لقد صدم اردوغان بما لم ينتظره و لم يحتسب له الحساب ابدا بعدما اصطدم بما هو الموجود و كسر انفه في حفتانين و انه افاقه من حلمه و وجد ما لم يعتقد ان يلقي نفسه فيه و هو يرى نفسه يتمرغ في وحل الاخطاء الحسابية التي دفعته نتيجة تكبره و عدم اكتراثه بما يخص حقوق الاخرين و يسلك طريقه بغرور و كانه سلطان عصره و يتصرف بما فعلته اسلافه من سلاطين العثمانيين و كسرت انوفهم في نهاية الامر.
تراه اليوم يلعب بذيله هناك في ليبيا و ضفاف البحر المتوسط و قد قرضت اذانه الطويلة في غرب كوردستان و الان انغمس راسه في وديان و مرتفعات اقليم كوردستان تحت ارجل المقاتلين من اصحاب الحقوق، و لم ير طوال حكمه هذه القتلى بالمئات و حتى ابان الانقلاب المزعوم المشكوك فيه او في مغامراته في سوريا التي اعتمد على المرتزقة. بعد ان اراد ان يخرج من الازمات التي تلحق به حصل ما لم يفكر به.
الان لنا ان نسال لماذا كل هذه الانكسارات الى ان وصل به الحال الى هذه النكسة العسكرية السياسية و ما تسميها الخبراء العسكريين بفضيحة تضاف الى فضائحه السياسية. من يخسر في المقامرة يبحث عن الاسباب و ان كانت وهمية ليتحجج بها امام شعبه ليبتعد عن الاحراج. اليوم و بعد تلقى الضربة الموجعة يريد ان يوجه اللوم الى امريكا و روسيا و يسال من مصادر الاسلحة التي كسرت راسه في حفتانين و لم يعلم ان الاردة هي التي اوجعته في اعماقه اولا قبل الاسلحة و ارغمته على التراجع و ان كان مؤقتا ليبحث عن تعويض خسائره و يعلل و يجد اسبابا لفشله و كسر انفه و قتل ابناء شعبه الذي يدخلهم في ويلات مرة بعد اخرى.
ان استراتيجية اردوغان معلومة للجميع و لكن يمكن يفك بانه يعتقد بان تكون على الطريق الصحيح و لكنه لم يحسب كل جوانب ما يفكر فيه و هدفه الاكبر هو تحقيق ميثاق الامة التي قررته عقول التعصب و العنصرية قبله و مر عليه الزمن و تغيّر الواقع و اختلفت الارضية و لم يحسب اردوغان هذا لعدة اسباب :
* نرجسيته و محاولة تحقيق اهدافه الشخصية على حساب مصالح شعبه مهما بلغ الامر و ان جاءت النتائح معكوسة.
* الهروب الى الامام نتيجة ما يمر من الازمات المتلاحقة التي اثقلت كاهله الثقيل اصلا نتيجة ما لحق به جراء مغامراته الكثيرة في السنوات الاخيرة و لم يبقي له و للدولة التركية سمعة من اساسها.
* الهروب من الازمات الداخلية المتعددة و تدهور اقتصاده بعد ان انتقل بلاده خطوات قبل سنوات على ايدي من انشق من حزبه اخيرا و اسسوا احزابا و هو ينوي و يريد ان يلوي ذراعهم بحركات بهلوانية داخلية و خارجية عسى و لعل يعيد سمعته المنهارة.
* لم يبق امامه غير السياسة الخارجية ليعيد توزانه الداخلي سياسيا و يريد ان يحقق اهدافا خاصة به، و هو يحاول وضع العراقيل امام من يقف له بالمرصاد و من كشفه عاريا امام شعبه اخيرا و لم يفكر يوما بما حصل.
* يريد ان يستغل الفراغات الكبيرة في المناطق التي يخطط ان ينفذ منها و اسهلهم هو افليم كوردستان و ليبيا و غرب كوردستان و استراتيجيته الاديديولوجية الخادعة هي اخوانية المظهر و تركية عنصرية المحتوى.
* يريد ان يغطي تناقضاته السياسية و مواقفه الخاطئة فانه يتكلم باسم الاخوان و يمد يده الى اسرائيل راكعا تارة، و يتكلم باسم الدين و سياساته المنافية لابسط المباديء و الشعائر الدينية مكشوفة للجميع تارة اخرى.
* يريد ان يخرج من الازمات ولو ببقاءه على ماهو عليه من مستوى متدني من شعبية، و اكثر شيء يريده و ما يتمناه ان ينهي مهامه دون ان ينكسر نهائيا او يبتعد عن الفضيحة التاريخية التي تلاحقه، و لذلك تراه يتراوغ في سياساته الخارجية بين امريكاو روسيا و يتحرك شمالا وشرقا و جنوبا و غربا عسى و لعل يجد ما يتنفس به جراء ما كتم انفاسه داخليا في الوقت الحالي من ماهو محرج جراء اقتصاده المتدهور و الوضع الصحي بعد انتشار جائحة كورونا التي غطى عليها بداية و لم يكشفها على العلن الى ان افتضح امره و لم يتمكن من الاستمرار في بقاءها سرا في الوقت الذي تتهاوى فيه قيمة الليرة يوما بعد اخر.
يمكن ان نقول ان اردوغان دخل في مقامرة طويلة الامد، اما يخرج منها بنصر مؤقت و زائل في افضل الاحتمالات او يسقط و يقع في هاوية لم يتوقعها و لم يحسب لها الجسابات الدقيقة. و اول ما يرشدنا الى ان نتوقع الاحتمال الثاني هو ما تعرضت له قواته الخاصة التي طالما تشدق بقوتها و فنوفنه و افتخر بها للهزيمة المنكرة و لم يعد اليه راسا واحدا سالما منهم من جهة، و لم يتوقع ان يرى الاسلحة التي استخدمت والتي تعيده الى رشده عسكريا من جهة ثانية. و اخر ما يمكننا ان نقوله هو؛ ان ميثاق الامة التي يتشبث به و سده منقذا مع ما يطمح اليه و يتوازى مع العنصرية المتعمقة في كيانه سوف يرغم راسه في وحل حساباته الخاطئة و دوافعه المصلحية النرجسية الخاصة التي تدفع كل دكتاور الى مصيره المحتوم.