايضا.

اما الدول العربية التي باتت متاكدة بان العراق لا يمكن ان يعود الى حضنهم الا ان محاولتهم لتحييده هو الهدف المنشود لهم و بالاخص دول الخليج و معهم المصر و توجهاتهم الى منطقة الشرق الاوسط و ما تؤثر اوضاعهم  الداخلية على تعاملهم مع ما يجري في العراق و التغييرات التي تحصل هناك كثيرا.

اما داخليا و المكونات التي تنظر الى ما يحصل منذ سقوط الدكاتورية بمنظار المصالح الذاتية الضيقة البعيدة عن مصالح الدولة الموحدة و كل لسببه الحق المقنع، فهناك ترقب و عمل سري و علني من قبل البعض لتحسين موقعه في قطار العملية السياسية بعد استمرار الاحتجاجات او ما يمكن ان نسميها الانتفاضة التي دامت كثيرا و لازالت مستمرة و متواترة و متغيرة المنحنيات قوة و تاثيرا. السنة في وضع لم يشهدوه منذ سقوط البعث في العراق و الكورد استعادوا ما فقدوه في مغامرتهم في الاستفتاء سياسيا عدا الاراضي المستقطعة و كلما طالت الانتفاضة وقعت لصالح القضية الكوردية المشتقدة دوما في نهاية المطاف و المرالح المنتظرة من الوصول الى الاستقلال التام بعد فشل عملية القفزة السياسية التي ارادت بها السلطة السياسية الكوردستانية لتحقيق الحلم الكوردي المقدس لديهم.

الامر الواضح على العيان ان الوضع السياسي العراقي تعقّد اكثر من المتوقع سياسيا و اجتماعيا و قانونيا منذ استمرار الانتفاضة الشيعية بكل صراحة و ما يدور فيها و من ورائها، الا ان فشل السلطة العراقية التي تديرها الشيعة منذ سبعة عشر عاما جعل العراق في المرحلة الثانية لمابعد السقوط و الاحتمالات لما يمكن يخرج به من هذه الحالة كثيرة جدا و وفق مواقف الدول و تحركات القوى و المكونات و مصالح الاطراف الكثيرة و في مقدمتها ايران و امريكا و الموالين للمحاور التي تؤثر على السياسة العراقية.

الحالة الاقتصادية المزرية و شروط المنظمات الاقتصادية العالمية التي و تغلل و تربط ايدي الملمين بالامر اضافة الى الفساد المستشري و عدم وجود شعب موحد بعيد عن العرقية و الطائفية مع انعدام الامل في بناء شعب متكامل يؤمن بالدولة في ظل سلطة موحدة، كل هذا يفرض على اي مراقب او متتبع ان لا يرى خروجا سهلا من عنق الزجاجة او القارورة الصغيرة المهلكة التي وقع فيها العراق، او يمكن ان نقول اوقع فيها دون ارادته او نتيجة ما فرضته الامور السياسية و التحركات الخاطئة عليه، او خفض مستوى الوعي و في مقدمة الاسباب هو عدم انسجام المكونات نتيجة ما تفرضه الاختلافات السياسية التاريخية و الجغرافية و محاولة تغطية ما جرى و يجري و تجسد  بشكل مزيف او بعمل ورقي بعيدا عن تحقيق تطلعات كل مكون او تركيب الذي يختلف ما يحمله من الاهداف عن الاخر. وعليه فان اي تحرك عراقي سياسيا سيطفوا ما يخبئه التاريخ او ما فُرض عليهم  بالقوة و التعنت دون قناعة ذاتية و يطفح السيل.

فهناك حلول جذرية نهائية و حلول تكتيكية مؤقتة مرحلية، و ان توصل الجميع الى قناعة بالحلول الممكنة و الجذرية دون اي مزايدات التي لا تحل و لا تربك اي شيء لما فيه العراق فانه يمكن ان ينتقل العراق الى مرحلة متقدمة من الوصول الى الاستقرار الدائمي  المؤمل منه، الا ان الشعارات و الادييولوجيا و الانتماءات الغيبية و الاستناد على الثقافة و الكلتور الخاص لما يعرف بالشعب نظريا فقط و الذي لا يعلم اين مصلحته ان جاءت الامور العاطفية التي تفرض نفسها عليه و هي التي  تغل عنقه و يدخل به في عالم الغيب دون ان يتعمق فيما هو الاصح و المفيد لاجياله المقبلة.

اننا لا نعتقد او نتصور خروجا نهائيا من عنق الزجاجة بهذه التشكيلة السياسية و نظرتهم الى البلد و الشعب و ما موجود بذاته بعيدا عن الخيال و الاستناد على الوضع القائم و العقلية التي تدير الدولة منذ تاسيسها او بناءا على الضغوطات المتعددة المختلفة الشكل عليه مع تقاطع المصالح الكثيرة التي ترى اصحابها موجودة في هذا البلد و لا يمكن ان يضمنها الا بالتدخلات الواضحة الفاضحة ايضا و ان انكروا ذلك ما يراه المتابع جهارا نهارا.