1
“غزال، غزال،
هاااى، هاااى…”
ويتعالى الصوت، ثم يسافر وحده، يبحث عن “غزالة” شاردة في سفوح جبل شنكال، وفي كهوف الحبّ فيه.
يبحث صوت (خدر فقير) بحرص شديد عن “غزالته” في بساتين التين الديمية خلف الجبل، وفي ظل أشجار البلوط القديمة فوق الجبل.
ومع آخر رشفة من عرق بعشيقة في قعر الكأس يفقد الفقير خدر صوته، وتجف ينابيع (السكينية)، وتموت الأسماك ولا يجد “غزالته”.
تقاعد صاحب “غزال” في قبره، وسلمّ طنبورته لأقرب راع وجده في وادي (باب شلو).
أول مهرجان فني وثقافي ـ إن صح التعبير ـ أقيم في شنكال أطلق عليه اسم صاحب “غزالى”، أنا لم احضر المهرجان؛ لأنهم لم يدعونني ربما بسبب عدم انتمائي لأحزابهم وقيل إن الدعوة وجهت ل (تحسين خدر) الأبن البكر ل (خدر فقير)، ولم يحضر المهرجان الذي أقيم في رحاب مزار شرفدين، ربمّا خوفا منه أن يقارن بأبيه.
2
رأيت “غزالة” وقد التحقت بجيش الأمزونيات في فلم (محاربات الأمازون) بسينما السندباد مقابل حديقة الشهداء الموصلية.
أنا أراها في الأفلام، وهي تراني في الأحلام.
متى أصبحت غزالة محاربة؟ يسأل مسؤول في الأمم المتحدة.
هذا لم يعد سرّا خافيا، فلو بحثت جيدا في زوايا كهف “حصارى” سترى آثار أحلام صديقك لا تزال مرسومة على جدرانها، وآخر حديث دار بينكما مسجل في أرشيفنا، وسنعوضكم بكمشات من الملبّس والحامض حلو حينما تكمل المحاربة مهمتها وتعود على جناح فرمان قادم.
قد ينتهي مهرجان الأمراء في بيت الأمارة بباعدرا كردستان العراق أعرجا وكسيحا كما مهرجان الفقير خدر ويلفظ عن أمير يرانا في الأفلام وفي الأحلام فقط، دون أن يزور حدائق الشهداء الأيزيدية وحدائق الأرامل وحدائق الأيتام وحدائق الناجيات وحدائق الفقراء وحدائق المرضى وغابات النازحين.
3
وهل هناك فرمان قادم؟ نعم، فالأمم المتحدة لا تكذب.
أذهب سيرا على الأقدام من نيويورك إلى بغداد، أرتاح في مقهى أم كلثوم، أفتح كتاب ألف ليلة وليلة وأتوسل بالسندباد أن يبحث عن “غزالة” في رحلته القادمة فعاشقها سيتلف من البكاء عليها.
وما أن أخرج من الجايخانة باتجاه عربانة أبو العنبة حتى تناديني شهرزاد قائلة، ربمّا الملك شهريار قطع رأس “غزالة” كما الأخريات ولكن لا تقلق فأنا هنا لأنتقم لهن جميعا، أرجوك فقط أقنع روّاد شارع المتنبي بقراءة قصصي وحكاياتي ثانية.
اطمئني يا شهرزاد، أنهم ملتهبين ب “الشسمة” الآن ونسوا الجني الأزرق ومصباحه السحري، فللاحتلال وللسقوط كوابيسها كما تعلمين.
وليست “غزالة” وحدها من تدفع الثمن.
4
لا بد أنني سكران، شكرا لبعشيقة ولبحزانى على العرق المشبع بالذكريات والأسماء والألوان والقرى والوجوه والأصدقاء والشهداء والقصائد و “الغزلان”.
بغداد لا تعترف بشنكال ابنة لها.
هه، ألا تعرف (باغ ـ داد) أن شنكال جدتها بالتبني فهي أكبر منها ألف مرة واسألوا نوح كيف ثقبنا سفينته على الجبل، فقط لأنه أراد أن يمر من جنبنا دون أن يأكل من خبزنا وتيننا ويشرب من ماء السكينية التي تشبه الخمرة.
ومنذ نوح ومغامرته الفاشلة حرموا أكل وشرب أهل شنكال الأيزيديين.
وأربيل لا تعترف بشنكال أختا لها، وتقول أن لبن أربيل ليس كلبن شنكال.
