6-8-2020
يقول د.عبدالجبار العبيدي في مقال له منشور على موقع ايلاف تحت عنوان” هل يدرس التاريخ للعبرة والموعظة أم للتجربة والاستذكار”، ويذكر في سياق حديثه عن الموضوع ان دراسة التاريخ يشمل الماضي والحاضر ولربما تكهنات المستقبل، لكن هذا المقياس يختلف باختلاف الزمان والمكان والناس، فالاختيار يجب ان يكون انتقائياً ومحدداً حتى ينطوي على تجربة معينة للحاضر والمستقبل وما يهم امور الناس والاوطان معاً، وحول منهجية قراءة التاريخ او التكهن التاريخي للعبرة والاتعاظ يقول ان منهجية العبرة والاتعاظ لاتصلح الا في حالات معينة وضيقة جداً حين تتشابه الاحداث والفترات الزمنية، وهذه حالات نادرة الحدوث لانها لاتتكرر بكل ظروفها ابداً، ومن هنا فان قراءة التاريخ للعبرة والاتعاظ ضرب من الوهم الذي لامعنى له ابداً، فالمقياس العلمي او المنهجي التاريخي يخضع للتغيير وليس للثبات.
وفي مقال سابق تحت جدلية العود الابدي للتاريخ كنت قد نوهت بان احالة وقائع الان الى الماضي لايمكن ان تأتي بنتائج مطلقة يمكن تعميمها على مراحل التاريخ الحالية او اللاحقة، لأن الثوابت انما تكمن في الحدث وما آل اليه الحدث فهو متوقف على جملة امور اخرى تكاملية في صناعة الحدث، وبذلك لانستغرب الان وفي وقتنا الحاضر ان يتجه الناس الى دئراة التاريخ للتخفي وراء انتكاساتهم في الحاضر، والتوجس من مستقبلهم الاتي، فمن خلال البحث عن اواصر ترافقية وتلازمية مطابقة لوضعهم الحالي يستجدي الناس بالتاريخ ليكرر المقولة التي تكررت منذ وعي الناس مقولة التاريخ يعيد نفسه، ويستميت الناس في الاستشهاد بالتاريخ ليغطوا جزء كبير من نواقصهم الحالية، وابتعادهم عن السبيل المؤدي لتحقيق اهدافهم سواء الانية او المستقبلية وبالتالي فان اعتماد مقولة العبرة والاتعاظ لايأتي هنا بدافع التبرير لما يقومون به من افعال واعمال وتصرفات وسلوكيات، او للاتعاظ والعبرة ولا حتى للتجربة والاستذكار، انما بدوافع اخرى اقوى، كدافع اليأس الوجودي القاتم، والمتمكن من عقل ونفوس الناس بحيث لم يعد بامكانهم التصرف بالموجود الاني وبما بين ايديهم بعيداً عن الانخراط في الماضي وربطه به، حتى يعطوا لانفسهم صفة رسمية باعتبارهم ينهلون من تاريخ الامة التي يلتحفون باسمها في محافلهم الداخلية والخارجية، وبالتالي فانهم يخضعون عقولهم لمنطق دفن بدفن اصحابه، وينأون بانفسهم عن مواجهة التكهنات المستقبلية التي تضع حاضرهم تحت المجهر، وتفضح مكنونات واقعهم المزدرء بالتمام.
الامم والجماعات وحتى الشخصيات المستقلة كما يقول د. العبيدي تنأى بنفسها عن تجارب الاخرين، واكثر ما يزعجها ان تسير في اعقاب الاخرين، وهو بذلك يضع حداً للتكهنات السبقية التي تفرضها وقائع الحاضر عبر اعادتها للماضي، وفي الحقيقة ليست العبرة والاتعاظ الا غاية لمن فقد وجوده الفعلي وسطوته وكينونته ومصداقيته، ليبرر من خلالها الوسائل التي يسعى لاستخدامها في طريق اعادة اثبات وجوده من جديد حتى وان خالف بذلك كل التوقعات، وغالبية الواقع ومضامين التجربة الحاضرة، فالساسة من جهة، ورجال الدين من جهة اخرى، هولاء اكثر الناس من يلجأون للتاريخ تحت شعار العبرة والاتعاظ، وفي الحقيقة هما اكثر الناس فقداناً لمصداقيتهم في الحاضر الذي نعيشه، واكثر من لايتعظون بالتاريخ.
