الكورد في العراق مابعد الاحتجاجات ؟- عماد علي

 

من البديهي ان تتغير المعادلات كافة في العراق مابعد الانتفاضة الشبابية، و لم تبق منها ما يمكن الاستناد عليها في التعامل مع ما يكون عليه  العراق عليه من كافة الجوانب، و الاهم هو الموقف السياسي و النظرة الى الامور و ما يمكن ان يسير عليه البلد وهو لم يثبت بعد و للجهات الخارجية تاثير مباشر عليه، و الحذر المطلوب من اجل ضمان  المصالح و مستقبل كل مكون. و يمكن ان ندعي بان التوازنات السياسية العراقية لمابعد سقوط الدكتاتورية انهارت عند بوابة الاحتجاجت و يحتاج التقييم و التعامل مع الاحداث لتقييم و معرفة خباياها وتقدير او تخمين النتيجة النهائية كي يحدد اي طرف موقفه من الامور المستجدة وكيفية اختيار الطريق السليم لحل القضايا و بالاخص الكورد و قضيتهم التاريخية و تطلعات الشعب الكوردستاني و امنيتهم المقدسة.

فنسمع عن تحركات عديدة لكل طرف و مكون بعد ان حددت هذه الاحتجاجات الخط الفاصل بين المكونات بشكل عملي و صريح على الارض، و يحاول كل مكون اتخاذ موقف مما يجري بعد التجارب التي مر بها و اخطا او اتخذ موقفا غير سليما و غير استراتيجيا في تحركاته في الوقت المعين. فان العراق مابعد الاحتجاجات للمكون الواحد منه دون غيره و الذي هو المسيطر على مسار الامور كفاة منذ السقوط دون الاطراف و الجهات الاخرى دليل على ان الاطراف غير متماسكة و مصالحهم مختلفة و نظرتهم الى العراق و ما يجري فيه مختلفة عن البعض كثيرا.

كي نبرهن ما نقول يجب ان نوضح ما ينويه و يفعله كل طرف الان سرا او علنا و كل حسب قدرته و تجربته. فالسنة في مرحلتهم الذهبية الان بعد احتاجاجتهم السابقة التي اخمدتها السلطة المتمثلة بالشيعة و انتهاء امرةداعش، و اليوم لم يتحركوا ولو خطوة واحدة ازاء الاحتجاجت ول ا مام السلطة الشيعية، و هو ما يمكن ان ان ندعو بانهم يريدون ان يوازوا انفسهم و يدعموا ما اصبحت قضيتهم الخالصة عمليا بعيدا عما يحدث في محافظات الوسط و الجنوب، و هذا دليل على ان السنة قد ميزوا انفسهم  مع الاخرين على الارض( عندما نسمي هذا المكون بالسنة  ليس بشرط ان تكون المقصد هو التزامهم مذهبيا فقط، و انهم اصبحوا مجتمعا مختلفا على ارض الواقع بل الواقع و ما حدث سياسيا فيه طوال هذه الفترة قد اثبت بان السنة غير الشيعة و الكورد معيشة عدا ماهو البائن امام الانظار من الاختلاف  اجتماعيا و ثقافيا و تاريخا و جغرافية عن الاخر، و هذه ليست اختلافات مذهبية فقط بقدر ما تجسد من الاختلافات الاجتماعية الثقافية الجيوسياسية الكثيرة لا صلة لها لا بالدين و لا بالمذهب) و هكذا بالنسبة الى الكورد و الشيعة و كل حسب ظروفه و خصوصياته، و ما حدث منذ السقوط قد اثبت على ارض الواقع اكثر ما يتميز به اي طرف دون الاخر، و عليه يجب التعامل معه بشكل مختلف عن الاخر.