هه، قولوا لأربيل من يتكلم الكرمانجية الفصحى أربيل أم شنكال؟ من يلبس الأبيض أربيل أم شنكال؟ و(خدلياس) يزور مَن؟ وأين يسكن (شرفدين)؟ و(طاوسيملك) ينظر إلى من؟
لا أجيد الكلام حين أسكر، اضحك أو ابكي أو اكتب الشعر، ولكنني لا أجيد الكلام؛ لذا عليكم أن تدعوا أحد أمراءنا ليتحدث لنا قليلا وإياكم أن تكشفوا قوارير العرق أمامه فبينهم وبين الخمرة ثأر قديم.
5
في عام من أواخر أعوام الحصار أصيبت أمي بذبحة صدرية حزنا على إلغاء مهرجان الربيع في الموصل.
وفي العناية المركزة لأمراض القلب سألني الطبيب عن معنى أسمها فقلت صغيرة “الغزال”.
آه، رشا.
نعم، (خفشيى) تعني رشا.
آه يا قلبي، يا ترى أين ذهبت كلّ “غزلاننا”؟
سلامات يا موصل، سلامات ثيراننا المجنحة.
متى ستطلقين سراح “غزلاننا” من معسكر الغزلاني يا موصل؟
6
لو يعلم نوح ما حلّ “بغزالة” لما سمح لها بدخول السفينة ولسرح بها أبنه في الجبل، وربما أطعمناه بعد الطوفان الخبز الساج والدهن الحرّ.
نوح أيزيدي أصيل ولهذا عرج على شنكال وعبأ كيسه بتتن كرسي قبل أن نتلو عليه وصية الشمس التي تقول: لا أنبياء للأيزيدية. أعطانا “غزلاننا” وركب سفينته وقفل راجعا ولا يزال يتنقل من ميناء إلى آخر ومن بحر إلى محيط ولم يترجل بعد، ولم تنتهي رحلته بعد.
هربت “الغزلان” ثانية وأختلط نواحنا بنواح نوح.
7
لا أثق بهؤلاء ولا بالأمم المتحدة ولا بالشهداء ولم أعد أثق بالشعر أيضا فأسأل صديقي (قاسو كلي) عمّا حدث فيجيبني ضاحكا:
“غزال، غزال،
هاااى، هاااى…”
ويعلم أكثر من غيره بعصبيتي التي تنتهي بوضع أغلى الأشياء في أقرب مراحيض فينهض من جنب “غزالته” بعد أن يقبلها أربعين مرة وهو يقول خدر فقير لم يسلمّ طنبورته لأحد يوما، فلا أثر للرعاة في باب شلو يا صديقي. و”غزالة” لن ترجع من الأمازون ثانية فقد كذبوا عليك في الأمم المتحدة. رأيتها في آب وقت الفرمان وهي تقسم أن تأخذ بثأر الأيزيديات بيدها وشهرزاد كانت تغمغم من خوفها لتؤلف حكايات جديدة بأثواب أيزيدية بيضاء هذه المرة فهي قلقة مما سيجري لها في الليلة الألف بعد تسكت عن الكلام المباح. أما الأمراء فهم سكارى كالعادة وليسوا بسكارى.
لا بد للأمراء أيضا “غزلانهم”.
وقبل أن يذهب صديقي قاسو أردت أن أخبره بسر خطير ولكن، صديقي قاسو كلي لم يتزوج “غزالته” استشهد وهو يغني:
“غزال..غزال..
هاااي.. هاااي…”.
كلام أديب معذب بليغ وبحر من الأسرار المقفلة صناديقها وتاسر القارىء إلى عالم الخيال ولكنها حقيقه وتجعله يشبع بالتلذذ بماسيها والامها والهجران … يقول الشاعر المتالم بنفس المشاعر الذي فقد غزالته والتي اشغلت فكرته ليل نهار طول حياته والتي اصبحت هي القسم الاعلى بعد الله واصبحت ضحكته وبكاءه ضحكته ايام قبل المصيبه وبكاءه من الهجران …………….اه اي تمام فكرى مه ن در روز و شب اينهان همه هزيان مه ن در سوز و تب……..آه اي بالاترين سوكند مه ن در كريي و لبخند مه ن……خلق مكويند كه ر ءو يارى توست..مايي قم از جى در اشعارى توست……،،،،،فه يا كه روزي فراموشم كني قمى هجران هه مه غوشم كني…….،،،،، واخيرا يوصف قلبه بالبحر والوز التي تسبح فيه هي غزالته …..اي دلم درياي باك و روشنم مرغي ابي ءن دريا منم مع اعتزازي بك و بما تكتبه اخي مراد وتحيه لصوت كردستان الاغر
تخياتي اخي الكريم (خدر)
شكرا لك على المشاركة والإضافة
في الختام تقبل مني وافر المحبة