فمع عمق الحدث التاريخي في الوجود الانساني، فانه كما سبق وان نوهنا يحمل صفتين تلازميتين وهما المكانية والزمنية، وباعتبار ان تلك الصفتين غير ثابتتين فانها توجب اتباع نهج غير الزامي في تحديد معالم الحاضر وفق نظرية التقارب والقياس بالماضي، لأنه حتى في التاريخ يتجنب اصحاب الرؤية الدينية مثلاً التعرض للحقائق التي من المفترض انها تعطي دروساً واعية لصيرورة العمل السياسي من جهة، ولصيرورة الوعظ الديني من جهة اخرى، فمع ان تلك الاحداث والوقائع واضحة كوضوح الشمس لهم وللناس، الا انهم يتغاضون عنها، ويبرورن فعلتهم بالمس بالمقدسات، ولأن الناس امام الموجبات الدينية بالذات وحتى السياسية كالقطعان تسير حيث تُساق فانها لاتكلف نفسها للسؤال عن الماورائيات التي يتطلبها الحدث نفسه، ليس لكونه حدث نادر يتكرر في تاريخه الحالي، انما لكونه حدث قد يمس بنية عقله وتفكيره وايمانه بالماضي والحاضر وتكهنه بمستقبله الاتي.
لقد علمنا اصحاب الرأي والفهم والساسة ورجال الدين ان التاريخ مدخل اساسي للفهم والادارك عبرد وائر العبرة والاتعاظ والتجربة والاستذكار، و في الوقت نفسه وضعوا حدوداً للبحث في مضامين التاريخ نفسه، باعتباره لديهم محصن من التدخلات الخارجية التي قد تشوه معالمه الحصينة والمحصنة من كل نقع او جرف او تحريف او تصحيف، وفي الواقع التاريخ الذي اقرأه علمني اشياء اخرى تماماً، مثل ان لااتوقف عند حدود معينة، في البحث والتقصي وابداء الرأي، والبيان والتفسير والتأويل، وذلك ما يجعلني بعين هولاء مارداً خارجياً ارتوي من بحر الشراة، حيث كانوا يسمون مناطق سكن اجدادي الكورد بها سابقاً، وبين ان التمس لارائي التبرير والصفح، وبين ان اؤدي دوري في صيرورة حركة التاريخ، لابد من قرار شخصي، اتحمل مسؤوليته، انه الواقع ليس الافتراضي الذي فرضه علينا الساسة ورجالات الدين، انما هو الواقع العياني الذي لم يعد هناك من مفر اما بتقبله بشكله الفوضوي النهائي والرضوخ لمنطقه اللاواعي، او السير قدماً للبحث عن معقولية الحدث التاريخي وفق مدلولاته الحدثية بين الزمنية والمكانية وتطابقها مع الشعارات العامة التي يطلقونها بين الفينة والاخرى لجذب القطيع وتحريضه.
ففي التاريخ هناك ثوابت من حيث اصرار اهل العلم والتشريع والساسة عليها منها على سبيل المثال لا الحصر، مقولة “لافرق بين عربي واعجمي ” تلك المقولة الدينية التاريخية التشريعية التي جردت من حيويتها وكينونتها واسقاطت بالتحيز لعنصر على حساب اخر في التاريخ، وهذا ما يتباحثه الكثيرين بين مؤيد للمقولة ورافض، في حين انها مقولة لم تأتي من الفراغ التاريخي انما هي تحصيل لوقائع متوالية ضمن الصراع السلطوي الديني منذ بداية التاريخ الاسلامي كمثال على مفهوم التاريخ يعيد نفسه، وان العبرة والاتعاظ هما من ركائز التاريخ، فالسبقية التي فرضتها مقولة ” اللافرق” تقتضي بانها تخرق جدران الزمنكانية، وان ليست حصراً وحكراً على زمنية محددة، ولكنها في مهدها وأدت، وتحولت الى نزاع، استخدم الساسة ورجالات الدين كل الوسائل لتحقيق غايتهم في تهميش العناصر الاخرى في التاريخ الاسلامي، لذا نرى بان القياس بمنظور السبقية هنا لاتأتي كونها فرضت من اللاحقين