اما ما يجب ان يعي الكورد ما يفعله و من الممكن ان يقع في جعبة تحقيق اهدافه اكثر من ما حصل عليه من نضاله هو؛ التخطيط و قراءة الاحداث و معرفة كل خطوة و ما ياتي وراءها في العراق و ما هوالمناسب للكورد قبل غيره كما تفعل السنة و الشيعة و كل حسب موقعه و امكانياته و نظرته الى العراق او الى مكونه. فعلى الكورد بعدما خسر الكثير من الاستفتاء نتيجة ظلم السلطة العراقية المتثمثلة بالشيعة و العالم و الجهات الاقليمية ابان الاستفتاء و بعد ان هدأ الامر وهو استقر و جسد موقعه الذي اهتزم ن قبل، عليه ان يخطوا الكثير بتاني و تنسيق و تعامل لكل شيء بلحظته و ما يريده و مفضل لمصلحته مع كل مكون اخر وفق ما يهمه بنفسه و ما يريده الاخر. اليوم يجب ان يساند الكورد كاسترايجية تحركات السنة باي شكل كان لبناء اقليمهم و يقف موقفا داعما و ليس من اجل سواد عيونهم فقط بل من اجل تثبيت النظام الفدرالي كمرحلة اولية في العراق لحين مجيء الفرصة الملائمة السهلة لتحقيق الهدف المنشود كورديا. اي محاولة دعم السنة بكل ما يتمكن منه من جهة و الخطو نحو الامام لنفسه من جهة اخرى. اما موقف الشيعة و ما يجري فيجب ان لا يدع الكورد بقدر ما يتمكن مَن يريد ان يلعب بما يجري و يسحب البساط تحت ارجل الجميع باسم الاحتجاجات، فهذا يمكن ان يكون خطوة تراجع و صعب على الجميع و منهم الكورد و السنة، اي عدم فسح المجال امام السلطة المتمثلة بالشيعة و من وراءهم للعب على الوتر كما تريده الجهة الاكثر سلطة و نفوذا في السلطة العراقية و يمكنها ان تقرر ما تريد من اجل مصلحتها، و هي تحلم ان يكون العراق بكل مكوناته تحت امرته، و هذا بعيد المنال لو كل طرف اصرّ على ضمان مصلحته.

اما ما يجب ان يفعله الكورد مع السلطة او ما يهم الشيعة و يجب ان يتعامل معها، اولا بيان ما يهم الكورد مابعد الاحتجاجات للجميع فعليا و محاولة تثبيت امره و الحصول على ما خسره من الاستفتاء بشكل مباشر و سريع، وثانيا  يجب ان لا يدع ان تقترب السلطة الشيعية بقدر ما يتمكن و من وراءها الى السيطرة التامة باسم متطلبات المحتجين علنا من السيطرة قسريا و بشكل مباشر على العراق، و يمكن ان ينجح هذا بتنسيق كوردي سني وفق المصالح المتبادلة من العمل المشترك في هذا المضمار كما نسّق من قبل مع الشيعة في الكثير من الامور ايضا.

ان الشعارات الخيالية الكبيرة التي يطلقها البعض ازاء العراق و تاريخه و ما يمكن ان يعيدوه ال ىما كان عليه ليس الا هلوسة مرضية لمن فشل في الماضي و يريد ان يعيد تجربة حظه من جديد، او ما يتمناه المثاليين خيرا لايديولوجيتهم و شعاراتهم الضيقة باسم وحدة العراق و مستقبله. فالكورد لهم خصوصيتهم و اهدافهم و السنة كذلك و ما تغيرت حالهم اجبرهم على الوقوف على ارضية مغايرة جدا لما كانوا عليه و اُجبروا على اختيار الافضل ما فرضه الواقع اخيرا وليس كما تمنوا ان يعيدوا حالهم الى ما كانوا عليه قبل السقوط و فشلوا فيه و خسروا كثيرا.

المقصود هنا الكورد، فانهم لابد ان يستغلوا المرحلة كي لا يخرج الامر من مساره كما فعله مَن خبأ الشر ابان مرحلة عملية الاستفتاء في كوردستان و عمل كل ما تمكن منه بما كان يحمله من الخبث و الحقد باسم وحدة العراق، فحذاري ايها الكورد، ان اليوم اكثر حساسية من قبله  انها مرحلة متنقلة و خطرة جدا على المكونات و في مقمدتهم الكورد و السنة و لكن هناك احتمالات و توقعات فيجب قراءة التفاصيل لها لاتخاذ الخطوة المناسبة و لمنع الاخطار و من ثم بناء المنفذ الحديدي للدخول الى المرحلة المقبلة للتقرب من تحقيق الهدف بشكل صلب، ويقف هذا على الكثير من الامور و منها الوحدة الداخلية و التنسيق و التعاون مع الجهات و ليس التعامل على ماهو عليه كورستان داخليا من الفساد و النفاق و الصراعات الحزبية( و هذا بعيد المنال غر ممكن بايدي هذه السلطة الكوردستانية المتصارعة كما اعتقد ) و يجب الاصرار على عدم الخضوع و الخنوع لاي امر قد يفرض التراجع عما وصل اليه الكورد سابقا و خسر الكثير منه. الفدرالية للكورد مرحلة وسطية و لا يمكن ان تكون نهائية، و لكن انها افضل من العراق الموحد الذي يكون تحت سيطرة و نفوذ احد المكونين الاخرين بشكل غير مباشر بيد احد الدول المجاورة، و من   اهم الامور الواجبة وغير قابلة للتريث و قبل اي امر اخر هو؛ يجب تقوية الذات و التعامل مع المستجدات من اجل الخطوات الاخرى الخاصة لضمان مستقبل اجيال الكورد.