البنت التي تمنت أن تتحول الى خفاش- هادي جلو مرعي

ملعون هو الخفاش.

العراقيون يسمونه (طوير الليل) كعادتهم في التحقير والتصغير للأشياء المؤذية، أو المحببة، فقد يصغرون الإسم حبا، كأن ينادوا على محمد بحمودي، أو علي بعلاوي، او عمر بعموري، أو ندى بندوش، أو شذى بشذاوي، أو حتى هادي الذي ينادونه هداوي. لكن هدواي من لسان إمرأة أكثر عذوبة منه على لسان الرجل.

يمكن أن تعود تسمية (طوير الليل) لأنه يخرج الى العمل ليلا، وفي بعض  الأحيان يهاجم الناس عندما يجد الفرصة فضولا، أو رغبة في وليمة، لكنه حتما يخرج بحثا عن طعام يقتات عليه ليستمر في حياته الوسخة والمملة.

الخفاش يعيش في الكهوف، والمناطق المظلمة، وهو طائر لحمي برأس كأنه رأس فأر، يطير فيخيل الى الناظر إليه أنه فأر ينزل من الظلام، ولكنه طائر مكروه غالبا لأنه يسبب الخوف، ويهاجم، عدا عن شكله البشع والمزعج والمثير للقرف، وهو ليس كبقية الطيور التي توفر الفرصة للناس أن يحبوها، ويتعاطفوا معها، ويحاولون التواصل أكثر في علاقة محببة مع أجناس منها، فالخفاش لايمكن أن يحل محل البلبل الفتان.

الخفاش يستضيف مايزيد على مائتين وثمانين فيروسا، ولكنه يعيش حياته بشكل طبيعي، وكأنه (ولا على بالو وواخذ راحتو تمام) ومن بين الضيوف فيروس كورونا (أبو عيون جريئة) الذي لايهدد الخفاش، ولايمارس عدوانية ضده، ولايصيبه بالحمى والعطاس والكحة، ولايتسبب بتليف في الرئة، والسبب لايعود لشجاعة الخفاش، وبطولاته الخارقة، وقوته المتناهية، بل لأنه بخيل بمايوفره من غذاء للفيروس فكأنه سجن، وليس موطنا لكورونا الذي يعيش خاملا ناعسا مرهقا ضعيفا متهالكا، وحين ينتقل الفيروس الى الإنسان يتحول الى وحش بسبب البيئة الحاضنة، ولكرم الإنسان الذي يوفر الغذاء لكورونا ليعيش بسلام وأمان، ويتناول الطعام والشراب، ويتكاثر، ويفعل مايشاء، ثم يهتك الجسد ويميته الى الأبد.

مقدمة البرنامج في قناة فضائية، وبعد أن سمعت مني عن علاقة الخفاش بكورونا، ومعاهدة السلام المبرمة بينهما تمنت أن تكون خفاشا لتنجو من هجوم كورونا