كواقع، انما اتت كمعلم تاريخي وحدث تاريخي، فان كان العبرة والاتعاظ الزامية في فهم التاريخ والعمل بموجباته ومترتباته فانه من نافل القول ان تلك الاحداث يجب الغض عنها، وعدم الخوض فيها، لكونها تمس المقدسات التاريخية لاسيما الدينية، وفي الحقيقة ان اكثر ما يؤرق الانسان الواعي هو تلك المترتبات اللاواعية التي يستنبطها دون ادراك، او وعي حقيقي بماهية الحدث نفسه، واسقاطه عبر سلسلة من التداخلات المرئية الواضحة العنان، ولكن مع ذلك لابد من التأمل والتوقف على مفهوم السبقيات التي نتحدث عنها، فليس كل سبقي مأخوذ به ومتعظ به ولا حتى مستفاد منه كتجربة واستذكار لكون الواقع السياسي بمنظوره الاني الحالي سواء بفوضويته وعشوائيته ولامنطقيته لايمكن ان يكون ناجماً من قراءة وفهم صحيح للتاريخ، لكونه لايمس الانسان في كينونته وعقله فحسب، بل يهدم كل مقدساته العقلية كانت ام الروحية، وحين نرفض مقولة ان الساسة يتعظون بالتاريخ، انما يحاولون ان يجعلون الاحكام السبقية المنتقاة بدقة ومصلحوية من التاريخ كوسيلة لقيادة القطيع نقولها عن قناعة بان الاحداث التاريخية فتحت اوجه للتأويل والتفسير ضمن حركية التاريخ المقدس المتغاضي عنه، وهولاء الساسة ورجالات الدين انما يستقون منها احكامهم السبقية ويستدلون بها حين يقعون في مواقف تصعب على عقولهم المتبلدة تفسير اعمالهم العشوائية والفوضوية المؤدية الى الخراب واراقة الدماء، فمثلاً يورد ابن قتيبة الدينوري في كتابه الامامة والسياسة في الجزء الاول ،الصفحة السادسة والستين دليل تاريخي متأصل في حركية مفهوم السبقية، لكنه مازال مخفياً عن الانظار، وبعيد عن التداول بحجة التغاضي عن مابدر من الصحابة، يقول عمار بن ياسر لعائشة حين رأتها تبكي مقتل عثمان بن عفان، “امس كنت تحرضين عليه واليوم تبكينه، وفي السياق ذاته، نحن امام الحدث السبقي غير الخاضع للتأويل لكونه يمس المقدسات، تقول عائشة لطلحة ، وما لعلي يستولي على رقابنا، لا ادخل المدينة ولعلي فيها سلطان”، لعل الخوض في الامر ينتهك حرمة الحدث نفسه لكونه واضح المعالم، سواء من سياقه التاريخي او التأويلي، فالحكم السبقي على الحاضر والتكهن بالمستقبل جاء وفق مدلول حي ومباشر من التاريخ، فعائشة حكمت على علي بن ابي طالب بالفشل منذ لحظة مقتل عثمان بن عفان، وقررت التمرد على السلطة منذ الوهلة الاولى، فهل كان في فعلها ذاك نتائج محددة، التاريخ يقول لنا بان من نتائج ذلك الفهم والحكم السبقي على الحدث التاريخي “مبايعة علي بن ابي طالب” معركة الجمل ومقتل الالاف من الناس، اذا الرؤية السبقية لاتأتي من فراغ فالساسة الان، ورجال الدين الان، وكما كانوا في الامس، يستمدون لغاياتهم الروح من التاريخ ويوظفونه بحسب رؤيتهم للقطيع، وذلك ما يفرض ان الاتعاظ والعبرة من التاريخ غير ثابت على نحو محدد، انما هو اداة يستخدمها اصحاب الطموح السياسي والديني لتحقيق غاياتهم وغايات الاجندات التي يمثلونها، والا فان الحكم على اية تجربة من خلال الاستناد على ان التاريخ الدموي سيعيد نفسه قبل اعطاء الفرصة للتجربة الجديدة بالعمل وفق آلياتها التي تريد ان تثبت نفسها من خلالها، يكاد ان يكون تصحيفاً وخرقاً للمنطق العقلي والتاريخي معاً، ومن هنا لايمكن الاستناد على وقائع التاريخ بزمنيتها القديمة ومكانيتها القديمة وبيئتها المختلفة وعقليات اهلها المختلفة، واسقاطها على الحاضر الاني والتكهن بالمستقبل، لان تلك العقليات انما كانت تفكر بحدود زمنيتها ومكانيتها، لذلك لايجوز ان نعيد حكم عائشة مثلاً على السلطة لانها كانت ام المؤمنين وهي لم تحكم من منطق الحسد او الكره والبغض، انما لمصلحة المسلمين انذاك، ونأتي في عصر اخر ومكان اخر، نعيد رسم معالم السلطة وفق تقاليد ذلك الزمن، وحتى نعيد مفهوم المعارضة وفق تقاليد تلك الحقبة، فالامر ليس سيان والتاريخ هنا لايعيد نفسه الا قسراً فالعقول هي التي تكرر الحدث وفق معطيات لاتخدم الحاضر والمستقبل، ولذلك تسبق الاحكام الافعال والقرارات، وتؤدي في النهاية الى المزيد من الفوضى والخراب، وعلى ذلك الاساس فاننا نقول بأن التاريخ ذا طابع حركي مستمر لايتوقف عند معلم واحد، وسبب واحد، انما يتعداها ويعانق الافق حيث اللانهاية، ولايمكن لمن يحمل فكر ما قبل نصف قرن ان يقيس كل الاحداث على ما كان يتعامل معه اثناء تلك الحقبة، فالمتغيرات التاريخية تستوجب التعامل مع الحاضر والتكهن بالمستقبل والاعداد والتخطيط للاتي وليس اعادة فرض الماضي.
لا تعتمد كل الإعتماد على آراء الآخرين فالناس مزاجيون……وخاصة ماتصدر عن الاعداء الحاقدين…ومن آل ألعبيد……من لايعرفهم ومايكنون في صدورهم من الحقد الاعمى ضد كل منْ هوٓ كُرْدِيّ
تأثرت كثيرا بهذا الحديث الشيق وَالْمُمْتَازْ لَكِن مَعَ كُلِّ هَذَا أَلْتَقْدِيٓرْ تَبْقٓىٓ كٓمٓالْ لِلّه تَعَالَىٓ… حبَّذا كان يخلوا عن الحديث ألعبيدي لأن كل مساعٍ يَرْمي إِلىَ عٓٓلَآءْ وَسٌمّوُ وَطَبَائع وَعَبْقّرِيّةِ وَتٓوَفُقِهِ عَلَىٓ مْنْ سٓبٓقُوٌهٌ مِنْ أَلْمَشٓاهِيٓر وٓآلْشٌعٓرَاءِ أَلْكُوٌرْدْ تَكَاّدُ ضَرْبَةُٓ مُبْرِحَة وٓقٓآصِمّة تَكْسُرُ ظَهْرَ أوْتُقلَّلُ مَعْنَوِّيَاتِ أَلْكُورْدِيِّ وَبِالْتَالِيِ تَهْبُطُ ثِّقَةٓ طَبَقٓةٌ أٓلْمُثٓقٓفٓةُ أٓلْعٓصْرِيَّةِ أٓلتِيِ مَابَرُحٓتْ تَدْعُوٌا إِلٓىٓ تٓعْمِيّم وٓتٓفْضِيٓلْ وَ ضٓرْبُ أَلْأَمْثِلَةِ بِالْمَأثُرَاتْ وَآلْمٓنْشُوْرَاتِ أَلْأَجْنٓبِيَّةِ عَلَىٓ امثلتها ألْكُورْدُيَةُ ألْوَطَنِيَّةِ وَتَأرِيْخِهَا ألْشٓعْبِيَّةِ وَتِرَاثِهَا أَلْقٓوْمِيَّة عَرْضِّ ألْحٓائِطْ لكن لماذا ألْثِّفةُ بِالْنَفْسِّ ألْكُورْدِيَّ تَكَادُ حَلْقَةُ مَعْدُومَة وَفْقُودَة……وَأيَّاكَ بِثِقَةِ نٓفْسِكْ أيُّهَا ألْشَبَابِ الْكُورْدْ
الثقة في النفس
الثقة بالنفس أمر يدفع بصاحبه إلى التألق و النجاح ، فهي أقوى سبب يجعلك ذو مكانة مرموقة في المجتمع لأنها تُضاعف قوة شخصيتك ولا تسمح لأي شخص مُبتز أو مستفز أن يجلب الإحباط لك أو أن يُدخل السلبية لحياتك فأنت على يقين بأنك إيجابي لأنك لا تعتمد كل الإعتماد على آراء الآخرين فالناس مزاجيون في الصباح تجدهم يقفون معك أما في المساء ضدك ، و ان سعيت وراء إرضاء الناس فهم غاية لا تدرك ، احرص يا عزيزي أن ترضى بنفسك كما أنت فأهم شيء يُولِّد الثقة بالنفس هو تقبل ذاتك كما هي ، سؤال موجه لك هل تريد أن تصبح ناجحاً و قائداً لجيش عظيم ؟!
إذن ثق بنفسك فالقيادة لا تعطى إلاّ لشخص واثق بنفسه لأنه إن لم يثق بنفسه لا يوجد من يثق به
نصيحة أوجهها لفاقد الثقة بنفسه اسمعني يا صاح بقلبك ثم فكر بعقلك احفظ كيانك مستقلا و ابتعد عن السلبية فإنها تجلب لك العصبية و تأخذ بك الى المنية ، لذا كُن على يقين أن الثقة في النفس سلاح احفظه في ذاتك بينك وبين نفسك
علي بارزان
نعم أعرف ماوراء هذه المقالة واعترف له بأنه مفكر بارع وهو يريد أن يوصل رسالته الى آذان مستميعيه لاينطق هذا الكلام إلا من هو فيلسوف نعم انك حقآ فيلسوف الكوردي وما فهمته من رسالته وهو يشتكي اولا لنفسه ويتأسف على جملة من الهزائم من قبل بعض قادة الكورد الذين غامروا على الدماء الابرياء من قومهم من دون أن يراهنوا على حياتهم ولَم يكونوا مستعدين بتضحية أبنائهم وكلما شعروا بالخطر المحدق بهم وبأفراد عوائلهم رحلوا عن بلادهم وتركوا شعب كوردستان يدفعون ضرائب غبائتهم واتجهوا تارة نحو المشرف وتارة نحو الغرب
وبقي ماتركوا من الوارثين على نهجهم الانهزامي والا لماذا كارثة ٣١…1996……١٧ ١٠ ٢٠١٧……الخ
هل معقول مغامرة أخرى بعد آشبتال …1975
التاريخ الكوردي القديم والحديث مليء بالدروس والعبر التي يجب أن نستفيد منها لتقرير مصيرنا في الوقت الراهن.…
لم يكن الراحل البارزاني يفوت اي فرصة سلام تلوح له من اجل حقن الدماء و الوصول الى حل مع الحكومات العراقية ،اذا هو هكذا لماذا أعلن عن التجدد القتال…؟ انظروا رجاء الى ملف كركوك…ففي مسألة كركوك وفي الساعات الاخيرة من المفاوضات التي كانت تجري في بغداد في اذار عام ١٩٧٤ والاتفاق على الكثير من التفاصيل ، وافق الجانب العراقي على نظام للادارة المشتركة لمدينة كركوك ، وعند عرض الامر على القائد البارزاني رفض التوقيع على اية وثيقة توحي الى اي شك في كوردستانية كركوك او اي تنازل عن اية بقعة من ارض كوردستان ، لكن البارزاني قرر خوض غمار النضال المسلح الثوري من جديد ، وكان يعطي بذلك درسا للاجيال الكوردية اللاحقة بأن لا مساومة على الثوابت الكوردستانية مهما كلف ذلك من ثمن ، والموقف الذي تقفه القيادة السياسية الكوردستانية اليوم بكل فصائلها وقواها هو امتداد لنهج البارزاني الخالد في التعاطي مع متطلبات النضال .
وانسحاب البارزاني وقواته الى ايران وعودة الكثيرين الى العراق ، الا ان البارزاني ومنذ تلك اللحظة لم يغب عن باله ان يهيئ للثورة من جديد ، اذ كان يرى ان مرحلة انتهت لكن الكورد ما زالوا موجودين فقضيتهم اذن موجودة ولابد من المواصلة حتى ولو بعد حين.
مصطفى البارزاني سيبقى ذلك الرمز الخالد الذي ايقظ كوردستان من غفوتها ، وقاد نضالات شعبها في امر الظروف واحلكها ، والذي دعا وبأستمرار الى وحدة قوى كوردستان السياسية ، والتاخي بين كل مكوناتها القومية من كورد و تركمان وكلدواشوريين وارمن وعرب ، هو ذلك الرمز القومي الكبيرالذي وحد الهم الكوردي من اسوار دياربكر وديرسيم الى عيلام وكرمنشاه ومهاباد والقامشلي والسليمانية واربيل ودهوك.
انه ذلك الصقر الجبلي الذي يفرد جناحيه على جنبات وقمم جبال زاكروس رمزا شامخا للماضي وعناد الثوار ، ورمزا يقتدى لمرحلة الانتفاضة وتأسيس الادارة الحكومية الكوردستانية ، ونهجا للمستقبل الذي يحلم الكوردستانيون به جميعا …المستقبل الذي يرونه شعلة لم تخب يوما وظلت متوهجة في عيني البارزاني وقلبه وقلقه و تمرده وطيبة معشره وهو اقرار حق تقرير المصير لشعب كوردستان .
“في زمن الجوديين عندما اتحدت جميع القبائل الكردية، وانتصرت في معركة أومانمندا ضد الأكاديين، لتصبح تلك المعركة رمزاً لوحدة الشعوب الجودية، كما أن الميتانيين (الهوريين)، تمكنوا قبل 1500 عام قبل الميلاد عبر توحيد صفوفهم وبناء قوة عسكرية من بناء دولة كبيرة، كما تمكنوا من تحرير العديد من الشعوب المجاورة والانتصار على الفراعنة.
ولكن القادة الميتانيين وأفراد الأسرة المالكة اختلفوا على السلطة في عهد الملك ماتيوازا مما أدى إلى انهيار الدولة الميتانية.”
وأضاف أيضاً “في عهد الدولة الميدية تمكن الملك دياكو من توحيد سبع قبائل ميدية، وتمكن من بناء دولة قوية واسعة وطرد الآشوريين، وعقد تحالفات مع دول المنطقة، ولكن في زمن هاستياك 528 ق م، حدث خلاف بين استياك وهارباكوس وهو القائد العسكري للدولة الميدية، مما أدى إلى انهيار ميديا على يد الإمبراطورية الفارسية”.
وهناك أيضاً سلسلة أمثلة تاريخية أخرى منها ما حدث في عهد إدريس البتليسي الذي وحّد 21 من القبائل والعشائر الكوردية ولكنها انشغلت بالمصالح القبلية وعملت على خدمة العثمانيين، وكذلك في عهد الإمارة البدرخانية تمكن “الأمير بدرخان من تأسيس إمارة قوية عبر توحيد العشائر الكردية إلا أن يزدان شير وهو من الأسرة الحاكمة انقلب على الأمير بدرخان، وتمكن بمساعدة العثمانيين من القضاء على الإمارة، وفيما بعد انقلب العثمانيون على يزدان شير وانتهت الإمارة بشكل كامل
في عودة الى بدايات الستينات من القرن الماضي كان ثمة صحفيين اجانب اوروبيين واميركان يغامرون للوصول الى جبال كوردستان للاتصال بالثوار وقائدهم مصطفى بارزاني للتعرف منهم على هوية الكورد ومطالبهم وتفاصيل الثورة التي كانت كل الدول الاقليمية والدولية الاخرى تحاول خنقها بكل الاساليب القذرة من اجل مصالح خاصة . ومرة التقى احد هؤلاء الصحفيين باحد افراد البيشمركة وسأله : لماذا تحمل السلاح وتقاتل الحكومة العراقية ؟ فرد عليه: انني احمل السلاح دفاعا عن شعبي وعن وطني ومن اجل حرية كوردستان واستقلالها. وبعد ان التقى الصحفي بالمرحوم البارزاني قال له ان رجالك يدعون الى استقلال كوردستان ما رأيك ؟
فأجابه البارزاني الخالد ان الذي قال لك ذلك الكلام يحس بثقل ظلم كبير يعاني منه ، الا ترى ان له الحق في ان يتحررمن ثقل هذا الظلم؟
ومن هنا ايضا يمكن ان نفهم ان البارزاني لم يكن يركض نحو تبوأ مركز القيادة ..او بمفهوم اوضح .. نحو السلطة ، بل ان واجب القيادة في الليل الكوردي هو الذي كان يأتيه مفوضا من فقراء الكورد ، من الفلاحين والكسبة والعمال والطلبة نساء ورجالا الذين كانوا يرفضون الظلم ورأوا فيه ذلك الشخص الذي يمكن ان يقود شعب كوردستان نحو الحرية والديمقراطية والحياة الافضل ، فكان الكورد يعرفونه ويثقون به ليس كرئيس حزب بل كقائد شعب. اما اعداء البارزاني من حكام العراق انذاك وحكام الانظمة المجاورة التي حاربت الكورد وما زالت تمارس سياسات التامر والمراوغات والتهديد المباشر وغير المباشر ، فكانوا قد استولوا على مراكزهم بألف حيلة وخديعة ، بعد ان اذاقوا ابناء شعوبهم مر العذاب ، ولم تفدهم الالوان الفاقعة للديمقراطية المزيفة ، وادعاءاتهم الفارغة في الوطنية والدفاع عن الوحدة الوطنية وغيرها من الشعارات الفارغة التي تبين انها مجرد فذلكات و ثرثرة لا جدوى منها .
كان البارزاني الخالد طويل البال صبورا ومستعدا للحوار والتفاوض دائما ، مؤكدا من ان بندقيته ليست موجهة الى صدر الشعب العراقي او العربي بل موجهة الى من يقمع شعبه الكوردي ، ولذلك لم يأمر ابدا بتنفيذ اية عملية مسلحة يكون المدنيين ضحيتها ، وكان يستطيع ان يفعل الكثير لو اراد ، ولكن اخلاقيته الثورية الاصيلة و النظيفة ، وتربيته الوطنية الكوردية المتأصلة في ذاته وسلوكه لم تسمح حتى ان يفكر بتلك النوعية من الفعل العنيف ، واستمر النهج السليم نفسه فيما بعد وتحت قيادة الرئيس مسعود البارزاني الى الان ، وكلنا نعلم كيف ان الارهاب العنصري يقتل الكورد (المسلمين منهم او الايزدية او الشبك) في شوارع الموصل وكركوك وعلى الهوية حالهم حال الاخوة المسيحيين ، ولكن دون ان يكون هناك اي رد فعل عنيف من القيادة الكوردستانية خارج القانون في متابعة المجرمين الذين لا بد ان يأخذوا القصاص القانوني الذي يستحقونه اليوم او غدا . .
وفي المجال العسكري كان القائد البارزاني قد ارسى مدرسة قتالية خاصة بالبيشمركة الكوردستانية تعتمد ( حسب خبراء عسكريين) على البقاء في حالة الدفاع مع هجمات سريعة باستعمال تكتيكات حرب العصابات خارج المدن ، لانهاك العدو والحاق اكبر اذى به مع محاولة عدم اعطاء ضحايا في المواجهات ، والرد على هجمات العدو بكتائب صغيرة ، واتخاذ التدابير العسكرية لمنع القوات المعادية من الوصول الى المواقع الستراتيجية (قمم الجبال ، المضائق ، الجسور وغيرها) والقرى الامنة والمواقع الخاصة بالقيادة والادارة ، وقلما اعطى الاوامر لخوض حرب الجبهات الكبيرة عدا معركة هندرين التي شاركت فيها فصائل من الحزب الشيوعي بفعالية كبيرة اشار اليها الرئيس مسعود بارزاني في كتابة (البارزاني والحركة التحررية الكوردية) ، وفيما بعد كانت هناك معارك سه ري حسن بك( ١٩٧٤ – ١٩٧٥ ) التي كانت ايضا في احد جوانبها معارك دفاعية ، من اجل الدفاع عن حوض كلالة حيث المواقع الادارية للثورة ، وقد حشدت لها اعداد غفيرة من قوات البيشمركة ، كنت حينها اعمل في اذاعة الثورة وكنا نرى بأم اعيننا الاعداد الكبيرة من البيشمركة يأتون من جبهات اخرى ليلتحقوا برفاقهم على مرتفعات سه ري حسن بك حيث الحقوا بجيش النظام هزائم كبرى .
وقد تخرج الكثير من القادة الكورد من مدرسة البارزاني السياسية و القتالية وهم الان يحملون روحية تلك المدرسة العظيمة وقد تشربوا بفكر الكورداية تي و بالعلوم العسكرية الحديثة ايضا ، وهم ذخر الدفاع عن كوردستان عندما تحاول بؤر العنصرية والتخلف في المنطقة من اطلاق ثعابينها على فسحة الحياة والحرية والتقدم على ارض جنوب كوردستان.
لم يكن الراحل البارزاني يفوت اي فرصة سلام تلوح له من اجل حقن الدماء و الوصول الى حل مع الحكومات العراقية ، ولكن في الوقت نفسه كان حازما وحاسما عندما كان الموقف المبدئي يتطلب المواجهة ويرى ان الجانب الاخر يحاول الخداع واستثمار الوقت لصالحه ، لم يتهيب البارزاني ما تسميه القوى المعادية للكورد بالعقدة الكوردية غير القابلة للحل للسبب الجيوبوليتيكي الملعون ، ولم يتهيب من قوة وعدد وعدة خصوم شعبه ، كان واثقا من انه يقود شعبا مناضلا وطموحا وعنيدا وصابرا لا تهابه التضحيات الكبيرة ، ومعتدا بثبات ابنائه البيشمركة الاتين من الريف ومن المدارس والجامعات ومن اوساط العمال والكسبة في مواصلة مسيرة الدفاع عن شعبهم وتحقيق طموحاته القومية والديمقراطية ، ففي مسألة كركوك وفي الساعات الاخيرة من المفاوضات التي كانت تجري في بغداد في اذار عام ١٩٧٤ والاتفاق على الكثير من التفاصيل ، وافق الجانب
لم يدخر اعداء الشعب الكوردي سلاحا او سلوكا مشينا الا واستعملوه ضد الحركة الوطنية التحررية الكوردية ، وكانوا يحاولون ان ينفذوا فعلتهم هذه من خلال الاساءة الى شخص الزعيم الراحل مصطفى البارزاني ، لآنهم كانوا يدركون معنى الرمز مصطفى البارزاني في الضمير الكوردي .
، والبارزاني كان يفحص مكامن الولوج الى تلك الشبكة المعقدة من المصالح والتكتيكات واللعب السياسية التي كانت اميركا وحلفائها في المنطقة يديرونها ، يقول جوناثان راندل في كتابه (امة في شقاق -ترجمةفادي حمود -دار النهار ١٩٧٧ – صفحة ١٩٩) وهو يتحدث عن رغبة الشاه في دفع الكورد الى القتال عام ١٩٧٤ ما يلي :
(..لكن الشاه كان يدرك ان البارزاني لا يثق به، سيما وانهما يعرفان بعضهما منذ زمن بعيد) ويتحدث عن سبب عدم الثقة هذا فيعيده الى التاريخ الاسود لنظام الشاه ضد جهورية كوردستان الديمقراطية في مهاباد ١٩٤٦ ومواقف النظام نفسه ضد البارزانيين بعد سقوط الجمهورية الكوردية. ان هذه الاشارة تدلل على ان البارزاني كان يتحسب كثيرا لعلاقاته ولخطواته ، ولكن يبقى ان نقول ان وعد كيسنجر للبارزاني وتراجعه عنه في وقته ١٩٧٥ كان مراة للسياسة الاميركية في عهد نيكسون ، ولكن مع عظم المصيبة التي المت بالشعب الكوردي اثر مؤامرة الجزائر القذرة ، وانسحاب البارزاني وقواته الى ايران وعودة الكثيرين الى العراق ، الا ان البارزاني ومنذ تلك اللحظة لم يغب عن باله ان يهيئ للثورة من جديد ، اذ كان يرى ان مرحلة انتهت لكن الكورد ما زالوا موجودين فقضيتهم اذن موجودة ولابد من المواصلة حتى ولو بعد حين.
وفي السادس من اذار نفسه من عام 1975 تنازل صدام حسين في مؤامرة الجزائر الغادرة عن نصف مياه شط العرب واراض عراقية على حدود ايران الى شاه ايران فقط من اجل اعلان حصار اقليمي على الثورة الكوردستانية وذلك بعد ان عجز النظام كليا في مجابهة بيشمركة كوردستان في ميادين القتال . وفي الاول من اذار ايضا من عام 1979 وفي حدث احزن كل شعب كوردستان ، وبعيدا عن ارض الوطن ، لفظ القائد الخالد مصطفى بارزاني انفاسه الاخيرة راحلا بجسده عن هذه الدنيا بعد ان سجل لشعبه ماثر خالدة ومشرقة لايمكن ان تنسى ، لكن روحه الطاهرة ومبادئه بقيت خالدة في ضمير الاجيال الكوردية تنير لهم سبل المضي على درب المناضلين من اجل تحقيق كل اماني الشعب في التحرر واعادة كل المناطق المستقطعة الى الجسد الكوردستاني.
علي بارزان